إبادة السريان
صفحة 1 من اصل 1
إبادة السريان
إبادة السريان
بقلم : الدكتور محمد رفعت الإمام
آريف – العدد رقم 74 – فبراير2004
.................
يعد كتاب " حليفنا الصغير" لمؤلفه الإنجليزي وليم ويجرام من الوثائق المهمة التي تناولت أحداث الإبادة التي تعرض لها السريان في أوائل القرن العشرين ( 1914 – 1919 ) وقد صدر الأول في لندن عام 1920 تحت عنوان " Our Smallest Ally" ، ثم أعاد نادي سودتاليا الآشوري ( السويد) طبعه بالإنجليزية للمرة الثانية . وفي عام 1986 قامت دار " أشرا" في شكياغو بإصدار ترجمته العربية تحت عنوان " حليفنا الصغير" . وفي عام 1996 قامت المنظمة الآشورية الديمقراطية في ألمانيا بإصدار ترجمته الألمانية تحت عنوان " Unser KleinsterVerbundeter " وبمبادرة من شمعون دنحو – السرياني- المسئول عن " دار سركون " بالسويد ترجمة الكتاب من الألمانية إلي السويدية عام 1999 .
وتعود أهمية هذا الكتاب إلي مكانة مؤلفه المبشر وليم ويجرام الرفيعة في السلك الدبلوماسي الإنجليزي علاوة علي مكانته الدينية كمبشر مبعوث من مؤسسة رسمية إلي موطن السريان ، كما أن المؤلف كان يتقن السريانية إلي جانب معاصرته لكثير من الأحداث المأساوية التي تعرض لها السريان آنذاك أثناء النزوح الجماعي . زد أيضا مسئوليته عن مخيم بعقوبة ( جنوب العراق) الذي أقيم خصيصا للسريان النازحين من هكاري ( الدولة العثمانية ) وأورميا ( إيران ) . وفي هذا المخيم عاين ويجرام بنفسه مأساة السريان وموتهم نتيجة الجوع والمرض ثم تعدي الإنجليز عليهم من خلال استغلال هؤلاء المساكين في إنشاء الجسور وتعبيد الطرق وتجنيدهم في فرق خاصة ( ليفي) لتحقيق تطلعات وطموحات الإنجليز وخططهم الاستعمارية في بلاد مابين النهرين ، ومن ثم ترسيخ العداء بين السريان وجيرانهم من العرب والأكراد .
وتدور أحداث كتاب " حليفنا الصغير" حول طائفة واحدة من طوائف السريان وهم أتباع كنيسة المشرق الآشورية ( النساطرة ) . وقد وقعت مجريات الأحداث في جبال هكاري الواقعة حاليا في جنوب شرق تركيا ز وكان السريان يشكلون 80 % من تعداد المنطقة الجنوبية من هكاري حتي عام 1917 حسب الوثائق الروسية . وبينما كان أبناء هكاري السريان يقتلون علي أيدي الأتراك والأكراد وينزحون من هكاري وفان إلي الشرق تجاه بحيرة أورميا ولجوءهم إلي الحماية الروسية . كان يباد بنفس الدرجة والوتيرة أبناء جلدتهم من الطوائف الأخرى في جبل طور عبدين وآمد ( ديار بكر) وماردين والرها وغيرها من المناطق الواقعة إلي الغرب من هكاري وأيضا كان منفذو الجرائم من الأكراد والأتراك .
إن المتمعن جيدا في هذا الكتاب يلاحظ مدي وتلاحم وتطابق المصلحة الكردية – التركية في ذبح وإبادة السريان بغية الحصول علي أراضيهم وممتلكاتهم – حتي ونسائهم وأطفالهم – ومن ثم التمهيد لإقامة مشروع " كردستان الكبري" أو " تركيا الكبري". وثمة تبادل اتهام بين الأكراد والأتراك بخصوص مسئولية إبادة السريان . إذ ان هناك محاولة من غالبية الأحزاب والمؤسسات وحتي النخبة المثقفة الكردية للتنكر والتنصل من المسئولية تجاه المذابح التي اقترفتها العشائر الكردية محاولين وضع اللوم والمسئولية كاملة علي الحكومة التركية الوريثة الشرعية للدولة العثمانية . صحيح أن الأتراك يتحملون المسئولية ، ولكن هذا لا يعني تبرئة وعدم مسئولية الأكراد تجاه هذه المذابح . فلولا تعاون العديد من القائل الكردية – في مناطق السريان- علي قتل مواطنيهم وجيرانهم السريان في المدينة أو القرية التي كانوا يكنونها معا ، لما تمكنت الآستانة من إبادة السريان في جبال هكاري وطور عبدين وشمال العراق وحتي الجزيرة السريانية ( سورية ) .
