محمد علي والأرمن
صفحة 1 من اصل 1
محمد علي والأرمن
محمد على والأرمن
د. محمد رفعت
تستعد الدوائر الثقافية المصرية للاحتفال فى مايو القادم بمرور قرنين من الزمان على ولاية محمد على حكم مصر.والحقيقة أن هذا الرجل يعد من الشخصيات المحورية صاحبة البصمات الكبرى فى منظومة التاريخ المصرى العامة والحديث منة خاصة.وتكون مثل هذة الشخصيات- دومآ – محل جدل ويظل تقيم دورها قيد النقاش . كما أن سياسة مثل هذة الشخصيات ينجم عنها صعود وهبوط البعض الآخر .ولا يخفى أن الأرمن كانوا على رأس العناصر التى صعدها محمد على إلى جواره ولعل السؤال الذى يطرح نفسة هنا: لماذا احتل الأرمن أيام محمد على على هذه المكانة التى جعلتهم على حد قول الجبرتى ((أصحاب الرأى والمشورة))ويتوغلون فى كل مكان حسب قول هامون مدير المدرسة الطب البيطرى آنذاك ؟ سوف أستغل فرصة الاحتفال بقرنين من الزمان على ولاية محمد على حكم مصر ، وسأحاول الاجابة عن هذا السؤال و تقييم علاقة الأرمن بمحمد على على مدار خمس حلقات تبدأ من هذا العدد و تستمر- إن أطال الله فى أعمارنا – حتى مايو القادم .
رغم قلة المعلومات عن حياة محمد على قبل مجيئه إلى مصر إلى أن سمت ما يشير إلى وجود علاقات مبكرة له ببعض الأرمن أدت إلى حبه له فقد اشتغل محمد على فى صباه فى تجارة الدخان عند تاجر أرمنى يسمى قره قهيا يراميان فلاقى منه معاملة أبوية ولذا عندما تولى حكم مصر رد الجميل لهذه الأسرة جاعل اياهم سرافيه فى الأستانة و أيضا عندما التحق محمد على بالفرقة الألبانية التى كانت جزء من الحملة العثمانية على مصر ضد الفرنسيين لم تكن لديه السيولة النقدية تجهيز حملة عسكرية لهذا استدان مبلغ كبير
من التاجر يغيازار أمير بدروسيان دون اية ضمانات ولذا عندما أصبح محمد على حاكما علي مصر رد الجميل له جاعلا صرافة في الآستانة ثم استدعاه إلي مصر وعينه (صراف باشي)الخزانة المصريةأي (كبير الصيارفة).
ورغم العلاقة الأبوية التي مابرح الباشا يظهرها تجاه الأرمن ,إلا أنه في النهاية كان يسعي وراء تحقيق مصالحه الذاتية .ومن ثم كانت هناك أسباب عملية وراء اعتماد محمد علي بشكل ملحوظ علي الأرمن إضافة إلي حبه لهم وثقته فيهم .وفي الابتداء لم يكن الأرمن العثمانيون أثناء حكم محمد علي قد تطلعوا إلي إقامة دولة مستقلة بهم.وبالتالي كانوا في حاجة إلي حماية سياسية سرعان ماوجدوها في شخص محمد علي الذي وفر لهم هذه الحماية نظير ولائهم.وأيضا لم يهدد الأرمن محمد علي عسكريا لأنهم سوف يعلملون في وظائف مدنية ولن بدمروا طموحات للقبض علي دفة الحكومة لأنهم مسيحيون.
وامتاز الأرمن بأنهم علي دراية تامة بالشرق والغرب,لذا غدوا مطلوبين تراجمة ووسطاء في المعاملات التجارية والمداولات الدبلوماسية بين محمد علي والاجانب. كما احتاجت مشروعات محمد علي إلي متخصصن لم يتوافروا بين المصريين حينذاك،ولهذا اعتمد علي غير أبناء البلد ،فاستدعي عددا من الأرمن المتخصصين في زراعة النيلة وصناعتها وآخرين لتعليم نقاشي القماش المصريين فن التطريز ،ناهيك عن الحرفيين المتخصصين في الإنشاءو المعمار وغير ذلك.
كما أجري الباشا عدة إصلاحات جذرية في الجمارك والمواصلات والأمن والقضاء مما شجع استثمار الأموال في مصر.ولهذا نزح أرمن الأناضول إلي مصر لاستثمار أموالهم التي جمعوها من جباية ضرائب أو صناعة محلية أو تجارة.ومما دفع الارمن إلي النزوح إلي مصر أن طبيعة الاستثمار العام للاقتصاد الريفي السائد في الأناضول لم تساعدهم علي الإثراء.علاوة علي ذلك اتصف حكم محمد علي بالسماحة الدينية التي استفاد منها الارمن في بناء الكنائس مثل كنيسةسورب أسد فادزادرين(العذراءللأرمن الكااثوليك فب بين الصورين عام 1839 وكنيسة سورب كريكور لوسافوريتش (المنور)للأرمن الكاثوليك بدرب الجنينة في عام 1841.
