النشاط الاقتصادي للأرمن في مصر
صفحة 1 من اصل 1
النشاط الاقتصادي للأرمن في مصر
النشاط الاقتصادي للأرمن في مصر
أولا الصناعات
مارس الأرمن صناعات متباينة في مصر، تنوعت بين الطباعة والزنكوغراف وصناعات معدنية وكهربائية وصناعات جلدية، وصناعات السجائر والملابسالمختلفة، وصناعات غذائية وخشبية وكيميائية.
ويلاحظ أن الصناعيين الأرمن شكلووا نسبة"2.6" % من إجمالي الجالية ونسبة "7.3"%من إجمالي القوة الأرمنية العاملة..
تعد الطباعة من الميادين الرائدة التي ارتادها الأرمن في مصر، وقد أسسوا خلال الفترة من (1896-1960) "41" مطبعة تفاوتت في حجمها وتقنياتها وشهرتها واستمراريتها . استأثرت القاهرة وحدها منهاب "28" مطبعة، أما الإسكندرية فقدكان نصيبها "13" مطبعة".
تعتبر مطبعة"أراراد" أقدم مطابع الأرمن في القاهرة حيث أسسها سركيس دربينيان في بين السورين عام 1896، ثم توالي بعدها تأسيس المطابع: مينديكيان الحجرية، آرديميس،لوسابير، بريريان ،هايجاجان،، توباليان، ساج ميسروب ، ميوتون، فوسجيدار، أرجوس، هابيت، بغداسار، نيغوص، زاريه بربريان، سفينكس،ه. بابازيان، نوبار ، مطبعة وفوتوليتوإدي، قصر النيل...إلخ.
أما في الإسكندرية ، فتعد مطبعة – زنكوغراف نازاريتيان أقدم مطبعة أرمنية هناك ، حيث أسسها ك. نازاريتيان في عام 1899 . ثم أعقبها المطابع التالية: آراكسن بيونيج"العنقاء" ، سيسفان، قيليقية، بيتاج"المنحل"، آسكانازيان، هايلي"المرآة"، تيكيان وشركاه ، جاميتا، كاسبيان، سركسيان...إلخ.
وتجدر الإشارة إلي أن أعمار هذه المطابع لم يمتد عملها فترات طويلة ، إنما تارجح أغلبها بيت عقد أو عقدين علي الأكثر، ولم يستمر منها علي الساحة الطباعية إلا مايكمل أصابع اليد بالكاد. ويلاحظ أن معظم هذه المطابع قد حملت أسماء أرمنية وبرصد أنشطتهم الطباعية ، نجد أنه انقسم إلي فرعين أساسيين :
أولا: طباعة الصحافة الأرمنية. ويرتبط ميلاد مثل هذه المطابع وموتها بنشأة الجريدة ونهايتها مثل باروس وآرشالويس بالقاهرة وآراكس وهايلي بالإسكندرية.
ثانيا : طباعة كافة المطبوعات من كتب وكراسات وأظرف ومستندات تجارية وبطاقات الدعوات باللغات الأرمنية والفرنسية والإيطالية واليونانية والعربية.
أما التطور التقني الطباي، فنرصد مراحله المتباينة من خلال "مطبعة نوبار" التي أسسها بوغوص سيمونيان في 13 نوفمبر 1939 بغيط النوبي. ففي البدء، استخدم بوغوص الطباعة البارزة؛أي تجميع حروف الرصاص يدويا، ثم تطور إلي استخدام الحجر( ليثوغراف) . ومنذ عام 1959 ، أدخل ولداه نوبار وهراتش تجهيزات طباعة الفوتوليثو أوفست.
وتعتبر" الطباعة الفنية ( فوتوليتو أوفست) من الأنشطة الطباعية المهمة التي مارسها الأرمن. وفي هذا الصدد ، تعد مطبعة روز ماتوسيان (أميران سابقا) أهم وأكبر وأشهر مؤسساتالطباعات الفنية ليس علي المستوي الأرمني فحسب، بل علي المصري أيضا، وقد تأسست في عام 1926 بشارع وابور سعودي في روض الفرج بالقاهرة. وبلغ إجمالي رأسمالها المستثمر "88.500" جنيه وبلغ عدد عمالها "250" شخص . وحققت طاقتها الطباعية في أوائل ستينيات القرن العشرين" 3.5" مليون فرخ مطبوع و"9.5" مليون علبة كارتون بأحجام مختلفة ، "725" دستة ورق لعب.
وفي عام 1937 ، أسس هاجوب توباليان مع والتر شارف مطابع محرم بالإسكندرية وهي أول مؤسسة طباعية في مصر تقيم ورشة للتصوير علي الحجر مجهزة بأحدث الآلات التي تلتقط الصورة مباشرة علي مقاس متر طولا في متر عضا. كما اقتنت أيضا آلات أوفست للطبع السريع بلونين . وتعد أول مطبعة في الشرق العربي تختص بصناعة ورق اللعب.
ويلي هذا " مصنع علب كرتون ب.ك. آلتونبان" الذي أسسه كريكور آلتونيان مع ألفت عمر وهبي عام 1942 في شارع ترعة الزمر بالجيزة برأسمال قدره"80.000" جنيه وعمالة "115" نسمة. ثم شركة طه مخلوف ولوسي مانوجيان وشركاهم "ليتويل" التي تأسست عام 1949 في شارع المقسي بروض الفرج برأسمال مستثمر قدره "40647" جنيه وعمالة"35" فردا.ويرتبط بالأسرة الطباعية أيضا ن صناعة الأحبار والصمغ والزنكوغراف والتجليد .
