معروف طويلة.... رجل من زمن تصنع فيه الشدة الرجال
صفحة 1 من اصل 1
معروف طويلة.... رجل من زمن تصنع فيه الشدة الرجال
معروف طويلة.... رجل من زمن تصنع فيه الشدة الرجال
.................................................................
.أؤمن بالمقولة التي تقول:"من ليس له ماض ليس له حاضر، ومن لم يتعلم من ماضيه فلن يصنع مستقبله"....
هل فكر أحد في ماضيه..ليس المقصود هنا الماضي بصفة عامة، فجميعنا يعلم الماضي ويعرف تاريخ وطنه..فالماضي هنا هو ماضي جديدة المنزلة بحلوه ومره، ورجالها الذين صنعوا هذا الماضي وشاركوا فيه.
ما الذي يمنعك أن تستدعي هذا الماضي...؟ وما الذي يمنعك ان تعرف رجال هذا الماضي....؟ لن يكلفك هذا كثيرًا من وقتك، من أن تسأل عن هؤلاء..لو كنا حاولنا؛ لتغيرت أشياء كثيرة في حياتنا....!!!!
وكم مرت بقريتنا أحداث جسام تطلب منا أن نقف عندها....نبحث فيها ونتعلم منها،لكن هل نفعل ذلك..؟...بالطبع لا...لا نفعل ونجلس أمام فيس بوك، ونتقمص دور المحللل السياسي والمخبر الصحفي والمؤرخ ...إلخ، ونصدر أحكامًا ظالمة علي ماضينا ونتهم أجدادنا بأحكام تنوء عن حملها الجبال دون أدني تقدير للظروف التي مر بها أجدادنا والمتغيرات من حولهم،وكأن بأيديهم فعل شيء ولم يفعلوا....!!!
إننا بهذا نظلمهم، فلولا أعمالهم وتضحياتهم لم شعرنا بالأمان من حولنا..فالتفجيرات في كل مكان في العالم ، ومناطق تشهد عدم استقرار، وأصدقاؤنا في سوريا والعراق وليبيا يحسدوننا علي الاستقرار الذي نعيشه.
وهناك رجال يتلقون الضربات عنك ، ويفتحون صدورهم لرصاصات غادرة وتفاجئهم من أماكن غير معلومة، ويواجهون انتحاريين مدفعوين بعقيدة خادعة.....
عيون ساهرة تحرس في سبيل الله، وتحمي الوطن وتمنع عنك الأذي ؛كي نهنأ نحن ونسهر الليل علي فيس بوك ونتقمص دور المحلل العسكري ونوجه لهم انتقادات علي فشلهم في رد الهجوم حتي استشهادهم..متهمين القيادة السياسية بالتراخي في التعامل دون أن نعلم شيئًا عن المؤامرات التي تُحاك ضدنا شرقًا وغربًا، وننساق وراء أبواق مسعورة تنهش في قلب الوطن ، ولا تريد لمصر أمانًا ولا استقرارًا.
فلا نكون أحد هذه الأبواق ومعولًا من معاول هدم الوطن ونساعد هؤلاء بغير وعي في إشاعة الفوضي ونشر الشائعات وزعزعة ثقة الشعب في مؤسساته التي هي إحدي دعائم استقرار هذا الوطن.
هؤلاء الأبطال والشهداء حملوا الراية من رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه في التضحية والفداء من أجل هذا الوطن العظيم الذي يحتاج منا الكثير.
هذا رغم الكبوات والمعاناة التي نعانيها الآن من بعض المشكلات..هذا كله ليس شيئًا أمام الماضي بكل مآسيه..حمله رجال بكل آلامه، ونحن لا نعلم عنهم شيئًا...!!!
وسنقترب من هؤلاء الرجال لنسرد في الصفحة الثالثة من كتاب البطولات التي وعدناكم أن تمتليء بها صفحاته بحكايات عن أبطال جديدة المنزلة في حروب مصر والعرب في العصر الحديث.
وبطلنا اليوم رجل قليل الكلام..كثير الصمت، حاولت الاتصال به كثيرًا فلم أفلح..فهو لا يحب النبش في الماضي...فهوبالنسبة له مجرد صفحات مطوية ، لكنه لم يستطع الهروب من هذا الماضي..فإذا هو حاول إخفاءه؛ فالتاريخ لا يرحم ولا يُخفي شيئًا.
حاولت الاتصال بابنه محمد مرارًا؛فأعطاني تليفونه كي أحادثه مباشرة..لكن الرجل نفسه يرفض فكرة الحديث من أساسه..فكيف أتصل به...؟ واخبرني ان والده غير مقتنع بفكرة الحديث، وما جدوي ان يتحدث عن الحرب وعن تاريخ قد مضي؟..وانفعلت علي محمد بان أباك ليس من حقه الصمت؛ بل لا بد أن يتكلم، ولا يجب أن نطوي صفحة مهمة من صفحات بطولات أبناء جديدة المنزلة....لا بد أن تفخر بأبيك؛ كونه جندي شارك في الدفاع عن هذا البلد...فهذا شرف لا يُدانيه شرف ووسام علي صدورنا نفخر به جميعًا نحن أبناء جديدة المنزلة.
وانتظرت فترة حتي أعاود الاتصال مرة أخري، وعندما بدات في الموضوع الكوليرا والحصول علي شهادات معاصريها وهو منهم؛ فأرسلت أسئلة الكوليرا علي بريد ابنه محمد...تفاجأت بان محمد يرد علي وانه مع أبيه ويجيب ه علي الأسئلة...لم أصدق خبرًا وبدأت معه قبل العصر بساعة وهو يسترسل في الإجابات حتي انتهت الأسئلة.
