الشريفة مصباح والأرمن
صفحة 1 من اصل 1
الشريفة مصباح والأرمن
الشريفة مصباح والأرمن
أريك عدد 38
سبتمبر2013
...............................
مع الاقتراب من مئوية الإبادة الأرمنية في أبريل 2015 ، يزداد الاهتمام بتوثيقها وقراءتها قراءة محايدة بعيدا عن التسييس ولغة المصالح . ومن هنا تكمن أهمية المصادر العربية ، والرؤي العربية . ولا ريب أن هذه الرؤي تعكس بامتياز المواقف العربية. ورغم أن العرب مسلمون مثل الأتراك ، فإنهم قد انحازوا إلي الأرمن " المسيحيين " من منطلق أن الإسلام لا يحض علي العدوان ، ولا يحض علي قتل النفوس البريئة بلا أي ذنب أو جريرة . وبإيجاز ، الإسلام دين سلام ووئام . ولذا ، ثمة مواقف إيجابية وفعالة اتخذها العرب إبان الإبادة الأرمنية الكبري التي لحقت بالأرمن علي أيدي حكومة " تركيا الفتاة " منذ نجاحها في عزل السلطان عبد الحميد الثاني في أبريل 1909 .
في ذات الشهر، اقترف النظام العثماني الحاكم إبادة مصغرة للأرمن في إقليم قيليقة لا سيما قاعدتها أضنة . ويمكن القول أنها أشبه ب" بروفة" و" وجس نبض" ردود الفعل الدولية لما خططوا له مستقبلا . وقد تفاعل العرب عموما والمصريون خصوصا مع الضحايا الأرمن . وخرجت من مصر أجرأ الردود ضد السلطنة والقائمين عليها . وفي هذا الصدد ، تفخر مؤسسة الأزهر بفتواها الصائبة للشيخ " سليم البشري " التي أنكرت " ذبح" الأبرياء باسم الدين. وبذا، تحدت فتوي مشيخة الأزهر المصرية دار الإسلام العثمانية، لتكون بمثابة صرخة الاعتدال الوسطية ضد التطرف والهمجية.
وبنجاح البروفة ، استغل النظام العثماني الحاكم ظروف الحرب العالمية الاولي ( 1914-1918 ) ونفذ عملية الإبادة ضد الأرمن العثمانيين بدءا من 24 أبريل 1915 . هنا أيضا ، ثمة ردود فعل ومواقف عربية رائعة لا تزال محفورة في الوجدان الأرمني شعبا وحكومة ومهجرا . ورغم أن فايز الغصين السوري يعد رائد التدوين للإبادة الأرمنية ، فثمة شهادة جد مهمة للشريفة مصباح حيدر تكاد لا تذكرها المصادر .
والشريفة مصباح ابنة الشريف علي حيدر احد أبرز أشراف مكة، وكان علي علاقة حميمة بطلعت باشا وزير الداخلية العثماني أثناء الحرب العالمية الاولي، وقد أسدي الشريف العربي خدمات جليلة للوزير العثماني. بيد أن الاخير لم يلتفت إلي أسرة الشريف عندما تعرضت لانتكاسة سياسية ومادية أثناء فعاليات الثورة العربية ضد الاستبداد العثماني .
وتحت عنوان " ذكريات عربية في الحريم" سجلت الشريفة مصباح مذكراتها وذكرياتها عما رات وسمعت . وفي يولية 1958 , لخص الكاتب حلمي مراد ذكريت الشريفة ضمن سلسلة "كتابي: التي كانت تصدر من مصر ، وهي سلسلة تعني بتلخيص الكتب العالمية.