في هذا المجال، اشتهر " مصنع الأحبار العربية" الذي أسسه ديكران بوغوصيان عام 1961 في شارع السوق الجواني بالعباسية. كما اشتهرت شركة " هرانت نصيبيان وشريكه" في ميدان التجليد. وقد تأسست في عام 1944 في شارع فؤاد الأول (26يوليو" بالقاهرة برأسمال قدره|60000" جنيه وعمالة "77" شخصا .
تبوات الصناعات المعدنية والميكانيكية والكهربائية المرتبة الثانية بين أنشطة الأرمن الصناعية، وتعد مؤسسة " ليفون جوجانيان وشركاه" التي أنشئت عام 1896 في شارع معمل الصابون بغمرة من أقدم المؤسسات الصناعية الأرمني. وبلغت استثماراتها "85000" جنيه عام 1961، وبلغ عمالها "415" نسمة. وانقسم نشاطها إلي خمسة فروع:
الأول: إعداد المستلزمات المعدنية للكباري وأسقف السينمات وقباب المساجد وهناجر صناعية.
الثاني : إنتاج شبابيك وأبواب وأسوار وبلكونات وفاترينات معدنية.
الثاث:صناعة أثاثات معدنية
الرابع : صناعة مزينات حديدية مشغولة للمباني والمساكن والحدائق.
الخامس: صناعة مواسير صرف صحي.
وبخلاف جوجانيان ، هناك " مصنع الأدوات الصحية ومواسير المياه من الزهر لصاحبه ب. .أرمينيان " الذي تخصص في صناعة الأدوات الصحية ومواسير الضغط العالي والزهر المطلي بالمياجميع أنواع المسبوكات. وقد تأسس في شيبرا الخيمة برأسمال قدره"200.000" جنيه وعماله"791" نسمة . وأنتج سنويا "8500" طن.
وفي عام 1951 ، أسس هرانت أهارونيان مصنعا بمنطقتي غمرة وشبرا بالقاهرة لصناعة الكباري والصهاريج والجمالونات والشبابيك المعدنية.
ويوجد أيضا "مصنع إخوان فاهان وموشيغ ديرمينجيان" الذي تأسس عام 1918 بشارع الأشرف في اللبان بالإسكندرية. وبلغ عدد عماله "42" شخصا، وتخصص في صناعة حنفياتومحابس من النحاس. وفي عام 1922 ، أسس جبريل دوستوميان " مصنع جبريل ااصناعات المعدنية" في شارع البيضاوي باللبان في الإسكندرية، وتخصص في صناعة الحنفيات وخراطة المعادن. وفي عام 1936، أسس سركيس صرافيان مصنعا بالقاهرة لإنتاج خلاطاتحمام وخلاطات لافومانو وحنفيات ومحابس مياه. وفي نفس السنة أيضا ، أقام أونيج آجوب بولجاريان مصنعا صغيرا بالإسكندرية لإنتاج محابس برونز وطلمبات زهر.
أما في ميدان الصناعة الألمونينية ، فتظهر مؤسسة " نصيب توركوم " لأصحابها نصيب وتوركوم جاريبيان إخوان التي تأسستعام 1931 ومركزها الرئيسي شارع عماد الدين بالقاهرة.بدأت هذه المؤسسة نشاطها بعمل اللافتات وإقامة الواجهات والفاترينات، ثم تطرقت إلي استخدام الإنارة العصرية في أعمال الزخرفة ودور السينما ومقاصير المعارض. ولتوظيف الشعاع الضوئي في أغراض المنشأة، انتجت المؤسسة أجهزة لتلبية هذه الحاجة من تصميم وصناعة ورشتها الخاصة.
وفي مرحلة تالية، بادرت مؤسسة " نصيب توركوم" بصنع الأثاثات المعدنية من الألمونيوم ومزيج الألمونيوم الذي يناسب المناخ المصري. وقد لاقت هذه الصناعة ترحيبا في السوق المصري بسبب أناقة الأمونيوم ومتانته وسهولة صيانته وخفته. ثم نهضت المؤسسة لتلبية المستلزمات اليومية وتقديم ما يلزم باقي الصناع من أجهزة وخلافه علي ما يكفل استخدام منتجاتهم.كما صنعت أطقما من الأواني المنزلية الخاصة بالمطبخ علي جميع أصنافها من الألمونيومالنقي ماركة "سيفان" . فضلا عن إنتاج بوابير التسخين والمكاوي والسخانات وخزائن التبريد والأفران والغلايات.
وهكذا ، نجحت مؤسسة توركوم في ترسيخ قواعد استخدام معدن الألومنيوم بمصر الذي أضحي مطلوبا في المعمار والزخرفة والصناعات المتباينة تظرا لأرجحيته من حيث الخفة والأناقة وعدم الصدأ.
وفي مجال صناعة الصفيح ومواد التعبئة، تعد مؤسسة "ها تشايلاكيان وشركاه" أقدم مؤسسة أرمنية في هذا المضمار حيث أسسها هاجوب تشايلاكيان وشركاه في عام 1924 في مهمشة غمرة بالقاهرة ، وقد بلغ رأسمالها المستثمر مليون جنيها ، وبلغ تعداد عمالها "152" عامل ، وتخصص في طباعة وصناعة علب الصفيح والبخاخات وفي عام 1950 ، أسس آلتونيان وكيريكيان مصنعا لهذا الغرض في شارع راتب باشا بشبرا، وبلغ رأسماله المستثمر "205000" جنيه وعمل به "363" شخص.
اما في حقل صناعة البراميل ، فقد أسس آرام أغاجيان " الشركة الاهلية لتجارة وصناعة البراميل" عام 1953 في شارع الإسناوي بالورديان في الإسكندرية برأسمال مستثمر قدره"49000" جنيه وعمالة "57" فردا.