ولم أرد أن أُنهي الحديث، ودفعني الفضول إلي الدخول في موضوع مشاركته في حربي اليمن و1967.وانتظرت بعد العصر....أُرسل السؤال ومحمد يعرضه علي والده ويكتب الإجابة.
لم أصدق نفسي في إنجاز موضوع كنتي تمني الاقتراب منه والحصول علي شهادة هذا الرجل والكتابة عنه..ولا أخفي عليكم انني كنت مستفزًا جدًا في بعض الأسئلة حتي كاد الرجل يغلق باب الحوار وعلي حد قول ابنه محمد:" الراجل جاب آخره".
وتمكنت من فتح صندوق الذكريات ؛ لنتعرف علي تاريخ أحد الأبطال في الحروب وعلي الصعوبات والمآسي التي تعرض له وهو ورفاقه في هذه الحروب...ومن خلال الحوار استطعت أن أُسرد روايته في هذا الموضوع:
الاسم: معروف عبده حسن طويلة
تاريخ الميلاد:27/5/1938
سنة التجنيد: 1959
..............................................
وكانت بداية الحكاية.....حرب اليمن....!!!!
...............................................
في السادس والعشرين من سبتمبر عام 1962 ، اندلعت الثورة في اليمن بزعامة عبد الله السلال ضد حكم الإمام ، استنجدت الثورة بمصر لتعاونها في إنجاح الثورة وإسقاط حكم الأئمة في اليمن....واستجاب الرئيس جمال عبد الناصر ؛ فأرسل أعدادًا كبيرة من الجيش المصري لمساندة الثورة اليمنية
رغم المجهول الذي عاشه الجنود. ... والصعوبات ومواجهة المجهول هناك في اليمن؛ وذلك للطبيعة الجبلية في اليمن مما شكل عقبة كبيرة في وجه الجيش المصري الذي اعتقد بسهولة المهمة...
أيام قليلة ويتم إسقاط حكم الإمام، لكن الأمور أكبر من مجرد ثورة....وقفت قوي خارجية وعوامل داخلي من أجل توسيع دائرة الحرب ودفع الجيش المصري إلي المجهول، وعزله تمامًا عن الأحداث في الشرق الأوسط لصالح قوي الظلام التي لا تريد لمصر نهوضًا ولا انطلاقًا...وذلك بعد تبني مصر الحركات التحررية الثورية في الشرق الأوسط ، وكذا القومية العربية التي نادي بها عبد الناصر.
وقد شارك بطلنا معروف طويلة مع الجيش المصري في مساندة الثورة اليمنية ، جنبًا إلي جنب مع رفاقه من أبناء جديدة المنزلة: الحاج محمد علي الأمير( نسيم)، والحاج محمد الصاوي الحواوشي والحاج محمد الحواوشي والحاج محمد سليمان درغام في القوات البحرية..وغيرهم من أبناء جديدة المنزلة الذين ساندوا الحركات التحررية في الوطن العربي وإفريقيا.
رغم المجهول الذي عاشه هؤلاء الأبطال إلا أنهم صمدوا وتحملوا آلام البعد عن الوطن وعن الأهل، وانقطاع كل وسائل الاتصال بينهم وبين أهاليهم.....إنها الحرب التي تُبعدك عن الأهل والأحباب لأداء الواجب.
لن نُطيل في الحديث عن حرب اليمن؛ لأن الجدل حولها كثير وعن أسباب قيام الحرب وإشراك الجيش المصري في حرب لا ناقة له فيها ولا جمل.
أكثر من خمس سنوات؛ ليدخل علي الفصل الثاني من مؤامرة استدرج الجيش المصري التي صيغت حبكتها بإحكام لتصفية الجيش المصري.
.....................................................
الفصل الثاني من المؤامرة......ونكسة يونيو 1967
.....................................................
أكاد أشعر به وهو يقص علي ابنه آلام ومرارة الهزيمة، وأسوأ ما يتعرض له إنسان في حياته من ذكريات أليمة تظل محفورة في الذاكرة.
لم يلتقط الجيش أنفاسه في مجاهل اليمن؛ حتي استدرجته قوي الشر والظلام ودعاة الصهيونية للحرب اللعينة علي أرض سيناء..لم تستمر الحرب طويلًا؛ إذ تحطمت كل مقدرات الجيش المصري علي الأرض تمامًا، وأصبح الجيش المصري مكشوفًا بلا غطاء أمام الطيران الإسرائيلي .
وعلي حد قول الحاج معروف:" لو كان كل جندي تقدم للأمام وضرب طلقة واحدة لتغير الحال تمامًا"..لكن ، هكذا الحروب وكواليس السياسة التي تجبر الساسة علي اتخاذ قرارات قد نعتبرها ظالمة، ولكن المتغيرات الدولية والظروف السياسية تجبرهم علي اتخاذ قرارات قد لا تُرضي شعوبهم.....ونحن جلادون لا نرحم..قساة في إصدار أحكامنا.
فتحت صفحة وجرحًا ترك أثرؤه لدي بطلنا ؛ لأنني أفتح صفحة حزينة في تاريخنا وماضي حزين..لكن الماضي بسواده انقشعت ظلمته وكشف نوره نصر أكتوبر العظيم بسواعد أبطالنا.