كما استفاد الارمن من وجود بوغوص بك يوسيفيان ناظر التجارة والأمور الأفرنجية وثقة محمد علي الشديدة به في النزوح إلي مصر،فقداستدعي بوغوص عددا من الاسرات الأرمنية مثل اسرات يوسيفيان ونوباريان وآبرويان وتشراكيانوحكيكيان وغيرهم من الاسرات التي ظلت تخدم في الإدارة المصرية خلال القرن التاسع عشر.
وقدم بوغوص نصائحه وتوجيهاته للأرمن،ومنح بعضهم امتيازات
وأقنع محمد علي بمنح امتيات أخري لبعضهم ،وأتاح لبعضهم فرصا في التعليم والوظائف ,ووفر لهم الأمان والحماية،وهكذا دعم بوغوص تواجد الجالية الارمنية وطموحاتها في مصر مستفيدا من وضعيته لدن محمد علي ،ولهذا كله ازداد عدد الأرمن في مصر خلال حكم محمد علي وارتفع دورهم في خدمة مختلف مجالات الإدارة والاقتصاد،وارتبط الباشا والأرمن علي نحو وثيق،فتمسم بهم الوالي لأنهم ادوات مرنة في تنفيذ سياسته،وارتبط الأرمن بالباشا لأنه وفر لهم الحماية ،وقلدهم أعلي المناصب وحقق لهم طموحاتهم في الإثراء.وبذا عاش الأرمن آمنين طيلة حكم محمد علي لأن حكمه المطلق أسكت صوت المستاء
د. محمد رفعت
تستعد الدوائر الثقافية المصرية للاحتفال فى مايو القادم بمرور قرنين من الزمان على ولاية محمد على حكم مصر.والحقيقة أن هذا الرجل يعد من الشخصيات المحورية صاحبة البصمات الكبرى فى منظومة التاريخ المصرى العامة والحديث منة خاصة.وتكون مثل هذة الشخصيات- دومآ – محل جدل ويظل تقيم دورها قيد النقاش . كما أن سياسة مثل هذة الشخصيات ينجم عنها صعود وهبوط البعض الآخر .ولا يخفى أن الأرمن كانوا على رأس العناصر التى صعدها محمد على إلى جواره ولعل السؤال الذى يطرح نفسة هنا: لماذا احتل الأرمن أيام محمد على على هذه المكانة التى جعلتهم على حد قول الجبرتى ((أصحاب الرأى والمشورة))ويتوغلون فى كل مكان حسب قول هامون مدير المدرسة الطب البيطرى آنذاك ؟ سوف أستغل فرصة الاحتفال بقرنين من الزمان على ولاية محمد على حكم مصر ، وسأحاول الاجابة عن هذا السؤال و تقييم علاقة الأرمن بمحمد على على مدار خمس حلقات تبدأ من هذا العدد و تستمر- إن أطال الله فى أعمارنا – حتى مايو القادم .
رغم قلة المعلومات عن حياة محمد على قبل مجيئه إلى مصر إلى أن سمت ما يشير إلى وجود علاقات مبكرة له ببعض الأرمن أدت إلى حبه له فقد اشتغل محمد على فى صباه فى تجارة الدخان عند تاجر أرمنى يسمى قره قهيا يراميان فلاقى منه معاملة أبوية ولذا عندما تولى حكم مصر رد الجميل لهذه الأسرة جاعل اياهم سرافيه فى الأستانة و أيضا عندما التحق محمد على بالفرقة الألبانية التى كانت جزء من الحملة العثمانية على مصر ضد الفرنسيين لم تكن لديه السيولة النقدية تجهيز حملة عسكرية لهذا استدان مبلغ كبير
من التاجر يغيازار أمير بدروسيان دون اية ضمانات ولذا عندما أصبح محمد على حاكما علي مصر رد الجميل له جاعلا صرافة في الآستانة ثم استدعاه إلي مصر وعينه (صراف باشي)الخزانة المصريةأي (كبير الصيارفة).
ورغم العلاقة الأبوية التي مابرح الباشا يظهرها تجاه الأرمن ,إلا أنه في النهاية كان يسعي وراء تحقيق مصالحه الذاتية .ومن ثم كانت هناك أسباب عملية وراء اعتماد محمد علي بشكل ملحوظ علي الأرمن إضافة إلي حبه لهم وثقته فيهم .وفي الابتداء لم يكن الأرمن العثمانيون أثناء حكم محمد علي قد تطلعوا إلي إقامة دولة مستقلة بهم.وبالتالي كانوا في حاجة إلي حماية سياسية سرعان ماوجدوها في شخص محمد علي الذي وفر لهم هذه الحماية نظير ولائهم.وأيضا لم يهدد الأرمن محمد علي عسكريا لأنهم سوف يعلملون في وظائف مدنية ولن بدمروا طموحات للقبض علي دفة الحكومة لأنهم مسيحيون.