وفي ميدان صناعة السبائك هناك "مسبك حروف إخوان بيتشكجيان" الذي أسسه كيغام ديكران بيتشكجيان عام 1939 في شارع قصر الؤلؤة بالفجالة . وجدير بالذكر " مسبك ساكيان" بغمرة ، وأيضا مسبك " معادن الإسكندرية" الذي أسسه ليفون فرونجيان عام 1945 في القاهرة برأسمال مستثمر قدره"39000" وتخصص في سباكة البرونز الفوسفوري . وفي عام 1960 ، أسس ديران كالفيان " مولي ميتال " بالإسكندرية الذي اختص في صهر الرصاص.
............................................................................................وعلي صعيد خراطة المعادن بكافة انواعها ، ظهرت المؤسسات التالية : بوزانت ميناسيان وشريكه بالقاهرة (1919) ، ليفون تشوجيان بالإسكندرية (1925) ، نظير جودولوشيان وشركاه بالقاهرة(1949).
وفيما يتعلق بالصناعات المعدنية المحلاة بالبلاستيك ، نجد مصنع " بكمزيان بلاستيك" الذي أسسه فاهي بكمزيان بالإسكندرية في عام 1947. وقد انحصر نشاطه الرئيسي في صناعة لوازم التعليب وقطع الغيار للآلات والادوات الكهربائية ولوازم الادوات الصحية ولعب الاطفال من البلاستيك والبكاليت.
وفي صناعة الفضيات ، هناك " مصنع فضيات زورايان" الذي أسسه إدوارد آرتين زواريان عام 1957 في عابدين بالقاهرة برأسمال مستثمر قدره "20000" جنيه اما بالنسبة لصناعة لعب الاطفال ، فقد اشتهرت بغنتاجها " ورشة سوكيان لأشغال المعادن" وقد أسسها سوكياس تشيمايان عام 1938 في شارع خمارويهه بشبرا.
اما في حقل الهندسة الميكانيكية ، فيعد هاجوب آجوبيان أقدم الارمن الذين مارسوا هذه الصناعة حيث أقام مؤسسته بالقاهرة في عام 1897 . وكان آجوبيان مقاول الآبار الارتوازية للحكومة المصرية ومتعهد توريد كافة أنواع الوابورات والماكينات وأصناف وابورات غاز البترول والانتراسيت . وفي هذا الصدد أيضا ، برزت منشأة " آرتين إسبنجيان وشركاه" التي تأسست عام 1931 في شارع محطة مصر بالإسكندرية وفي عام 1961 ، بلغ إجمالي رأسمالها المستثمر "65432" جنيه وبلغ عدد العاملين بها "80" نسمة
وفي إطار الخراطة الميكانيكية ، أسس كاراجوزيان " الورشة الميكانيكية سركيس" عام 1940 في معروف بالقاهرة ، ومفي عام 1954 أسس هرانت تيرساجيان مؤسسته في اللبان بالإسكندرية للتركيبات الميكانيكية والكهرباية وتنفيذ الاعمال الصناعية
أما أكبر هذه الورش فهي الورشة الميكانيكية " تستا وأليكس" التي أسسها أنطون أليكس كاراجوزيان عام 1955 في بولاق بالقاهرة برأسمال قدره "25000" جنيه وبلغ عدد العاملين بها "131" فرد وقد اختصت بأعمال الخراطة الميكانيكية.
وفي هذا الحقل أيضا ، أسس أرداشيس فارتان ورشة صناعة الآلات الميكانيكية عام 1944 بشارع النور في قسم اللبان بالإسكندرية . وقد تركز نشاطها الرئيسي في صناعة قطع الغيار الخاصة بآلات الغزل والنسيج.
كما أنشأ سركيس يابوجيان في عام 1948 " ورشة زينيت بشارع بيبرس في اللبان لخراطة قطع الموتورات.
أما فيما يتعلق بصناعة المسامير ، فقد اشتهر " مصنع كنج عثمان" الذي أسسه نوراير بن اوهانيان عام 1948 في شارع المحافظة بالإسكندرية برأسمال مستثمر قدره"90000" جنيه ، وبلغ عدد العاملين به"78" شخصا. وقد انصب نشاطه الرئيسي علي سحب الأسلاك وصناعة المسامير . اما نشاطه الفرعي فقد شمل سوست تنجيد ومواسير مرنة.
وفي عام 1958، أسس نفس الشخص أيضا " مصنع مسامير نوراير بن أوهانيان" بشارع كنج عثمان في العطارين بالإسكندرية. وقد تخصص هذا المصنع في إنتاج مسامير الأحذية وأختام الرصاص
كما اشتغل الارمن بصناعة عدد وابور الغاز. وفي هذا الخصوص، أسس تشاكجيان " فابريقة أطلس المصرية " عام 1932 في شارع العباسية بالقاهرة. وفي عام 1944 ، انشأ انطون ميشيل باجميان الشهير ب" آنترانيج" مصنع عدد وابورات الغاز" بيرلوس" في شارع سيدي إسكندر بقسم اللبان. اما مصنع " فولكان" ، فيعد اكبر المؤسسات الارمنية في هذا الشان. وقد أسسه هراتش كالينيان وولده رافي عام 1961 في شارع بوغوص يوسف بقسم اللبان وبلغ عدد عماله "64" شخصا ، وانحصر نشاطه الرئيسي في صناعة لوازم وابورات الغاز والحنفيات ، اما نشاطه الفرعي فقد تطرق إلي صناعة ماكينات الحلاقة ولوازم الستائر.
