الأرمن و صباغة الأقمشة المصرية.
صفحة 1 من اصل 1
الأرمن و صباغة الأقمشة المصرية.
الأرمن و صباغة الأقمشة المصرية.
بقلم الدكتور محمد رفعت الإمام
آريف عدد رقم 45 – سبتمبر 2001
................................
مثلت صناعه النسيج بؤره الثورة الصناعية و إذا كان التفوق الاقتصادي العالمي كان للصين وفارس في صناعه الأقمشة الحريرية خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر فكذلك كان التفوق الهندي في صناعه الأقمشة القطنية خلال القرن الثامن عشر . لقد كان الهنود منتجين لأجود أنواع الأقمشة القطنية وأقلها تكلفه . وتميز إنتاج المنسوجات في الهند بعلاقاته الواسعة بكل من الصناعات الزراعية و صناعه المعدات والآلات و النقل والصناعات الكيميائية للأصباغ النباتية و الصناعات الكيميائية المستخلصة من المعادن و يورد كتاب مغولي قائمه تتضمن سبعه و سبعين عمليه مختلفة لإنتاج خمس و أربعين عمليه مختلف لإنتاج خمس و أربعين درجه من درجات الألوان.
وقد شهدت التجارة الشرقية (تجاره البحر الأحمر ) تحولا كبيرا خلال القرن السابع عشر حيث تحولت من تجاره التوابل إلى تجاره الأقمشة القطنية الهندية وتجاره البن اليمنى ،و قد شهدت أسواق الدولة العثمانية و أوروبا إقبالا شديدا و طلبا متزايدا على المنسوجات القطنية التي من اجل رخصها و متانتها وزهاء ألوانها فضلا عن قابليتها للغسيل تكرارا صارت موضع التهافت الشديد لدى الأثرياء و الطبقات الوسطى في جميع جنبات العالم .
في هذا الصدد يلاحظ أن الأرمن الذين جاء بهم سلاطين المماليك كأسرى إلى مصر بعد سقوط قيلقيه (أرمينيه الصغرى) في عام 1375م و قد عملوا في صناعه السجاد الفاخر بأسيوط و نظرا لجودته سمى السجاد الأرمني . وبرعوا أيضا في صناعه الصبغة الحمراء بأشمون .
و منذ أواخر القرن السابع عشر سعت مصر إلى جلب و تعلم تقنيات الصباغة الهندية و في هذا الخصوص استفادت من الجاليات الأرمنية في الهند (لاسيما البنغال) و فارس . إذ هاجر بعضهم إليها ابتغاء تحقيق مكاسب ماديه أوفر من وراء إدخال هذه التقنية التي تزايد عليها الطلب في مصر . و كان من بين خمسه حرفيين يتقنون فنون هذه الحرفة ثلاثة من الأرمن وهو ما توضحه الوثيقة كما توضح حرص هؤلاء الحرفيين على عدم تعليم أيه صبيه لهذه الحرفة ؛حتى يحتكروها بهدف تحقيق أكبر الفوائد المالية من وراء ذلك ،و حتى يضمن هؤلاء الصباغين الحماية كان عليهم أن يدخلوا تحت سيادة ورعاية شيخ طائفة الصباغين في مصر الذي كان راغبا في احتكار بيع جميع إنتاجهم شريطه عدم بيعهم شخصيا لأيه منتجات مصبوغة من إنتاجهم في السوق .
وهكذا يمكن فهم تطور عمليات الصناعة وصباغه المنسوجات في مصر في القرن الثامن عشر حيث كانت مصر تتجه لجلب واكتساب التقنيات الهندية و هو ما كان يفعله الانجليز و الفرنسيون أيضا و قد قام الأرمن على ما يبدو بدور مهم في نقل هذه التقنيات إلى مصر.
.......................................................................................................
بقلم الدكتور محمد رفعت الإمام
آريف عدد رقم 45 – سبتمبر 2001
................................
مثلت صناعه النسيج بؤره الثورة الصناعية و إذا كان التفوق الاقتصادي العالمي كان للصين وفارس في صناعه الأقمشة الحريرية خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر فكذلك كان التفوق الهندي في صناعه الأقمشة القطنية خلال القرن الثامن عشر . لقد كان الهنود منتجين لأجود أنواع الأقمشة القطنية وأقلها تكلفه . وتميز إنتاج المنسوجات في الهند بعلاقاته الواسعة بكل من الصناعات الزراعية و صناعه المعدات والآلات و النقل والصناعات الكيميائية للأصباغ النباتية و الصناعات الكيميائية المستخلصة من المعادن و يورد كتاب مغولي قائمه تتضمن سبعه و سبعين عمليه مختلفة لإنتاج خمس و أربعين عمليه مختلف لإنتاج خمس و أربعين درجه من درجات الألوان.