وامتاز الأرمن بأنهم علي دراية تامة بالشرق والغرب,لذا غدوا مطلوبين تراجمة ووسطاء في المعاملات التجارية والمداولات الدبلوماسية بين محمد علي والاجانب. كما احتاجت مشروعات محمد علي إلي متخصصن لم يتوافروا بين المصريين حينذاك،ولهذا اعتمد علي غير أبناء البلد ،فاستدعي عددا من الأرمن المتخصصين في زراعة النيلة وصناعتها وآخرين لتعليم نقاشي القماش المصريين فن التطريز ،ناهيك عن الحرفيين المتخصصين في الإنشاءو المعمار وغير ذلك.
كما أجري الباشا عدة إصلاحات جذرية في الجمارك والمواصلات والأمن والقضاء مما شجع استثمار الأموال في مصر.ولهذا نزح أرمن الأناضول إلي مصر لاستثمار أموالهم التي جمعوها من جباية ضرائب أو صناعة محلية أو تجارة.ومما دفع الارمن إلي النزوح إلي مصر أن طبيعة الاستثمار العام للاقتصاد الريفي السائد في الأناضول لم تساعدهم علي الإثراء.علاوة علي ذلك اتصف حكم محمد علي بالسماحة الدينية التي استفاد منها الارمن في بناء الكنائس مثل كنيسةسورب أسد فادزادرين(العذراءللأرمن الكااثوليك فب بين الصورين عام 1839 وكنيسة سورب كريكور لوسافوريتش (المنور)للأرمن الكاثوليك بدرب الجنينة في عام 1841.
كما استفاد الارمن من وجود بوغوص بك يوسيفيان ناظر التجارة والأمور الأفرنجية وثقة محمد علي الشديدة به في النزوح إلي مصر،فقداستدعي بوغوص عددا من الاسرات الأرمنية مثل اسرات يوسيفيان ونوباريان وآبرويان وتشراكيانوحكيكيان وغيرهم من الاسرات التي ظلت تخدم في الإدارة المصرية خلال القرن التاسع عشر.
وقدم بوغوص نصائحه وتوجيهاته للأرمن،ومنح بعضهم امتيازات
وأقنع محمد علي بمنح امتيات أخري لبعضهم ،وأتاح لبعضهم فرصا في التعليم والوظائف ,ووفر لهم الأمان والحماية،وهكذا دعم بوغوص تواجد الجالية الارمنية وطموحاتها في مصر مستفيدا من وضعيته لدن محمد علي ،ولهذا كله ازداد عدد الأرمن في مصر خلال حكم محمد علي وارتفع دورهم في خدمة مختلف مجالات الإدارة والاقتصاد،وارتبط الباشا والأرمن علي نحو وثيق،فتمسم بهم الوالي لأنهم ادوات مرنة في تنفيذ سياسته،وارتبط الأرمن بالباشا لأنه وفر لهم الحماية ،وقلدهم أعلي المناصب وحقق لهم طموحاتهم في الإثراء.وبذا عاش الأرمن آمنين طيلة حكم محمد علي لأن حكمه المطلق أسكت صوت المستاء
مواضيع مماثلة
» الصهاينة والأرمن
» الشريفة مصباح والأرمن
» أرمنيا والأرمن في معجم المنجد
» روبرت فيسك والأرمن : قراءة في زمن المحارب
» عرض كتاب - مصر والأرمن- مسـألة أضنة- أبريل 1909: الطريق إلي الإبادة الأرمنية
» الشريفة مصباح والأرمن
» أرمنيا والأرمن في معجم المنجد
» روبرت فيسك والأرمن : قراءة في زمن المحارب
» عرض كتاب - مصر والأرمن- مسـألة أضنة- أبريل 1909: الطريق إلي الإبادة الأرمنية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء 8 سبتمبر 2020 - 19:40 من طرف عطا درغام
» نادر المشد..زارع الألغام في حرب النصر
الجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:41 من طرف عطا درغام
» محمد أبو النور سماحة...صانع كباري النصر
الجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:38 من طرف عطا درغام
» معروف طويلة.... رجل من زمن تصنع فيه الشدة الرجال
الجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:35 من طرف عطا درغام
» يوم خيم الظلام بسواده علي القرية
الجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:26 من طرف عطا درغام
» ديسمبر الأسود في جديدة المنزلة
الجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:22 من طرف عطا درغام
» الكوليرا في جديدة المنزلة عام 1947 وفصل من تاريخ مآسي القرية في عصور الأوبئة
الجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:21 من طرف عطا درغام
» يوسف ضبيع ... العمدة الشعبي لجديدة المنزلة
الخميس 20 يونيو 2019 - 21:11 من طرف Admin
» تاريخ الثقافة في جديدة المنزلة
الإثنين 17 يونيو 2019 - 20:32 من طرف Admin
» مفردات رمضان في جديدة المنزلة
الإثنين 17 يونيو 2019 - 20:31 من طرف Admin