وأيضا ، امتدت النشاطات الصناعية الارمنية إلي ميدان صناعة البطاريات الجافة والرتاين. هنا تعد مصانع ماجت للبطاريات الجافة اهم المؤسسات الارمنية وأكبرها واوسعها شهرة. وقد أسسها ماجروس إيتمكيجيان في شارع البلسم بالمطرية برأسمال مستثمر قدره"253121" جنيه وضمت "355" شخص في دولاب أشغالها. وتركز نشاطها الأساسي في صناعة البطاريات الجافة ورتاين حرير لكلوبات الغاز كما أسس ليفون إيشخانيان " شركة القاهرة للرتاين " عام 1958 في شارع ترعة الجبل بالزيتون بالقاهرة ، وقد اختصت بصناعة رتاين الكلوبات.
وفي مجال صناعة لافتات النيون والفلورسنت ، أسس بول كيليدجيان عام 1950 " الشركة العربية لانوار النيون والفلورست " في شارع محمد فريد بالقاهرة برأسمال "10000" وعمالة" 43 " فردا. اما الصناعات الخاصة بالآلات الموسيقية ولوازمها والراديو، فقد برزت فيها "المحلات العمومية للموسيقي " في شارع عدلي بالقاهرة
شغلت الصناعات الجلدية المكانة الثاثلة علي مستوي النشاط الصناعي الأرمني المصري. وقد تنوعت بين صناعة الأحذية وملحقاتها والشنط وكافة انواع الجلود. بيد ان الصناعة الاولي قد استأثرت بقمة المصنوعات الجلدية ، وتنوعت بين صناعة الاحذية المختلفة ومؤسساتها "9" ، وصناعة أحذية حريمي وعدد مؤسساتها " 5" ، وصناعة أحذية أطفال وعدد مؤسساتها "2" ، وصناعة احذية رجالي وأطفال وعدد مؤسساتها" 2" وصناعة أحذية رجالي وعدد مؤسساتها "1" ، وصناعة أحذية حريمي ورجالي وعدد مؤسساتها "1"
وتوزعت التسعة مصانع الخاصة بصناعة الأحذية المختلفة بين خمسة في الإسكندرية وأربعة في القاهرة. يعد مصنع أحذية سيسيل أقدم مصانع الارمن بالإسكندرية الذي أسسه آرتين طوسونيان عام 1934 بشارع المينا الشرقية. وفي العام التالي ، أسس هايجاز دورسونيان " مصنع برج إيفل للاحذية " في شارع قبو الملاح بقسم الجمرك
وفي عام 1945 ، أسس آرتور اوزونيان " مصنع أحذية آرتور" بشارع طريق الحرية وفي عام 1956، أسس نوبار طزسونيان " مصنع أحذية زينيت" بشارع المحافظة. وفي نفس السنة أيضا ، أنشأ جاربيس بلابيجيان " مصنع أحذية النمر" في سموحة.
أما مصانع أحذية الأرمن بالقاهرة ، فأقدمها " مصنع أحذية ممتاز" الذي أسسه ميناس دير سركسيان في عام 1927 في شارع غيط النوبي بالموسكي.
وقد بلغ عدد عماله "31" شخصا ، وإنتاجه "1908 زود سنويا . وفي عام 1944، أقام ليفون ونيس كاراكاشيان" ورشة أحذية ليفون كاراكاشيان " في شارع الباب البحري بالأزبكية. وفي عام 1952 ،أسس يعقوب تشراكيان "مصانع أحذية دوركس"في حارة غالي من شارع العسيلي بالموسكي، وبلغ عمالا "28"فردا وأنتجت سنويا "50000" زوج.
وفيما يتعلق بمصانع الأحذية الحريمي الخمسة، فتقع ثلاثة منها بالقاهرة واثنان بالإسكندرية. أسس بوزانت ديرمنجيان " مصنع أحذية بوزانت ديرمنجيان عام 1948 " في شارع قطاوي بالموسكي . وفي عام 1953 أسس أرتين أنوجيان " ورشة أحذية الفن " في الأزبكية وضمت "31" عاملا . وفي عام 1959 ، أقام ليفون ميلكونيان مصنعا باسمه في سوق أرض شريف ملك الأوقاف بالقاهرة.أما في الثغر فقد أنشأ آبراهام نزيليان عام 1945 مصنعا باسمه في شارع الزهرة بالمنيا الشرقية. وفي عام 1952 ، أسس جبرائيل نوريجيان " ورشة أحذية فينيز" بشارع طلعت جرب.
وثمة مصنعان بالقاهرة تخصصا في صناعة الأحذية الرجالي والأولاد دون الإناث جميعا ،أقدمها " فابريقة أحذية الشرق" التي أسسها آرام أوكتايان عام 1940 بشارع عبد العزيز . وبلغ عدد عمالها"43" شخصا وأنتجت سنويا "33394" زوج.أما ثانيهما ، فهو المصنع الذي أنشأه ميسروب يومجيان وشركاه عام 1945 في زقاق الجباس من درب البرابرة بالموسكي برأسمال قدره "12000" وعمالة "51" شخصا. وبلغ إنتاجه السنوي"39203" زوج.
وكذا ، يوجد مصنعان بالقاهرة تخصا في صناعة أحذية الأطفال فقط ، تأسس أولهما ، وهو " مصنع أحذية يعقوب زاكريان" عام 1957 في درب البرابرة بالموسكي. أما ثانيهما ، فقد أسسه طوروس دير سركسيان عام 1960 باسم مصنع "أحذية دوراتا" في شارع نجيب الريحاني بالأزبكية.
فضلا عن هذا، هناك مصنعان بالقاهرة ، أحدهما خاص بصناعة الأحذية الحريمي والرجالي معا( دون الأطفال" ، أسسه زوهراب بارماكسيزيان معزت فرج عام 1956 بشارع الجمهورية . أما المصنع الثاني ، فينصب إنتاجه عل صناعة الأحذية الرجالي ويسمي " مصنع أحذية تاكفوروشريكه محمد حسن العطفي" الذي تأسس عام 1958 في سوق أرض شريف ملك الأوقاف بالقاهرة.