ومن ذكريات الشريفة العربية " أيام مذابح الأرمن في تركيا " أن استنكر الشريف علي حيدر هذه المذابح"، ونبه طلعت باشا أن العالم سيلقي تبعة الفظائع عليه، فأجابه الوزير في حماس وطني: (( إن هؤلاء الأرمن لعنة حاقت بوطننا ياصاحب السمو. لقد كانوا يعيشونن في أمان ورخاء مع بقية الشعب دون أن يعترض سبيلهم أحد . أما الآن، فقد انقلبوا خونة- لسببما – ولم يعد لهم سوي إثارة المتاعب، وسوي الغدر والتمرد. والاوربيون يعطفون عليهم ويلوموننا ، فيشجعههم هذا علي الإمعان في مسلكهم !فماذا نفعل؟ إن من المتعذر أن نكبح جماح الجنود ، حين يوفدون لتأديبهم. ولكن لا تخشي، فلن يقدر لنا ان نقضي علي جنسهم، لانهم يتوالدون كالذباب!)). وفي موضع ثان، قالت سيدة أرمنية تعمل وصيفة فاطموة هانم- زوجة الشريف- تعليقا علي مذابح بني جلدتها إننا كالغنم، نتكاثر كلما ذبحنا..ثم ، ما الذي تفعله بعثة المعونة الأمريكية إذا لم يكن هناك أيتام ولا قصص تروي عن فظائع؟ إنهم إذ ذاك يضطرون إلي العودة إلي أمريكا، فيفقدون عملهم، ولا يعود بوسعهم أن يعيشوا كالباشوات )) .
أريك عدد 38
سبتمبر2013
...............................
مع الاقتراب من مئوية الإبادة الأرمنية في أبريل 2015 ، يزداد الاهتمام بتوثيقها وقراءتها قراءة محايدة بعيدا عن التسييس ولغة المصالح . ومن هنا تكمن أهمية المصادر العربية ، والرؤي العربية . ولا ريب أن هذه الرؤي تعكس بامتياز المواقف العربية. ورغم أن العرب مسلمون مثل الأتراك ، فإنهم قد انحازوا إلي الأرمن " المسيحيين " من منطلق أن الإسلام لا يحض علي العدوان ، ولا يحض علي قتل النفوس البريئة بلا أي ذنب أو جريرة . وبإيجاز ، الإسلام دين سلام ووئام . ولذا ، ثمة مواقف إيجابية وفعالة اتخذها العرب إبان الإبادة الأرمنية الكبري التي لحقت بالأرمن علي أيدي حكومة " تركيا الفتاة " منذ نجاحها في عزل السلطان عبد الحميد الثاني في أبريل 1909 .
في ذات الشهر، اقترف النظام العثماني الحاكم إبادة مصغرة للأرمن في إقليم قيليقة لا سيما قاعدتها أضنة . ويمكن القول أنها أشبه ب" بروفة" و" وجس نبض" ردود الفعل الدولية لما خططوا له مستقبلا . وقد تفاعل العرب عموما والمصريون خصوصا مع الضحايا الأرمن . وخرجت من مصر أجرأ الردود ضد السلطنة والقائمين عليها . وفي هذا الصدد ، تفخر مؤسسة الأزهر بفتواها الصائبة للشيخ " سليم البشري " التي أنكرت " ذبح" الأبرياء باسم الدين. وبذا، تحدت فتوي مشيخة الأزهر المصرية دار الإسلام العثمانية، لتكون بمثابة صرخة الاعتدال الوسطية ضد التطرف والهمجية.
وبنجاح البروفة ، استغل النظام العثماني الحاكم ظروف الحرب العالمية الاولي ( 1914-1918 ) ونفذ عملية الإبادة ضد الأرمن العثمانيين بدءا من 24 أبريل 1915 . هنا أيضا ، ثمة ردود فعل ومواقف عربية رائعة لا تزال محفورة في الوجدان الأرمني شعبا وحكومة ومهجرا . ورغم أن فايز الغصين السوري يعد رائد التدوين للإبادة الأرمنية ، فثمة شهادة جد مهمة للشريفة مصباح حيدر تكاد لا تذكرها المصادر .
والشريفة مصباح ابنة الشريف علي حيدر احد أبرز أشراف مكة، وكان علي علاقة حميمة بطلعت باشا وزير الداخلية العثماني أثناء الحرب العالمية الاولي، وقد أسدي الشريف العربي خدمات جليلة للوزير العثماني. بيد أن الاخير لم يلتفت إلي أسرة الشريف عندما تعرضت لانتكاسة سياسية ومادية أثناء فعاليات الثورة العربية ضد الاستبداد العثماني .
