ظاهرة الطلاق في جديدة المنزلة

ظاهرة الطلاق في جديدة المنزلة
...............................
إنه لأمر محزن أن نجد انتشار ظاهرة الطلاق في جديدة المنزلة لحديثي الزواج....سيندهش البعض من إثارة مثل هذا الموضوع بداعي حساسية الخوض فيه ، وأنه سيمس فلان وفلانة.
قبل إصدار الأحكام والاتهامات.. وما دخلي في الموضوع وأنا بعيد عن القرية...؟ ولماذا أخوض في ذلك...؟
لم أتردد في الكتابة، وصممت علي خوض هذه المسألة الشائكة.....في مرات كثيرة وفي جلسات جماعية في مناسبات مختلفة مع العديد من سكان القرية تلوك الألسنة سيرة فلان وعلان..فلان طلق..علانة اتطلقت..فلان كيت ..فلان هيك .... وما زاد الطين بلة هو حدوث بعض التلاسن وتبادل الاتهامات عبر شبكات التواصل الاجتماعي بين هذا وذاك...وأن هذا فعل وهذه فعلت.....هل وصل بنا الحال إلي هذه الدرجة ونحن أبناء قرية واحدة بين جميع عائلاتها صلات قرابة ونسب.
الصراحة صُعقت من هول ما سمعت عن تعدد حالات الطلاق في هذه السن الصغيرة، وهذا ما دعاني ،؛ بل وألح علي بشدة أن أكتب وأُثير مثل هذا الموضوع للطرح العام ، وذلك لوضع حد لهذا الموضوع المؤسف الذي أصبح ظاهرة في القرية- وإن شئت فقل – ظاهرة في جميع أنحاء المحروسة ، وبدلاً من أن ندفن رءوسنا كالنعام في الرمال ونهرب من هذه المشكلة لا بد من التصدي ووضع حل لها.
فيما مضي ، كانت القرية تنعم بالاستقرار العائلي ؛ فيتم الزواج بدون عوائق ومشكلات ، وكان هناك كبير العائلة الذي يعمل له الجميع ألف حساب قبل أن يفكر أحد من العائلة في اتخاذ قرار من شأنه يزلزل كيان الأسرة ، أو يعمل علي تفكك العائلة؛ حيث كانت حالات الطلاق معدودة لا تُذكر ، وقد تحدث نتيجة للارتباط من خارج القرية أو استحالة العشرة بين الزوجين.
كان الجميع يحرص علي تماسك العائلة ، يحسن الاختيار ولايتسرع في اختياره، وكانت الأم حريصة علي الاهتمام بابنتها وتوجيهها لتكون أماً صالحة تحافظ علي زوجها وترعي شئونه، وكان الزوج رجلاً بمعني الكلمة ويحرص علي تماسك بيته ويرعي شئونه ولا يبحث عما يعكر صفو الأسرة أو يتخذ قرارا يهدم به هذا البيت.
الكل يتسابق لإرضاء أخيه وذويه ويتجنب المبالغة في إرهاق الطرف الآخر..أما الآن ، تغير الحال وأصبحت تجد كل طرف يتفنن في إرهاق الطرف الآخر بمطالب مادية مبالغاً فيها والحرص علي البهرجة والاهتمام بالشكليات حتي ولو استدان من أجل أن يقلد فلاناً أو يكيد علان ، ويظهر أمام الجميع بمظهر لائق وأن ابنته لا تقل عن ابن أو ابنة فلان أو فلانة.كل هذا ، علي حساب المضمون الذي سيضمن بقاء هذه الزيجة وإسعاد الزوجين. كل طرف يحاول غض الطرف عن عيوب الطرف الآخر ولا يواجهها في فترة الاختبار ليتم علاجها...الكل يتجمل ويحاول إخفاء هذه العيوب ويستمر في التزييف والتجمل.عند المواجهة الحقيقية، ينكشف قناع الزيف وتظهر العيوب ويكون الصدام ويحدث مال يحمد عُقباه ؛ فتنشأ المشكلات التي تنتهي بالطلاق.وبكل أسف، لا ينتهي الأمر عند ذلك ؛ فإذا كان الطرفان من الأقارب تحدث مواجهات غير محمودة وينشأ جفاءً وتباعد يستمر سنوات يحصد مرارته الأبناء في العائلة الواحدة.
أيها الأب.....أيتها الأم
إن أبناءنا هم فلذات أكبادنا وعيوننا التي نري بها ونعيش من أجلهم ، ومن ثم نحرص علي سعادتهم وإسعادهم.. ولذا يجب علينا أن نُحسن اختيار الزوج الصالح أو الزوجة الصالحة لفلذات أكبادنا بدلاً من الانخداع بالمظاهر والشكليات الفارغة والانسياق وراء عواطف قد تكون كاذبة أحياناً ومن شأنها لا تساهم في بناء أسرة .
في النهاية... يجب علينا التصدي لهذه الظاهرة المؤسفة والتي تستشري بشكل مفزع.. وأعرض عليكم مجموعة من الحلول قد تساهم ولو في جزء قليل من رأب الصدع والتقليل من هذه الظاهرة ، وذلك بنشر الوعي في القرية بين الشباب والبنات المقبلين علي الزواج أو الذين هم في سن الزواج من خلال مساجد القرية في صورة دروس توعية للشباب يقوم بها شيوخنا الأجلاء..وأيضاً يقوم مركز شباب القرية بالتعاون مع الجمعيات النسائية أو مكاتب التربية الاجتماعية أو بعض السيدات في القرية بعمل محاضرات وندوات أو دورات لتوعية البنات اللواتي هن في سن الزواج .
وفوق ذلك، وهو الأهم عمل مجلس ( أشبه بمجالس الصلح العرفية ) يتكون من كبار العائلات أو حكمائها بالبت في مثل هذه الموضوعات بدلا من تركها وجعل هذه القرارات في أيدي من هم ليسوا أهلاً لها ...فكما يقول الله عزو جل: (وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا (( النساء: 35 ) ).
وذلك لنواجه هذه الظاهرة الخطيرة التي تهدد تماسك واستقرار القرية.