ويرتبط بصناعة الأحذية " صناعة فوندي للأحذية" وقد اشتغل أرمينيان في هذا الخصوص وهما :" كريكور صوغومنيان وأولاده"الذين أقاموا مؤسستهم عام 1950 في شارع الشعراني البراني بقسم الجمالية وأ. نشراكيان الذي أسس " ورشة أجاكسي" عام 1959 في حارة غالي المتفرعة من شارع العسيلي بالموسكي.
وينتمي إلي العائلة الجلدية عدة صناعات أخري مثل دباغة الجلود التي اشتهرت بها " مدبغة مارديج زربهانليان وشركاه" المؤسسة بالثغر عام 1933وبلغت عمالتها "44" شخصا . علاوة علي تجهيز جلد الطرابيش الذي أنتجته " شركة إخوان آربيان" المؤسسة بالقاهرة عام 1935 . وكذا ، صناعة شنط السيدات في " مصنع شنط هايج آشجيان" المؤسس عام 1945 في شارع سيدي المتولي بالعطارين- الإسكندرية.
أولا الصناعات
مارس الأرمن صناعات متباينة في مصر، تنوعت بين الطباعة والزنكوغراف وصناعات معدنية وكهربائية وصناعات جلدية، وصناعات السجائر والملابسالمختلفة، وصناعات غذائية وخشبية وكيميائية.
ويلاحظ أن الصناعيين الأرمن شكلووا نسبة"2.6" % من إجمالي الجالية ونسبة "7.3"%من إجمالي القوة الأرمنية العاملة..
تعد الطباعة من الميادين الرائدة التي ارتادها الأرمن في مصر، وقد أسسوا خلال الفترة من (1896-1960) "41" مطبعة تفاوتت في حجمها وتقنياتها وشهرتها واستمراريتها . استأثرت القاهرة وحدها منهاب "28" مطبعة، أما الإسكندرية فقدكان نصيبها "13" مطبعة".
تعتبر مطبعة"أراراد" أقدم مطابع الأرمن في القاهرة حيث أسسها سركيس دربينيان في بين السورين عام 1896، ثم توالي بعدها تأسيس المطابع: مينديكيان الحجرية، آرديميس،لوسابير، بريريان ،هايجاجان،، توباليان، ساج ميسروب ، ميوتون، فوسجيدار، أرجوس، هابيت، بغداسار، نيغوص، زاريه بربريان، سفينكس،ه. بابازيان، نوبار ، مطبعة وفوتوليتوإدي، قصر النيل...إلخ.
أما في الإسكندرية ، فتعد مطبعة – زنكوغراف نازاريتيان أقدم مطبعة أرمنية هناك ، حيث أسسها ك. نازاريتيان في عام 1899 . ثم أعقبها المطابع التالية: آراكسن بيونيج"العنقاء" ، سيسفان، قيليقية، بيتاج"المنحل"، آسكانازيان، هايلي"المرآة"، تيكيان وشركاه ، جاميتا، كاسبيان، سركسيان...إلخ.
وتجدر الإشارة إلي أن أعمار هذه المطابع لم يمتد عملها فترات طويلة ، إنما تارجح أغلبها بيت عقد أو عقدين علي الأكثر، ولم يستمر منها علي الساحة الطباعية إلا مايكمل أصابع اليد بالكاد. ويلاحظ أن معظم هذه المطابع قد حملت أسماء أرمنية وبرصد أنشطتهم الطباعية ، نجد أنه انقسم إلي فرعين أساسيين :
أولا: طباعة الصحافة الأرمنية. ويرتبط ميلاد مثل هذه المطابع وموتها بنشأة الجريدة ونهايتها مثل باروس وآرشالويس بالقاهرة وآراكس وهايلي بالإسكندرية.
ثانيا : طباعة كافة المطبوعات من كتب وكراسات وأظرف ومستندات تجارية وبطاقات الدعوات باللغات الأرمنية والفرنسية والإيطالية واليونانية والعربية.
أما التطور التقني الطباي، فنرصد مراحله المتباينة من خلال "مطبعة نوبار" التي أسسها بوغوص سيمونيان في 13 نوفمبر 1939 بغيط النوبي. ففي البدء، استخدم بوغوص الطباعة البارزة؛أي تجميع حروف الرصاص يدويا، ثم تطور إلي استخدام الحجر( ليثوغراف) . ومنذ عام 1959 ، أدخل ولداه نوبار وهراتش تجهيزات طباعة الفوتوليثو أوفست.
وتعتبر" الطباعة الفنية ( فوتوليتو أوفست) من الأنشطة الطباعية المهمة التي مارسها الأرمن. وفي هذا الصدد ، تعد مطبعة روز ماتوسيان (أميران سابقا) أهم وأكبر وأشهر مؤسساتالطباعات الفنية ليس علي المستوي الأرمني فحسب، بل علي المصري أيضا، وقد تأسست في عام 1926 بشارع وابور سعودي في روض الفرج بالقاهرة. وبلغ إجمالي رأسمالها المستثمر "88.500" جنيه وبلغ عدد عمالها "250" شخص . وحققت طاقتها الطباعية في أوائل ستينيات القرن العشرين" 3.5" مليون فرخ مطبوع و"9.5" مليون علبة كارتون بأحجام مختلفة ، "725" دستة ورق لعب.
وفي عام 1937 ، أسس هاجوب توباليان مع والتر شارف مطابع محرم بالإسكندرية وهي أول مؤسسة طباعية في مصر تقيم ورشة للتصوير علي الحجر مجهزة بأحدث الآلات التي تلتقط الصورة مباشرة علي مقاس متر طولا في متر عضا. كما اقتنت أيضا آلات أوفست للطبع السريع بلونين . وتعد أول مطبعة في الشرق العربي تختص بصناعة ورق اللعب.