وفي إحدي المسرحيات التي عرضتها في مسرح المدرسة أتناول فيها بطولات الجيش المصري كان هذا المقطع من أحد المشاهد لتلخيص ما حدث في نكسة 67 :
الراوي
نقول خدعونا
ولا إحنا اللي خدعنا نفسنا
وافتكرنا إن إحنا قدهم
وعشنا في حلم وعيشونا فيه
قال أيه بكرة تدخلوا تشربوا الشاي في تل أبيب(*) ( تغيير الجملة إلي تدخلوا تل أبيب)
.. طلعوا هما اللي شربوا الشاي في سينا(**) ( تغيير الجملة إلي دخلوا سينا )
( يدخل جندي بملابس رثة ممزقة تدل على آثار المعركة ويسير مترنحا ..ويقع ..ويزحف حتى مقدمة المسرح.......ويخاطب الجمهور )
الجندي
إحنا ما اتهزمناش ..
لأننا أصلا ما حاريبناش
أوعوا في يوم تظلمونا ..
قالوا لنا حاربوا
قلنا موش مستعدين ..
رحنا نحارب
لقينا في سينا حاجة تانية
واللي فلت من طيارات العدو
مات من الحر في رمله سينا
بس إدونا فرصة تانية
وانتووا هتعرفوا مين هو الجندي المصري
واوعوتفقدوا الثقة فينا
وسينا هترجع بإذن الله
وسينا هترجع بإذن الله
.........................
جمل قصيرة لخصت الوضع في حرب 1967...فالجيش لم يحارب ، ولا نظلم الجندي المصري ونحمله فوق طاقته، ورغم الظروف التي تكالبت عليه ؛ إلا أنه عاد أكثر صلابة وتصميمًا علي تحرير الأرض ومحو عار هذه الهزيمة.....فالتاريخ لا يرحم....!!!!
.........................................
مآس....وآلام في صحراء سيناء
....................................
وإلي الفصل الثالث من فصول المؤامرة والفخ الذي نصبه المتآمرون؛ لكسر إرادة وتصفية الجيش المصري..لكن الأسد المنهك تكثر حوله الأرانب وتشكل حوله قوة، والأسد لا حول له ولا قوة أمام مؤامرات صاغتها قوي الشر العالمية التي لا تريد لمصر نهوضًا.
ويُيستدرج الجيش المصري إلي صحراء سيناء تاركًا أرض اليمن وثورتها للدفاع عن الأرض ومواجهة جحافل الصهاينة في سيناء....لكن المواجهة غير متكافئة؛ إذ انتشر الجيش المصري كله في سيناء ؛ لكسر شوكة الصهاينة مغتصبي الحقوق العربية وزريعة قوي الشر الغربية..وهم علي موعد جديد لتحقيق نصر يُضاف إلي سجلات البطولات المصرية.
لكن أمرالله- عز وجل- وإرادته في هذه الجولة قد نفذا، وعلينا ان نأخذ بالأسباب؛ فالحرب خُدعة ومن يسيطر علي الجو يسيطر علي أجواء المعركة وتُحسم لصالحه.
وتحطمت جميع طائراتنا علي الأرض، وحسم الطيران الإسرائيلي المعركة قبل أن تبدأ، وسيطر علي جميع أجواء سيناء، والطائرات تحلق فوق رءوس جنودنا في..ودب الرعب في الأوصال ليس من ضربات العدو، ولكن الخوف من المجهول الذي ينتظر هذا البلد.
ومما زاد الألم علي هؤلاء الأبطال هو قرار الانسحاب المفاجيء لجميع قواتنا من سيناء؛ فسيطرت العشوائية و زهرة شباب مصر في صحراء سيناء...بدلًا من ان تصارع العدو الإسرائيلي صارعت المجهول في سيناء.
إن أفلتت من مواجهة الكتائب الإسرائيلية التي تعاملت مع من وقع تحت أيديهم من الأسري المصريين بلا رحمة؛ فلن تنجو من الوحوش الجائعة في مواجهة فرائس ضعيفة...وإن أفلتت من تلك الوحوش فلن تفلت من الجوع والعطش..ولن تستطيع السير في وهج الشمس وحرها اللافح في شهر يونيو.
قد يشاء قدرك أن تجد شجرة تستظل بظلها، وإن كنت سيء الحظ فالموت ينتظرك لا محالة ....ومهما كتبت وعددت صور معاناة الجنود المصريين في صحراء سيناء ، فلن أستطيع أن أصور الأهوال والآلام والعذابات التي تعرض لها جنودنا في صحراء سيناء.
والقصص كثيرة ويكفي ان تفتح الشبكة الإليكترونية ،وتقرأ الكثير عن هذه الاهوال؛ ما بين أسر وكيف تعامل هؤلاء الأوغاد مع الأسري المصريين...؟ ومنهم بعض أبناء جديدة المنزلة..فمنهم الذي عاد مع تبادل الأسري،....... ومنهم من مات تحت وطأة التعذيب.... ومنهم من فُقد ......ومنهم من مات من الجوع والعطش ومن الحرارة الشديدة في سيناء.
آلام وأهوال يحكيها الحاج معروف طويلةن وكيف كان الجنود يتخلصون من كل متعلقاتهم وأسلحتهم وكل ما يعوق حركتهم عن السير، وويسرعوا ليكونوا بعيدين عن مرمي الهدف الإسرائيلي الذي اخذ يطار د الجنود المصريين في سيناء...