وقد شهدت التجارة الشرقية (تجاره البحر الأحمر ) تحولا كبيرا خلال القرن السابع عشر حيث تحولت من تجاره التوابل إلى تجاره الأقمشة القطنية الهندية وتجاره البن اليمنى ،و قد شهدت أسواق الدولة العثمانية و أوروبا إقبالا شديدا و طلبا متزايدا على المنسوجات القطنية التي من اجل رخصها و متانتها وزهاء ألوانها فضلا عن قابليتها للغسيل تكرارا صارت موضع التهافت الشديد لدى الأثرياء و الطبقات الوسطى في جميع جنبات العالم .
في هذا الصدد يلاحظ أن الأرمن الذين جاء بهم سلاطين المماليك كأسرى إلى مصر بعد سقوط قيلقيه (أرمينيه الصغرى) في عام 1375م و قد عملوا في صناعه السجاد الفاخر بأسيوط و نظرا لجودته سمى السجاد الأرمني . وبرعوا أيضا في صناعه الصبغة الحمراء بأشمون .
و منذ أواخر القرن السابع عشر سعت مصر إلى جلب و تعلم تقنيات الصباغة الهندية و في هذا الخصوص استفادت من الجاليات الأرمنية في الهند (لاسيما البنغال) و فارس . إذ هاجر بعضهم إليها ابتغاء تحقيق مكاسب ماديه أوفر من وراء إدخال هذه التقنية التي تزايد عليها الطلب في مصر . و كان من بين خمسه حرفيين يتقنون فنون هذه الحرفة ثلاثة من الأرمن وهو ما توضحه الوثيقة كما توضح حرص هؤلاء الحرفيين على عدم تعليم أيه صبيه لهذه الحرفة ؛حتى يحتكروها بهدف تحقيق أكبر الفوائد المالية من وراء ذلك ،و حتى يضمن هؤلاء الصباغين الحماية كان عليهم أن يدخلوا تحت سيادة ورعاية شيخ طائفة الصباغين في مصر الذي كان راغبا في احتكار بيع جميع إنتاجهم شريطه عدم بيعهم شخصيا لأيه منتجات مصبوغة من إنتاجهم في السوق .
وهكذا يمكن فهم تطور عمليات الصناعة وصباغه المنسوجات في مصر في القرن الثامن عشر حيث كانت مصر تتجه لجلب واكتساب التقنيات الهندية و هو ما كان يفعله الانجليز و الفرنسيون أيضا و قد قام الأرمن على ما يبدو بدور مهم في نقل هذه التقنيات إلى مصر.
.......................................................................................................
عطا درغام- Admin
- عدد المساهمات : 923
تاريخ التسجيل : 24/04/2009
مواضيع مماثلة
» الأرمن وتكريم الثقافة المصرية
» يعقوب آرتين والجامعة المصرية
» موقف الحكومة المصرية من أيتام الأرمن
» هل رسم دمرجيان الموناليزا المصرية
» آرتين باشا والثقافة المصرية
» يعقوب آرتين والجامعة المصرية
» موقف الحكومة المصرية من أيتام الأرمن
» هل رسم دمرجيان الموناليزا المصرية
» آرتين باشا والثقافة المصرية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء 8 سبتمبر 2020 - 19:40 من طرف عطا درغام
» نادر المشد..زارع الألغام في حرب النصر
الجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:41 من طرف عطا درغام
» محمد أبو النور سماحة...صانع كباري النصر
الجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:38 من طرف عطا درغام
» معروف طويلة.... رجل من زمن تصنع فيه الشدة الرجال
الجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:35 من طرف عطا درغام
» يوم خيم الظلام بسواده علي القرية
الجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:26 من طرف عطا درغام
» ديسمبر الأسود في جديدة المنزلة
الجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:22 من طرف عطا درغام
» الكوليرا في جديدة المنزلة عام 1947 وفصل من تاريخ مآسي القرية في عصور الأوبئة
الجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:21 من طرف عطا درغام
» يوسف ضبيع ... العمدة الشعبي لجديدة المنزلة
الخميس 20 يونيو 2019 - 21:11 من طرف Admin
» تاريخ الثقافة في جديدة المنزلة
الإثنين 17 يونيو 2019 - 20:32 من طرف Admin
» مفردات رمضان في جديدة المنزلة
الإثنين 17 يونيو 2019 - 20:31 من طرف Admin