ويلي هذا " مصنع علب كرتون ب.ك. آلتونبان" الذي أسسه كريكور آلتونيان مع ألفت عمر وهبي عام 1942 في شارع ترعة الزمر بالجيزة برأسمال قدره"80.000" جنيه وعمالة "115" نسمة. ثم شركة طه مخلوف ولوسي مانوجيان وشركاهم "ليتويل" التي تأسست عام 1949 في شارع المقسي بروض الفرج برأسمال مستثمر قدره "40647" جنيه وعمالة"35" فردا.ويرتبط بالأسرة الطباعية أيضا ن صناعة الأحبار والصمغ والزنكوغراف والتجليد .
في هذا المجال، اشتهر " مصنع الأحبار العربية" الذي أسسه ديكران بوغوصيان عام 1961 في شارع السوق الجواني بالعباسية. كما اشتهرت شركة " هرانت نصيبيان وشريكه" في ميدان التجليد. وقد تأسست في عام 1944 في شارع فؤاد الأول (26يوليو" بالقاهرة برأسمال قدره|60000" جنيه وعمالة "77" شخصا .
تبوات الصناعات المعدنية والميكانيكية والكهربائية المرتبة الثانية بين أنشطة الأرمن الصناعية، وتعد مؤسسة " ليفون جوجانيان وشركاه" التي أنشئت عام 1896 في شارع معمل الصابون بغمرة من أقدم المؤسسات الصناعية الأرمني. وبلغت استثماراتها "85000" جنيه عام 1961، وبلغ عمالها "415" نسمة. وانقسم نشاطها إلي خمسة فروع:
الأول: إعداد المستلزمات المعدنية للكباري وأسقف السينمات وقباب المساجد وهناجر صناعية.
الثاني : إنتاج شبابيك وأبواب وأسوار وبلكونات وفاترينات معدنية.
الثاث:صناعة أثاثات معدنية
الرابع : صناعة مزينات حديدية مشغولة للمباني والمساكن والحدائق.
الخامس: صناعة مواسير صرف صحي.
وبخلاف جوجانيان ، هناك " مصنع الأدوات الصحية ومواسير المياه من الزهر لصاحبه ب. .أرمينيان " الذي تخصص في صناعة الأدوات الصحية ومواسير الضغط العالي والزهر المطلي بالمياجميع أنواع المسبوكات. وقد تأسس في شيبرا الخيمة برأسمال قدره"200.000" جنيه وعماله"791" نسمة . وأنتج سنويا "8500" طن.
وفي عام 1951 ، أسس هرانت أهارونيان مصنعا بمنطقتي غمرة وشبرا بالقاهرة لصناعة الكباري والصهاريج والجمالونات والشبابيك المعدنية.
ويوجد أيضا "مصنع إخوان فاهان وموشيغ ديرمينجيان" الذي تأسس عام 1918 بشارع الأشرف في اللبان بالإسكندرية. وبلغ عدد عماله "42" شخصا، وتخصص في صناعة حنفياتومحابس من النحاس. وفي عام 1922 ، أسس جبريل دوستوميان " مصنع جبريل ااصناعات المعدنية" في شارع البيضاوي باللبان في الإسكندرية، وتخصص في صناعة الحنفيات وخراطة المعادن. وفي عام 1936، أسس سركيس صرافيان مصنعا بالقاهرة لإنتاج خلاطاتحمام وخلاطات لافومانو وحنفيات ومحابس مياه. وفي نفس السنة أيضا ، أقام أونيج آجوب بولجاريان مصنعا صغيرا بالإسكندرية لإنتاج محابس برونز وطلمبات زهر.
أما في ميدان الصناعة الألمونينية ، فتظهر مؤسسة " نصيب توركوم " لأصحابها نصيب وتوركوم جاريبيان إخوان التي تأسستعام 1931 ومركزها الرئيسي شارع عماد الدين بالقاهرة.بدأت هذه المؤسسة نشاطها بعمل اللافتات وإقامة الواجهات والفاترينات، ثم تطرقت إلي استخدام الإنارة العصرية في أعمال الزخرفة ودور السينما ومقاصير المعارض. ولتوظيف الشعاع الضوئي في أغراض المنشأة، انتجت المؤسسة أجهزة لتلبية هذه الحاجة من تصميم وصناعة ورشتها الخاصة.
وفي مرحلة تالية، بادرت مؤسسة " نصيب توركوم" بصنع الأثاثات المعدنية من الألمونيوم ومزيج الألمونيوم الذي يناسب المناخ المصري. وقد لاقت هذه الصناعة ترحيبا في السوق المصري بسبب أناقة الأمونيوم ومتانته وسهولة صيانته وخفته. ثم نهضت المؤسسة لتلبية المستلزمات اليومية وتقديم ما يلزم باقي الصناع من أجهزة وخلافه علي ما يكفل استخدام منتجاتهم.كما صنعت أطقما من الأواني المنزلية الخاصة بالمطبخ علي جميع أصنافها من الألمونيومالنقي ماركة "سيفان" . فضلا عن إنتاج بوابير التسخين والمكاوي والسخانات وخزائن التبريد والأفران والغلايات.
وهكذا ، نجحت مؤسسة توركوم في ترسيخ قواعد استخدام معدن الألومنيوم بمصر الذي أضحي مطلوبا في المعمار والزخرفة والصناعات المتباينة تظرا لأرجحيته من حيث الخفة والأناقة وعدم الصدأ.