وتحت عنوان " ذكريات عربية في الحريم" سجلت الشريفة مصباح مذكراتها وذكرياتها عما رات وسمعت . وفي يولية 1958 , لخص الكاتب حلمي مراد ذكريت الشريفة ضمن سلسلة "كتابي: التي كانت تصدر من مصر ، وهي سلسلة تعني بتلخيص الكتب العالمية.
ومن ذكريات الشريفة العربية " أيام مذابح الأرمن في تركيا " أن استنكر الشريف علي حيدر هذه المذابح"، ونبه طلعت باشا أن العالم سيلقي تبعة الفظائع عليه، فأجابه الوزير في حماس وطني: (( إن هؤلاء الأرمن لعنة حاقت بوطننا ياصاحب السمو. لقد كانوا يعيشونن في أمان ورخاء مع بقية الشعب دون أن يعترض سبيلهم أحد . أما الآن، فقد انقلبوا خونة- لسببما – ولم يعد لهم سوي إثارة المتاعب، وسوي الغدر والتمرد. والاوربيون يعطفون عليهم ويلوموننا ، فيشجعههم هذا علي الإمعان في مسلكهم !فماذا نفعل؟ إن من المتعذر أن نكبح جماح الجنود ، حين يوفدون لتأديبهم. ولكن لا تخشي، فلن يقدر لنا ان نقضي علي جنسهم، لانهم يتوالدون كالذباب!)). وفي موضع ثان، قالت سيدة أرمنية تعمل وصيفة فاطموة هانم- زوجة الشريف- تعليقا علي مذابح بني جلدتها إننا كالغنم، نتكاثر كلما ذبحنا..ثم ، ما الذي تفعله بعثة المعونة الأمريكية إذا لم يكن هناك أيتام ولا قصص تروي عن فظائع؟ إنهم إذ ذاك يضطرون إلي العودة إلي أمريكا، فيفقدون عملهم، ولا يعود بوسعهم أن يعيشوا كالباشوات )) .
عطا درغام- Admin
- عدد المساهمات : 923
تاريخ التسجيل : 24/04/2009
مواضيع مماثلة
» محمد علي والأرمن
» الصهاينة والأرمن
» أرمنيا والأرمن في معجم المنجد
» روبرت فيسك والأرمن : قراءة في زمن المحارب
» عرض كتاب - مصر والأرمن- مسـألة أضنة- أبريل 1909: الطريق إلي الإبادة الأرمنية
» الصهاينة والأرمن
» أرمنيا والأرمن في معجم المنجد
» روبرت فيسك والأرمن : قراءة في زمن المحارب
» عرض كتاب - مصر والأرمن- مسـألة أضنة- أبريل 1909: الطريق إلي الإبادة الأرمنية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء 8 سبتمبر 2020 - 19:40 من طرف عطا درغام
» نادر المشد..زارع الألغام في حرب النصر
الجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:41 من طرف عطا درغام
» محمد أبو النور سماحة...صانع كباري النصر
الجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:38 من طرف عطا درغام
» معروف طويلة.... رجل من زمن تصنع فيه الشدة الرجال
الجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:35 من طرف عطا درغام
» يوم خيم الظلام بسواده علي القرية
الجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:26 من طرف عطا درغام
» ديسمبر الأسود في جديدة المنزلة
الجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:22 من طرف عطا درغام
» الكوليرا في جديدة المنزلة عام 1947 وفصل من تاريخ مآسي القرية في عصور الأوبئة
الجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:21 من طرف عطا درغام
» يوسف ضبيع ... العمدة الشعبي لجديدة المنزلة
الخميس 20 يونيو 2019 - 21:11 من طرف Admin
» تاريخ الثقافة في جديدة المنزلة
الإثنين 17 يونيو 2019 - 20:32 من طرف Admin
» مفردات رمضان في جديدة المنزلة
الإثنين 17 يونيو 2019 - 20:31 من طرف Admin