كانوا مشتتين ومطاردين في الصحراء ، يبحثون عن مأو لهم في النهار من ذئاب جائعة تبحث عنهم لتفتك بهم..لكن هيهات لؤلاء الضعفاء، فلم ينج منهم إلا القليل..فقد كانوا يقطعون المسافة بصعوبة بالغة رغم الجوع والعطش..حتي أن بعضهم- علي حد قوله- عندما يري شجرة يجري مسرعًا ويجلس تحتها من شدة التعب ، ويرفض استكمال المسير صارخًا:
سيبوني هنا
خلاص
أنا تعبت
موش قادر
أنا هموت هنا
فيعجزون عن إقناعهن وكان البعض الآخر الذين يملكون بعضا من القوة رغم شدة تعبهم كانوا يحملونهم بانفسهم ؛ لأن البلد في حاجة إلي أولادها في وقت الشدة ..وكما يذكر بطلنا أنهم ظلوا في الصحراء يصارعون المجهول أربعة أيام أو اكثر في صحراء سيناء، وسقط الكثير من زملائه أمام عينيه.
ورغم ما تعرضنا له ..لكن الحرب جولات فيها انتصارات وهزائم...وإن كنا خسرنا هذه الجولة ؛ فلا بد أن نعود أقوي لمحو هذا العار الذي لحق بنا....كجنود لم تحارب وعلينا أن نستفيد من الماضي ونصحح أخطاءنا.
ويؤكد الجندي المصري دوره البطولي المعروف عنه في التاريخ...وأنه لم يعرف الانسحاب، وأن هذا الانسحاب أُكره عليه وفرضته عليه الظروف للحفاظ علي البلد في ذلك الوقت.
إن الجندي المصري لم يدخل اختبارًا حقيقيًا، والاختبار الحقيقي بدأ مع حرب الاستنزاف التي أقلقت مضاجع العدو الإسرائيلي ،وجعلته يفقد صوابه ، ويلجأ إلي ضرب المدنين في مصنع أبي زعبل والأطفال الأبرياء في مدرسة بحر البقر...يهربون من مواجهة الرجال إلي الضرب في المدنيين العزل من السلاح.
ويؤكد الحاج معروف: أن الجندي المصري بطل مهما كانت الظروف..ورغم أن الضربة في 67 كانت موجعة ؛ لكنها لم تقصم ظهره ولم تقض عليه...بل قوته ، وجعلته أكثر تصميمًا علي المواجهة والثأر ، والدخول في اختبار حقيقي.
ومع نهاية الحرب ، يُسدل الستار علي صفحة بطلنا معروف طويلة الذي انتهت فترة خدمته للقوات المسلحة المصرية، ويسلم الراية لرفاقه في القوات المسلحة ويستكملوا تحرير الأرض وتحقيق النصر.
كلمات قليلة ذكرها لنا بطلنا في حوار لم يستمر أكثر من ساعتينن وكان الوسيط بيني وبينه نجله محمد ، إلا أنني استطعت الحصول علي ما أريد .... وجعلت هذا البطل يفتح لي قلبه ويتكلم ، ونضيف اسمه إلي سجل البطولات في جديدة المنزلة جنبًا إلي جنب مع الأبطال الذين استطعنا أن نكتب عنهم في فصول سابقة.
والأبطال الذين سنتحدث عنهم لاحقا أمثال: الحاج محمد علي الأمير( نسيم) وقد تفضل مشكورُا الأستاذ محمد عبده الأمير بدور الوسيط بيني وبينه في التحاور معه بواسطة الأسئلة المعدة سلفًا ... ويتبقي فقط كتابة الموضوع.
وهناك أيضًا الحاج محمد سليمان درغام .......والحاج محمد الحواوشي..... والحاج أحمد محمد الإمام الحواوشي .....والحاج محمد الصاوي الحواوشي.
وكنا في فترات سابقة تناولنا موضوعات عن شخصيات وأشرنا لها عن دورها في بعض الحروب أمثال : ( الحاج بدوي المشد- الأستاذ حسن عجوة- الحاج أسعد الغيطاني) وسنتناول دورهم في الحروب في موضوعات لاحقة .
ولن نكتفي بالكتابة عن هؤلاء الأبطال؛ بل الكتابة عن كل من شارك في الحروب وسنتحدث عن دوره وبطولاته، وكل من سجل اسمه بأحرف من نور في سجلات الفخر والشرف في جديدة المنزلة.
وسنحاول الاتصال ببعض هؤلاء الأبطال ليحدثوننا عن دورهم البطولي ، وكذا البحث عن كل الأبطال في جديدة المنزلة
.................
وفي النهاية أتقدم بأسمي آيات الشكر للأستاذ/ محمد معروف طويلة الذي كان خير عون لي في خروج هذا الموضوع إلي النور وقيامه بدور الوسيط بيني وبين والده تحاور فيها معه .
.................................................................
.أؤمن بالمقولة التي تقول:"من ليس له ماض ليس له حاضر، ومن لم يتعلم من ماضيه فلن يصنع مستقبله"....
هل فكر أحد في ماضيه..ليس المقصود هنا الماضي بصفة عامة، فجميعنا يعلم الماضي ويعرف تاريخ وطنه..فالماضي هنا هو ماضي جديدة المنزلة بحلوه ومره، ورجالها الذين صنعوا هذا الماضي وشاركوا فيه.
ما الذي يمنعك أن تستدعي هذا الماضي...؟ وما الذي يمنعك ان تعرف رجال هذا الماضي....؟ لن يكلفك هذا كثيرًا من وقتك، من أن تسأل عن هؤلاء..لو كنا حاولنا؛ لتغيرت أشياء كثيرة في حياتنا....!!!!