إنني بهذه النبذة – المختصرة جدا – عن كتاب " حليفنا الصغير" للمبشر الإنجليزي وليم بوجرام ألفت الأنظار إلي التاريخ السرياني العام وإبادتهم ( شاتو دوسيفو ) بوجه خاص التي يحتفلون بها – ومن المفارقات- في 24 أبريل شان الأرمن أيضا . وفي هذا الصدد يتحمل السريان عبر العالم المسئولية الأكبر عن تجاهل – وإن لم يكن بالأحرى جهل – الرأي العام بقضيتهم . ومن ناحية أخري اتضح أن الاكراد لم يكونوا أداة عثمانية – تركية فاعلة ضد جيرانهم فحسب ، بل كانوا أيضا أداة نشيطة ضد جيرانهم السريان . وفي تلك اللحظة تطوف علي وجهي ابتسامة ممزوجة بالأسى والمرارة حين أتذكر تعليق الأكراد في المنتديات الدولية والوسائل الإعلامية عقب سقوط صدام حسين : " والآن تخلصنا من الاستعمار العربي " .
بقلم : الدكتور محمد رفعت الإمام
آريف – العدد رقم 74 – فبراير2004
.................
يعد كتاب " حليفنا الصغير" لمؤلفه الإنجليزي وليم ويجرام من الوثائق المهمة التي تناولت أحداث الإبادة التي تعرض لها السريان في أوائل القرن العشرين ( 1914 – 1919 ) وقد صدر الأول في لندن عام 1920 تحت عنوان " Our Smallest Ally" ، ثم أعاد نادي سودتاليا الآشوري ( السويد) طبعه بالإنجليزية للمرة الثانية . وفي عام 1986 قامت دار " أشرا" في شكياغو بإصدار ترجمته العربية تحت عنوان " حليفنا الصغير" . وفي عام 1996 قامت المنظمة الآشورية الديمقراطية في ألمانيا بإصدار ترجمته الألمانية تحت عنوان " Unser KleinsterVerbundeter " وبمبادرة من شمعون دنحو – السرياني- المسئول عن " دار سركون " بالسويد ترجمة الكتاب من الألمانية إلي السويدية عام 1999 .
وتعود أهمية هذا الكتاب إلي مكانة مؤلفه المبشر وليم ويجرام الرفيعة في السلك الدبلوماسي الإنجليزي علاوة علي مكانته الدينية كمبشر مبعوث من مؤسسة رسمية إلي موطن السريان ، كما أن المؤلف كان يتقن السريانية إلي جانب معاصرته لكثير من الأحداث المأساوية التي تعرض لها السريان آنذاك أثناء النزوح الجماعي . زد أيضا مسئوليته عن مخيم بعقوبة ( جنوب العراق) الذي أقيم خصيصا للسريان النازحين من هكاري ( الدولة العثمانية ) وأورميا ( إيران ) . وفي هذا المخيم عاين ويجرام بنفسه مأساة السريان وموتهم نتيجة الجوع والمرض ثم تعدي الإنجليز عليهم من خلال استغلال هؤلاء المساكين في إنشاء الجسور وتعبيد الطرق وتجنيدهم في فرق خاصة ( ليفي) لتحقيق تطلعات وطموحات الإنجليز وخططهم الاستعمارية في بلاد مابين النهرين ، ومن ثم ترسيخ العداء بين السريان وجيرانهم من العرب والأكراد .
وتدور أحداث كتاب " حليفنا الصغير" حول طائفة واحدة من طوائف السريان وهم أتباع كنيسة المشرق الآشورية ( النساطرة ) . وقد وقعت مجريات الأحداث في جبال هكاري الواقعة حاليا في جنوب شرق تركيا ز وكان السريان يشكلون 80 % من تعداد المنطقة الجنوبية من هكاري حتي عام 1917 حسب الوثائق الروسية . وبينما كان أبناء هكاري السريان يقتلون علي أيدي الأتراك والأكراد وينزحون من هكاري وفان إلي الشرق تجاه بحيرة أورميا ولجوءهم إلي الحماية الروسية . كان يباد بنفس الدرجة والوتيرة أبناء جلدتهم من الطوائف الأخرى في جبل طور عبدين وآمد ( ديار بكر) وماردين والرها وغيرها من المناطق الواقعة إلي الغرب من هكاري وأيضا كان منفذو الجرائم من الأكراد والأتراك .