وفي مجال صناعة الصفيح ومواد التعبئة، تعد مؤسسة "ها تشايلاكيان وشركاه" أقدم مؤسسة أرمنية في هذا المضمار حيث أسسها هاجوب تشايلاكيان وشركاه في عام 1924 في مهمشة غمرة بالقاهرة ، وقد بلغ رأسمالها المستثمر مليون جنيها ، وبلغ تعداد عمالها "152" عامل ، وتخصص في طباعة وصناعة علب الصفيح والبخاخات وفي عام 1950 ، أسس آلتونيان وكيريكيان مصنعا لهذا الغرض في شارع راتب باشا بشبرا، وبلغ رأسماله المستثمر "205000" جنيه وعمل به "363" شخص.
اما في حقل صناعة البراميل ، فقد أسس آرام أغاجيان " الشركة الاهلية لتجارة وصناعة البراميل" عام 1953 في شارع الإسناوي بالورديان في الإسكندرية برأسمال مستثمر قدره"49000" جنيه وعمالة "57" فردا.
وفي ميدان صناعة السبائك هناك "مسبك حروف إخوان بيتشكجيان" الذي أسسه كيغام ديكران بيتشكجيان عام 1939 في شارع قصر الؤلؤة بالفجالة . وجدير بالذكر " مسبك ساكيان" بغمرة ، وأيضا مسبك " معادن الإسكندرية" الذي أسسه ليفون فرونجيان عام 1945 في القاهرة برأسمال مستثمر قدره"39000" وتخصص في سباكة البرونز الفوسفوري . وفي عام 1960 ، أسس ديران كالفيان " مولي ميتال " بالإسكندرية الذي اختص في صهر الرصاص.
............................................................................................وعلي صعيد خراطة المعادن بكافة انواعها ، ظهرت المؤسسات التالية : بوزانت ميناسيان وشريكه بالقاهرة (1919) ، ليفون تشوجيان بالإسكندرية (1925) ، نظير جودولوشيان وشركاه بالقاهرة(1949).
وفيما يتعلق بالصناعات المعدنية المحلاة بالبلاستيك ، نجد مصنع " بكمزيان بلاستيك" الذي أسسه فاهي بكمزيان بالإسكندرية في عام 1947. وقد انحصر نشاطه الرئيسي في صناعة لوازم التعليب وقطع الغيار للآلات والادوات الكهربائية ولوازم الادوات الصحية ولعب الاطفال من البلاستيك والبكاليت.
وفي صناعة الفضيات ، هناك " مصنع فضيات زورايان" الذي أسسه إدوارد آرتين زواريان عام 1957 في عابدين بالقاهرة برأسمال مستثمر قدره "20000" جنيه اما بالنسبة لصناعة لعب الاطفال ، فقد اشتهرت بغنتاجها " ورشة سوكيان لأشغال المعادن" وقد أسسها سوكياس تشيمايان عام 1938 في شارع خمارويهه بشبرا.
اما في حقل الهندسة الميكانيكية ، فيعد هاجوب آجوبيان أقدم الارمن الذين مارسوا هذه الصناعة حيث أقام مؤسسته بالقاهرة في عام 1897 . وكان آجوبيان مقاول الآبار الارتوازية للحكومة المصرية ومتعهد توريد كافة أنواع الوابورات والماكينات وأصناف وابورات غاز البترول والانتراسيت . وفي هذا الصدد أيضا ، برزت منشأة " آرتين إسبنجيان وشركاه" التي تأسست عام 1931 في شارع محطة مصر بالإسكندرية وفي عام 1961 ، بلغ إجمالي رأسمالها المستثمر "65432" جنيه وبلغ عدد العاملين بها "80" نسمة
وفي إطار الخراطة الميكانيكية ، أسس كاراجوزيان " الورشة الميكانيكية سركيس" عام 1940 في معروف بالقاهرة ، ومفي عام 1954 أسس هرانت تيرساجيان مؤسسته في اللبان بالإسكندرية للتركيبات الميكانيكية والكهرباية وتنفيذ الاعمال الصناعية
أما أكبر هذه الورش فهي الورشة الميكانيكية " تستا وأليكس" التي أسسها أنطون أليكس كاراجوزيان عام 1955 في بولاق بالقاهرة برأسمال قدره "25000" جنيه وبلغ عدد العاملين بها "131" فرد وقد اختصت بأعمال الخراطة الميكانيكية.
وفي هذا الحقل أيضا ، أسس أرداشيس فارتان ورشة صناعة الآلات الميكانيكية عام 1944 بشارع النور في قسم اللبان بالإسكندرية . وقد تركز نشاطها الرئيسي في صناعة قطع الغيار الخاصة بآلات الغزل والنسيج.
كما أنشأ سركيس يابوجيان في عام 1948 " ورشة زينيت بشارع بيبرس في اللبان لخراطة قطع الموتورات.
أما فيما يتعلق بصناعة المسامير ، فقد اشتهر " مصنع كنج عثمان" الذي أسسه نوراير بن اوهانيان عام 1948 في شارع المحافظة بالإسكندرية برأسمال مستثمر قدره"90000" جنيه ، وبلغ عدد العاملين به"78" شخصا. وقد انصب نشاطه الرئيسي علي سحب الأسلاك وصناعة المسامير . اما نشاطه الفرعي فقد شمل سوست تنجيد ومواسير مرنة.
وفي عام 1958، أسس نفس الشخص أيضا " مصنع مسامير نوراير بن أوهانيان" بشارع كنج عثمان في العطارين بالإسكندرية. وقد تخصص هذا المصنع في إنتاج مسامير الأحذية وأختام الرصاص
كما اشتغل الارمن بصناعة عدد وابور الغاز. وفي هذا الخصوص، أسس تشاكجيان " فابريقة أطلس المصرية " عام 1932 في شارع العباسية بالقاهرة. وفي عام 1944 ، انشأ انطون ميشيل باجميان الشهير ب" آنترانيج" مصنع عدد وابورات الغاز" بيرلوس" في شارع سيدي إسكندر بقسم اللبان. اما مصنع " فولكان" ، فيعد اكبر المؤسسات الارمنية في هذا الشان. وقد أسسه هراتش كالينيان وولده رافي عام 1961 في شارع بوغوص يوسف بقسم اللبان وبلغ عدد عماله "64" شخصا ، وانحصر نشاطه الرئيسي في صناعة لوازم وابورات الغاز والحنفيات ، اما نشاطه الفرعي فقد تطرق إلي صناعة ماكينات الحلاقة ولوازم الستائر.