وكم مرت بقريتنا أحداث جسام تطلب منا أن نقف عندها....نبحث فيها ونتعلم منها،لكن هل نفعل ذلك..؟...بالطبع لا...لا نفعل ونجلس أمام فيس بوك، ونتقمص دور المحللل السياسي والمخبر الصحفي والمؤرخ ...إلخ، ونصدر أحكامًا ظالمة علي ماضينا ونتهم أجدادنا بأحكام تنوء عن حملها الجبال دون أدني تقدير للظروف التي مر بها أجدادنا والمتغيرات من حولهم،وكأن بأيديهم فعل شيء ولم يفعلوا....!!!
إننا بهذا نظلمهم، فلولا أعمالهم وتضحياتهم لم شعرنا بالأمان من حولنا..فالتفجيرات في كل مكان في العالم ، ومناطق تشهد عدم استقرار، وأصدقاؤنا في سوريا والعراق وليبيا يحسدوننا علي الاستقرار الذي نعيشه.
وهناك رجال يتلقون الضربات عنك ، ويفتحون صدورهم لرصاصات غادرة وتفاجئهم من أماكن غير معلومة، ويواجهون انتحاريين مدفعوين بعقيدة خادعة.....
عيون ساهرة تحرس في سبيل الله، وتحمي الوطن وتمنع عنك الأذي ؛كي نهنأ نحن ونسهر الليل علي فيس بوك ونتقمص دور المحلل العسكري ونوجه لهم انتقادات علي فشلهم في رد الهجوم حتي استشهادهم..متهمين القيادة السياسية بالتراخي في التعامل دون أن نعلم شيئًا عن المؤامرات التي تُحاك ضدنا شرقًا وغربًا، وننساق وراء أبواق مسعورة تنهش في قلب الوطن ، ولا تريد لمصر أمانًا ولا استقرارًا.
فلا نكون أحد هذه الأبواق ومعولًا من معاول هدم الوطن ونساعد هؤلاء بغير وعي في إشاعة الفوضي ونشر الشائعات وزعزعة ثقة الشعب في مؤسساته التي هي إحدي دعائم استقرار هذا الوطن.
هؤلاء الأبطال والشهداء حملوا الراية من رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه في التضحية والفداء من أجل هذا الوطن العظيم الذي يحتاج منا الكثير.
هذا رغم الكبوات والمعاناة التي نعانيها الآن من بعض المشكلات..هذا كله ليس شيئًا أمام الماضي بكل مآسيه..حمله رجال بكل آلامه، ونحن لا نعلم عنهم شيئًا...!!!
وسنقترب من هؤلاء الرجال لنسرد في الصفحة الثالثة من كتاب البطولات التي وعدناكم أن تمتليء بها صفحاته بحكايات عن أبطال جديدة المنزلة في حروب مصر والعرب في العصر الحديث.
وبطلنا اليوم رجل قليل الكلام..كثير الصمت، حاولت الاتصال به كثيرًا فلم أفلح..فهو لا يحب النبش في الماضي...فهوبالنسبة له مجرد صفحات مطوية ، لكنه لم يستطع الهروب من هذا الماضي..فإذا هو حاول إخفاءه؛ فالتاريخ لا يرحم ولا يُخفي شيئًا.
حاولت الاتصال بابنه محمد مرارًا؛فأعطاني تليفونه كي أحادثه مباشرة..لكن الرجل نفسه يرفض فكرة الحديث من أساسه..فكيف أتصل به...؟ واخبرني ان والده غير مقتنع بفكرة الحديث، وما جدوي ان يتحدث عن الحرب وعن تاريخ قد مضي؟..وانفعلت علي محمد بان أباك ليس من حقه الصمت؛ بل لا بد أن يتكلم، ولا يجب أن نطوي صفحة مهمة من صفحات بطولات أبناء جديدة المنزلة....لا بد أن تفخر بأبيك؛ كونه جندي شارك في الدفاع عن هذا البلد...فهذا شرف لا يُدانيه شرف ووسام علي صدورنا نفخر به جميعًا نحن أبناء جديدة المنزلة.
وانتظرت فترة حتي أعاود الاتصال مرة أخري، وعندما بدات في الموضوع الكوليرا والحصول علي شهادات معاصريها وهو منهم؛ فأرسلت أسئلة الكوليرا علي بريد ابنه محمد...تفاجأت بان محمد يرد علي وانه مع أبيه ويجيب ه علي الأسئلة...لم أصدق خبرًا وبدأت معه قبل العصر بساعة وهو يسترسل في الإجابات حتي انتهت الأسئلة.
ولم أرد أن أُنهي الحديث، ودفعني الفضول إلي الدخول في موضوع مشاركته في حربي اليمن و1967.وانتظرت بعد العصر....أُرسل السؤال ومحمد يعرضه علي والده ويكتب الإجابة.
لم أصدق نفسي في إنجاز موضوع كنتي تمني الاقتراب منه والحصول علي شهادة هذا الرجل والكتابة عنه..ولا أخفي عليكم انني كنت مستفزًا جدًا في بعض الأسئلة حتي كاد الرجل يغلق باب الحوار وعلي حد قول ابنه محمد:" الراجل جاب آخره".