إن المتمعن جيدا في هذا الكتاب يلاحظ مدي وتلاحم وتطابق المصلحة الكردية – التركية في ذبح وإبادة السريان بغية الحصول علي أراضيهم وممتلكاتهم – حتي ونسائهم وأطفالهم – ومن ثم التمهيد لإقامة مشروع " كردستان الكبري" أو " تركيا الكبري". وثمة تبادل اتهام بين الأكراد والأتراك بخصوص مسئولية إبادة السريان . إذ ان هناك محاولة من غالبية الأحزاب والمؤسسات وحتي النخبة المثقفة الكردية للتنكر والتنصل من المسئولية تجاه المذابح التي اقترفتها العشائر الكردية محاولين وضع اللوم والمسئولية كاملة علي الحكومة التركية الوريثة الشرعية للدولة العثمانية . صحيح أن الأتراك يتحملون المسئولية ، ولكن هذا لا يعني تبرئة وعدم مسئولية الأكراد تجاه هذه المذابح . فلولا تعاون العديد من القائل الكردية – في مناطق السريان- علي قتل مواطنيهم وجيرانهم السريان في المدينة أو القرية التي كانوا يكنونها معا ، لما تمكنت الآستانة من إبادة السريان في جبال هكاري وطور عبدين وشمال العراق وحتي الجزيرة السريانية ( سورية ) .
إنني بهذه النبذة – المختصرة جدا – عن كتاب " حليفنا الصغير" للمبشر الإنجليزي وليم بوجرام ألفت الأنظار إلي التاريخ السرياني العام وإبادتهم ( شاتو دوسيفو ) بوجه خاص التي يحتفلون بها – ومن المفارقات- في 24 أبريل شان الأرمن أيضا . وفي هذا الصدد يتحمل السريان عبر العالم المسئولية الأكبر عن تجاهل – وإن لم يكن بالأحرى جهل – الرأي العام بقضيتهم . ومن ناحية أخري اتضح أن الاكراد لم يكونوا أداة عثمانية – تركية فاعلة ضد جيرانهم فحسب ، بل كانوا أيضا أداة نشيطة ضد جيرانهم السريان . وفي تلك اللحظة تطوف علي وجهي ابتسامة ممزوجة بالأسى والمرارة حين أتذكر تعليق الأكراد في المنتديات الدولية والوسائل الإعلامية عقب سقوط صدام حسين : " والآن تخلصنا من الاستعمار العربي " .
عطا درغام- Admin
- عدد المساهمات : 923
تاريخ التسجيل : 24/04/2009
مواضيع مماثلة
» ماهية إبادة الجنس
» كتاب إبادة الجنس البشري
» إبادة الجنس وجرائم الحرب
» إبادة الجنس والتطهير العرقي والعنصرية
» إبادة النوع بين قضايا الصراع وحقوق الإنسان
» كتاب إبادة الجنس البشري
» إبادة الجنس وجرائم الحرب
» إبادة الجنس والتطهير العرقي والعنصرية
» إبادة النوع بين قضايا الصراع وحقوق الإنسان
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء 8 سبتمبر 2020 - 19:40 من طرف عطا درغام
» نادر المشد..زارع الألغام في حرب النصر
الجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:41 من طرف عطا درغام
» محمد أبو النور سماحة...صانع كباري النصر
الجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:38 من طرف عطا درغام
» معروف طويلة.... رجل من زمن تصنع فيه الشدة الرجال
الجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:35 من طرف عطا درغام
» يوم خيم الظلام بسواده علي القرية
الجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:26 من طرف عطا درغام
» ديسمبر الأسود في جديدة المنزلة
الجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:22 من طرف عطا درغام
» الكوليرا في جديدة المنزلة عام 1947 وفصل من تاريخ مآسي القرية في عصور الأوبئة
الجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:21 من طرف عطا درغام
» يوسف ضبيع ... العمدة الشعبي لجديدة المنزلة
الخميس 20 يونيو 2019 - 21:11 من طرف Admin
» تاريخ الثقافة في جديدة المنزلة
الإثنين 17 يونيو 2019 - 20:32 من طرف Admin
» مفردات رمضان في جديدة المنزلة
الإثنين 17 يونيو 2019 - 20:31 من طرف Admin