العمدة في جديدة المنزلة

العمدة في جديدة المنزلة
.....................
لم تعرف القرية منصب العمدة؛ إذ كان أقدم منصب إداري ورد ذكره هو ما يعرف ب" المشيخة"حيث أدخل العثمانيون علي تقسيم القرى " نظام الالتزام" ، وقسموها إلي حصص يُعين علي كل منها " شيخ البلد" يتلقي أوامره من الملتزم، وينقلها إلي الفلاحين الواقعين في دائرة اختصاصه، كما كان يشرف علي الزراعة .
كان يوجد بكل قرية عدد من " شيوخ البلد" علي رأسهم " شيخ المشايخ" الذي يُعد مسئولًا عن إدارة القرية لصالح الملتزم، بل يتولي أيضًا الفصل في المنازعات. كان" شيخ البلد" بمثابة أدوات الملتزم بين الفلاحين.واستغل بعض الشيوخ هذا الوضع ، وسخروا الفلاحين في زراعة أراضيهم الخاصة.
حاول المشايخ التقرب للملتزمين عن طريق الهدايا لتدعيم نفوذهم داخل القرية ، والحفاظ علي المشيخة في نطاق عائلاتهم، بل إنه كثيرًا ما وجد أكثر من شيخين في القرية من عائلة واحدة في آن واحد، وكانت علاقتهم بالملتزمين مرتبطة بمدي نجاحهم أو إخفاقهم في تنفيذ أوامر الملتزمين.
وشيئًا فشيئًا أصبح المشايخ هم القوة الحقيقة في القرية الذين يمثلون الجهاز المتنفذ في القرية، ووصل عدهم في بعض الأحيان إلي عشرين شيخًا في القرية الواحدة( طبعا هذا العدد لا يمكن أن يكون في قريتنا لقلة عدد السكان، وقد يصل أحيانا إلي شيخين أو يزيد قليلًا) وكان أبرزهم يطلق عليه ( شيخ المشايخ) أو المقدم ، وقد أصبحت هذه الوظيفة بمرور الزمن وراثية ، ولا تستلزم سوي تصديق الملتزم الذي كان عادة يقوم باختيار أحد أبناء الشيخ المتوفي ليخلف أباه في وظيفته.
أقام هؤلاء المشايخ من أنفسهم وكلاء عن الفلاحين للتحدث باسمهم في كل ما يخص أمورهم وكانوا في أغلب الأحيان يتصرفون في الأمور الخاصة بالفلاحين نيابة عنهم دون الرجوع إليهم.
واستطاع بعض مشايخ القرى من تكوين ثروات ضخمة بمقياس العصر، بل أصبح بعضهم يملك الالتزامات في العصر العثماني، وكثيرا ما كان مشايخ القرية يسلحون فلاحي قريتهم لمساندة العصبية التي يميلون إليها ، ولصد هجمات البدو علي الريف الذين كانوا يهاجمون القرى ويستولون علي المحصولات ويقتلون الفلاحين ويسرقون مواشيهم.
ومع التقسيمات الإدارية الجديدة، وتوزيع القرى تحول منصب " المشيخة " إلي "العمدة"
كان العمدة هو حاكم القرية والسلطة الأعلي فيها، يقضي فيها بأمره.
كان لا يشترط فيمن يتولي منصب العمدة غير معرفة القراءة والكتابة ، وان لا يقل ملكه عن عشرة فدادين، وكان يخول له مالا حد من السلطة، ويمد من السلطان مدًا؛ إذ هو مرجع الحكومة في كل شيء بالقرية، لا يُسئل أحد غيره ، ولا يؤخذ رأي لسواه ، ويده تعمل قي كل شيء بقريته، ونفوذه ينفذ إلي كل أمر فيها وهذا يدفع تطاحن أهل القرى علي الظفر بهذا المنصب.
وعندما يفوز العمدة بمنصبه، فيقرر أول ما يقرر هو اختيار الخفراء الذين سيعملون في خدمته(قبل توظيفهم كما هو متبع الآن ) والذين يوافق علي امتداد خدمتهم له.
ثم يوجه العمدة عنايته بعد ذلك إلي إدارة شئون قريته والفصل بين أهلها . ومن هذه الأمور ضريبة الخفر التي يقررها العمدة علي أهل القرية عن طريق لجنة يشكلها العمدة، وغالبًا ما كانت تشكل من : ( شيخ البلد- عامل التليفون- المأذون- الصراف) ويقدمون تقريرًا للعمدة بأن الضريبة قد تم توزيعها علي القرية بالعدل والإنصاف.
وإذا خلت القرية من عمدة تثور الخصومات، وتشتعل المنافسات ؛ إذ يسعي كل فريق للانتصار علي خصمه، والاستحواذ علي هذه الوظيفة من دونه، وقد تحدث أزمة وزارية من أجل تعيين عمدة.
وكان كان أول شيخ للبلد في الجديدة هو الحاج أحمد طويلة ثم الحاج سالم عبد الغني
بعد ذلك ومع تغيير النظام الإداري للقري جاءت العمودية وكان المرحوم إبراهيم أحمد طويلة ( المتوفي سنة 1900 ) أول عمدة للقرية ، ثم تولي بعده بالترتيب:
يوسف أحمد طويلة
عبد الرشيد يوسف طويلة
عبد الرشيد عبد الرشيد يوسف طويلة
كمال أحمد طويلة ( سنة 1990 )
أحمد كمال طويلة
......................................
مراجع تم الاستعانة بها
1- رضا أسعد شريف
حكاية مشايخ القري- الهيئة العامة لقصور الثقافة- القاهرة
- أعيان الريف المصري في العصر العثماني
2- عبد الرحيم عبد الرحمن عبد الرحيم
الريف المصري في القرن الثامن عشر- مكتبة مدبولي- القاهرة، 1986
3- محمود أبو رية
حياة القري- المكتبة الثقافية "159" الهيئة المصرية العامة للكتاب- القاهرة، 1966
...........................
ملحوظة
هذه البذرة الأولي لعمل مقال عن تطور منصب العمدة في جديدة المنزلة وقابل للتجديد والتطوير .