وتمكنت من فتح صندوق الذكريات ؛ لنتعرف علي تاريخ أحد الأبطال في الحروب وعلي الصعوبات والمآسي التي تعرض له وهو ورفاقه في هذه الحروب...ومن خلال الحوار استطعت أن أُسرد روايته في هذا الموضوع:
الاسم: معروف عبده حسن طويلة
تاريخ الميلاد:27/5/1938
سنة التجنيد: 1959
..............................................
وكانت بداية الحكاية.....حرب اليمن....!!!!
...............................................
في السادس والعشرين من سبتمبر عام 1962 ، اندلعت الثورة في اليمن بزعامة عبد الله السلال ضد حكم الإمام ، استنجدت الثورة بمصر لتعاونها في إنجاح الثورة وإسقاط حكم الأئمة في اليمن....واستجاب الرئيس جمال عبد الناصر ؛ فأرسل أعدادًا كبيرة من الجيش المصري لمساندة الثورة اليمنية
رغم المجهول الذي عاشه الجنود. ... والصعوبات ومواجهة المجهول هناك في اليمن؛ وذلك للطبيعة الجبلية في اليمن مما شكل عقبة كبيرة في وجه الجيش المصري الذي اعتقد بسهولة المهمة...
أيام قليلة ويتم إسقاط حكم الإمام، لكن الأمور أكبر من مجرد ثورة....وقفت قوي خارجية وعوامل داخلي من أجل توسيع دائرة الحرب ودفع الجيش المصري إلي المجهول، وعزله تمامًا عن الأحداث في الشرق الأوسط لصالح قوي الظلام التي لا تريد لمصر نهوضًا ولا انطلاقًا...وذلك بعد تبني مصر الحركات التحررية الثورية في الشرق الأوسط ، وكذا القومية العربية التي نادي بها عبد الناصر.
وقد شارك بطلنا معروف طويلة مع الجيش المصري في مساندة الثورة اليمنية ، جنبًا إلي جنب مع رفاقه من أبناء جديدة المنزلة: الحاج محمد علي الأمير( نسيم)، والحاج محمد الصاوي الحواوشي والحاج محمد الحواوشي والحاج محمد سليمان درغام في القوات البحرية..وغيرهم من أبناء جديدة المنزلة الذين ساندوا الحركات التحررية في الوطن العربي وإفريقيا.
رغم المجهول الذي عاشه هؤلاء الأبطال إلا أنهم صمدوا وتحملوا آلام البعد عن الوطن وعن الأهل، وانقطاع كل وسائل الاتصال بينهم وبين أهاليهم.....إنها الحرب التي تُبعدك عن الأهل والأحباب لأداء الواجب.
لن نُطيل في الحديث عن حرب اليمن؛ لأن الجدل حولها كثير وعن أسباب قيام الحرب وإشراك الجيش المصري في حرب لا ناقة له فيها ولا جمل.
أكثر من خمس سنوات؛ ليدخل علي الفصل الثاني من مؤامرة استدرج الجيش المصري التي صيغت حبكتها بإحكام لتصفية الجيش المصري.
.....................................................
الفصل الثاني من المؤامرة......ونكسة يونيو 1967
.....................................................
أكاد أشعر به وهو يقص علي ابنه آلام ومرارة الهزيمة، وأسوأ ما يتعرض له إنسان في حياته من ذكريات أليمة تظل محفورة في الذاكرة.
لم يلتقط الجيش أنفاسه في مجاهل اليمن؛ حتي استدرجته قوي الشر والظلام ودعاة الصهيونية للحرب اللعينة علي أرض سيناء..لم تستمر الحرب طويلًا؛ إذ تحطمت كل مقدرات الجيش المصري علي الأرض تمامًا، وأصبح الجيش المصري مكشوفًا بلا غطاء أمام الطيران الإسرائيلي .
وعلي حد قول الحاج معروف:" لو كان كل جندي تقدم للأمام وضرب طلقة واحدة لتغير الحال تمامًا"..لكن ، هكذا الحروب وكواليس السياسة التي تجبر الساسة علي اتخاذ قرارات قد نعتبرها ظالمة، ولكن المتغيرات الدولية والظروف السياسية تجبرهم علي اتخاذ قرارات قد لا تُرضي شعوبهم.....ونحن جلادون لا نرحم..قساة في إصدار أحكامنا.
فتحت صفحة وجرحًا ترك أثرؤه لدي بطلنا ؛ لأنني أفتح صفحة حزينة في تاريخنا وماضي حزين..لكن الماضي بسواده انقشعت ظلمته وكشف نوره نصر أكتوبر العظيم بسواعد أبطالنا.
وفي إحدي المسرحيات التي عرضتها في مسرح المدرسة أتناول فيها بطولات الجيش المصري كان هذا المقطع من أحد المشاهد لتلخيص ما حدث في نكسة 67 :
الراوي
نقول خدعونا
ولا إحنا اللي خدعنا نفسنا
وافتكرنا إن إحنا قدهم
وعشنا في حلم وعيشونا فيه
قال أيه بكرة تدخلوا تشربوا الشاي في تل أبيب(*) ( تغيير الجملة إلي تدخلوا تل أبيب)
.. طلعوا هما اللي شربوا الشاي في سينا(**) ( تغيير الجملة إلي دخلوا سينا )
( يدخل جندي بملابس رثة ممزقة تدل على آثار المعركة ويسير مترنحا ..ويقع ..ويزحف حتى مقدمة المسرح.......ويخاطب الجمهور )
الجندي
إحنا ما اتهزمناش ..
لأننا أصلا ما حاريبناش
أوعوا في يوم تظلمونا ..
قالوا لنا حاربوا
قلنا موش مستعدين ..
رحنا نحارب
لقينا في سينا حاجة تانية
واللي فلت من طيارات العدو
مات من الحر في رمله سينا
بس إدونا فرصة تانية
وانتووا هتعرفوا مين هو الجندي المصري
واوعوتفقدوا الثقة فينا
وسينا هترجع بإذن الله
وسينا هترجع بإذن الله
.........................
جمل قصيرة لخصت الوضع في حرب 1967...فالجيش لم يحارب ، ولا نظلم الجندي المصري ونحمله فوق طاقته، ورغم الظروف التي تكالبت عليه ؛ إلا أنه عاد أكثر صلابة وتصميمًا علي تحرير الأرض ومحو عار هذه الهزيمة.....فالتاريخ لا يرحم....!!!!
.........................................
مآس....وآلام في صحراء سيناء
....................................
وإلي الفصل الثالث من فصول المؤامرة والفخ الذي نصبه المتآمرون؛ لكسر إرادة وتصفية الجيش المصري..لكن الأسد المنهك تكثر حوله الأرانب وتشكل حوله قوة، والأسد لا حول له ولا قوة أمام مؤامرات صاغتها قوي الشر العالمية التي لا تريد لمصر نهوضًا.
ويُيستدرج الجيش المصري إلي صحراء سيناء تاركًا أرض اليمن وثورتها للدفاع عن الأرض ومواجهة جحافل الصهاينة في سيناء....لكن المواجهة غير متكافئة؛ إذ انتشر الجيش المصري كله في سيناء ؛ لكسر شوكة الصهاينة مغتصبي الحقوق العربية وزريعة قوي الشر الغربية..وهم علي موعد جديد لتحقيق نصر يُضاف إلي سجلات البطولات المصرية.
لكن أمرالله- عز وجل- وإرادته في هذه الجولة قد نفذا، وعلينا ان نأخذ بالأسباب؛ فالحرب خُدعة ومن يسيطر علي الجو يسيطر علي أجواء المعركة وتُحسم لصالحه.
وتحطمت جميع طائراتنا علي الأرض، وحسم الطيران الإسرائيلي المعركة قبل أن تبدأ، وسيطر علي جميع أجواء سيناء، والطائرات تحلق فوق رءوس جنودنا في..ودب الرعب في الأوصال ليس من ضربات العدو، ولكن الخوف من المجهول الذي ينتظر هذا البلد.
ومما زاد الألم علي هؤلاء الأبطال هو قرار الانسحاب المفاجيء لجميع قواتنا من سيناء؛ فسيطرت العشوائية و زهرة شباب مصر في صحراء سيناء...بدلًا من ان تصارع العدو الإسرائيلي صارعت المجهول في سيناء.
إن أفلتت من مواجهة الكتائب الإسرائيلية التي تعاملت مع من وقع تحت أيديهم من الأسري المصريين بلا رحمة؛ فلن تنجو من الوحوش الجائعة في مواجهة فرائس ضعيفة...وإن أفلتت من تلك الوحوش فلن تفلت من الجوع والعطش..ولن تستطيع السير في وهج الشمس وحرها اللافح في شهر يونيو.
قد يشاء قدرك أن تجد شجرة تستظل بظلها، وإن كنت سيء الحظ فالموت ينتظرك لا محالة ....ومهما كتبت وعددت صور معاناة الجنود المصريين في صحراء سيناء ، فلن أستطيع أن أصور الأهوال والآلام والعذابات التي تعرض لها جنودنا في صحراء سيناء.
والقصص كثيرة ويكفي ان تفتح الشبكة الإليكترونية ،وتقرأ الكثير عن هذه الاهوال؛ ما بين أسر وكيف تعامل هؤلاء الأوغاد مع الأسري المصريين...؟ ومنهم بعض أبناء جديدة المنزلة..فمنهم الذي عاد مع تبادل الأسري،....... ومنهم من مات تحت وطأة التعذيب.... ومنهم من فُقد ......ومنهم من مات من الجوع والعطش ومن الحرارة الشديدة في سيناء.
آلام وأهوال يحكيها الحاج معروف طويلةن وكيف كان الجنود يتخلصون من كل متعلقاتهم وأسلحتهم وكل ما يعوق حركتهم عن السير، وويسرعوا ليكونوا بعيدين عن مرمي الهدف الإسرائيلي الذي اخذ يطار د الجنود المصريين في سيناء...
كانوا مشتتين ومطاردين في الصحراء ، يبحثون عن مأو لهم في النهار من ذئاب جائعة تبحث عنهم لتفتك بهم..لكن هيهات لؤلاء الضعفاء، فلم ينج منهم إلا القليل..فقد كانوا يقطعون المسافة بصعوبة بالغة رغم الجوع والعطش..حتي أن بعضهم- علي حد قوله- عندما يري شجرة يجري مسرعًا ويجلس تحتها من شدة التعب ، ويرفض استكمال المسير صارخًا:
سيبوني هنا
خلاص
أنا تعبت
موش قادر
أنا هموت هنا
فيعجزون عن إقناعهن وكان البعض الآخر الذين يملكون بعضا من القوة رغم شدة تعبهم كانوا يحملونهم بانفسهم ؛ لأن البلد في حاجة إلي أولادها في وقت الشدة ..وكما يذكر بطلنا أنهم ظلوا في الصحراء يصارعون المجهول أربعة أيام أو اكثر في صحراء سيناء، وسقط الكثير من زملائه أمام عينيه.
ورغم ما تعرضنا له ..لكن الحرب جولات فيها انتصارات وهزائم...وإن كنا خسرنا هذه الجولة ؛ فلا بد أن نعود أقوي لمحو هذا العار الذي لحق بنا....كجنود لم تحارب وعلينا أن نستفيد من الماضي ونصحح أخطاءنا.
ويؤكد الجندي المصري دوره البطولي المعروف عنه في التاريخ...وأنه لم يعرف الانسحاب، وأن هذا الانسحاب أُكره عليه وفرضته عليه الظروف للحفاظ علي البلد في ذلك الوقت.
إن الجندي المصري لم يدخل اختبارًا حقيقيًا، والاختبار الحقيقي بدأ مع حرب الاستنزاف التي أقلقت مضاجع العدو الإسرائيلي ،وجعلته يفقد صوابه ، ويلجأ إلي ضرب المدنين في مصنع أبي زعبل والأطفال الأبرياء في مدرسة بحر البقر...يهربون من مواجهة الرجال إلي الضرب في المدنيين العزل من السلاح.
ويؤكد الحاج معروف: أن الجندي المصري بطل مهما كانت الظروف..ورغم أن الضربة في 67 كانت موجعة ؛ لكنها لم تقصم ظهره ولم تقض عليه...بل قوته ، وجعلته أكثر تصميمًا علي المواجهة والثأر ، والدخول في اختبار حقيقي.
ومع نهاية الحرب ، يُسدل الستار علي صفحة بطلنا معروف طويلة الذي انتهت فترة خدمته للقوات المسلحة المصرية، ويسلم الراية لرفاقه في القوات المسلحة ويستكملوا تحرير الأرض وتحقيق النصر.
كلمات قليلة ذكرها لنا بطلنا في حوار لم يستمر أكثر من ساعتينن وكان الوسيط بيني وبينه نجله محمد ، إلا أنني استطعت الحصول علي ما أريد .... وجعلت هذا البطل يفتح لي قلبه ويتكلم ، ونضيف اسمه إلي سجل البطولات في جديدة المنزلة جنبًا إلي جنب مع الأبطال الذين استطعنا أن نكتب عنهم في فصول سابقة.
والأبطال الذين سنتحدث عنهم لاحقا أمثال: الحاج محمد علي الأمير( نسيم) وقد تفضل مشكورُا الأستاذ محمد عبده الأمير بدور الوسيط بيني وبينه في التحاور معه بواسطة الأسئلة المعدة سلفًا ... ويتبقي فقط كتابة الموضوع.
وهناك أيضًا الحاج محمد سليمان درغام .......والحاج محمد الحواوشي..... والحاج أحمد محمد الإمام الحواوشي .....والحاج محمد الصاوي الحواوشي.
وكنا في فترات سابقة تناولنا موضوعات عن شخصيات وأشرنا لها عن دورها في بعض الحروب أمثال : ( الحاج بدوي المشد- الأستاذ حسن عجوة- الحاج أسعد الغيطاني) وسنتناول دورهم في الحروب في موضوعات لاحقة .
ولن نكتفي بالكتابة عن هؤلاء الأبطال؛ بل الكتابة عن كل من شارك في الحروب وسنتحدث عن دوره وبطولاته، وكل من سجل اسمه بأحرف من نور في سجلات الفخر والشرف في جديدة المنزلة.
وسنحاول الاتصال ببعض هؤلاء الأبطال ليحدثوننا عن دورهم البطولي ، وكذا البحث عن كل الأبطال في جديدة المنزلة
.................
وفي النهاية أتقدم بأسمي آيات الشكر للأستاذ/ محمد معروف طويلة الذي كان خير عون لي في خروج هذا الموضوع إلي النور وقيامه بدور الوسيط بيني وبين والده تحاور فيها معه .
عطا درغام- Admin
- عدد المساهمات : 923
تاريخ التسجيل : 24/04/2009
مواضيع مماثلة
» محمد معروف عبده حسن طويلة
» أحمد إبراهيم طويلة
» سعد محمد عبد الرازق طويلة
» محمد حسن حسن سليمان طويلة.
» محمد عبد الله طويلة
» أحمد إبراهيم طويلة
» سعد محمد عبد الرازق طويلة
» محمد حسن حسن سليمان طويلة.
» محمد عبد الله طويلة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء 8 سبتمبر 2020 - 19:40 من طرف عطا درغام
» نادر المشد..زارع الألغام في حرب النصر
الجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:41 من طرف عطا درغام
» محمد أبو النور سماحة...صانع كباري النصر
الجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:38 من طرف عطا درغام
» معروف طويلة.... رجل من زمن تصنع فيه الشدة الرجال
الجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:35 من طرف عطا درغام
» يوم خيم الظلام بسواده علي القرية
الجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:26 من طرف عطا درغام
» ديسمبر الأسود في جديدة المنزلة
الجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:22 من طرف عطا درغام
» الكوليرا في جديدة المنزلة عام 1947 وفصل من تاريخ مآسي القرية في عصور الأوبئة
الجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:21 من طرف عطا درغام
» يوسف ضبيع ... العمدة الشعبي لجديدة المنزلة
الخميس 20 يونيو 2019 - 21:11 من طرف Admin
» تاريخ الثقافة في جديدة المنزلة
الإثنين 17 يونيو 2019 - 20:32 من طرف Admin
» مفردات رمضان في جديدة المنزلة
الإثنين 17 يونيو 2019 - 20:31 من طرف Admin