وأيضا ، امتدت النشاطات الصناعية الارمنية إلي ميدان صناعة البطاريات الجافة والرتاين. هنا تعد مصانع ماجت للبطاريات الجافة اهم المؤسسات الارمنية وأكبرها واوسعها شهرة. وقد أسسها ماجروس إيتمكيجيان في شارع البلسم بالمطرية برأسمال مستثمر قدره"253121" جنيه وضمت "355" شخص في دولاب أشغالها. وتركز نشاطها الأساسي في صناعة البطاريات الجافة ورتاين حرير لكلوبات الغاز كما أسس ليفون إيشخانيان " شركة القاهرة للرتاين " عام 1958 في شارع ترعة الجبل بالزيتون بالقاهرة ، وقد اختصت بصناعة رتاين الكلوبات.
وفي مجال صناعة لافتات النيون والفلورسنت ، أسس بول كيليدجيان عام 1950 " الشركة العربية لانوار النيون والفلورست " في شارع محمد فريد بالقاهرة برأسمال "10000" وعمالة" 43 " فردا. اما الصناعات الخاصة بالآلات الموسيقية ولوازمها والراديو، فقد برزت فيها "المحلات العمومية للموسيقي " في شارع عدلي بالقاهرة
شغلت الصناعات الجلدية المكانة الثاثلة علي مستوي النشاط الصناعي الأرمني المصري. وقد تنوعت بين صناعة الأحذية وملحقاتها والشنط وكافة انواع الجلود. بيد ان الصناعة الاولي قد استأثرت بقمة المصنوعات الجلدية ، وتنوعت بين صناعة الاحذية المختلفة ومؤسساتها "9" ، وصناعة أحذية حريمي وعدد مؤسساتها " 5" ، وصناعة أحذية أطفال وعدد مؤسساتها "2" ، وصناعة احذية رجالي وأطفال وعدد مؤسساتها" 2" وصناعة أحذية رجالي وعدد مؤسساتها "1" ، وصناعة أحذية حريمي ورجالي وعدد مؤسساتها "1"
وتوزعت التسعة مصانع الخاصة بصناعة الأحذية المختلفة بين خمسة في الإسكندرية وأربعة في القاهرة. يعد مصنع أحذية سيسيل أقدم مصانع الارمن بالإسكندرية الذي أسسه آرتين طوسونيان عام 1934 بشارع المينا الشرقية. وفي العام التالي ، أسس هايجاز دورسونيان " مصنع برج إيفل للاحذية " في شارع قبو الملاح بقسم الجمرك
وفي عام 1945 ، أسس آرتور اوزونيان " مصنع أحذية آرتور" بشارع طريق الحرية وفي عام 1956، أسس نوبار طزسونيان " مصنع أحذية زينيت" بشارع المحافظة. وفي نفس السنة أيضا ، أنشأ جاربيس بلابيجيان " مصنع أحذية النمر" في سموحة.
أما مصانع أحذية الأرمن بالقاهرة ، فأقدمها " مصنع أحذية ممتاز" الذي أسسه ميناس دير سركسيان في عام 1927 في شارع غيط النوبي بالموسكي.
وقد بلغ عدد عماله "31" شخصا ، وإنتاجه "1908 زود سنويا . وفي عام 1944، أقام ليفون ونيس كاراكاشيان" ورشة أحذية ليفون كاراكاشيان " في شارع الباب البحري بالأزبكية. وفي عام 1952 ،أسس يعقوب تشراكيان "مصانع أحذية دوركس"في حارة غالي من شارع العسيلي بالموسكي، وبلغ عمالا "28"فردا وأنتجت سنويا "50000" زوج.
وفيما يتعلق بمصانع الأحذية الحريمي الخمسة، فتقع ثلاثة منها بالقاهرة واثنان بالإسكندرية. أسس بوزانت ديرمنجيان " مصنع أحذية بوزانت ديرمنجيان عام 1948 " في شارع قطاوي بالموسكي . وفي عام 1953 أسس أرتين أنوجيان " ورشة أحذية الفن " في الأزبكية وضمت "31" عاملا . وفي عام 1959 ، أقام ليفون ميلكونيان مصنعا باسمه في سوق أرض شريف ملك الأوقاف بالقاهرة.أما في الثغر فقد أنشأ آبراهام نزيليان عام 1945 مصنعا باسمه في شارع الزهرة بالمنيا الشرقية. وفي عام 1952 ، أسس جبرائيل نوريجيان " ورشة أحذية فينيز" بشارع طلعت جرب.
وثمة مصنعان بالقاهرة تخصصا في صناعة الأحذية الرجالي والأولاد دون الإناث جميعا ،أقدمها " فابريقة أحذية الشرق" التي أسسها آرام أوكتايان عام 1940 بشارع عبد العزيز . وبلغ عدد عمالها"43" شخصا وأنتجت سنويا "33394" زوج.أما ثانيهما ، فهو المصنع الذي أنشأه ميسروب يومجيان وشركاه عام 1945 في زقاق الجباس من درب البرابرة بالموسكي برأسمال قدره "12000" وعمالة "51" شخصا. وبلغ إنتاجه السنوي"39203" زوج.
وكذا ، يوجد مصنعان بالقاهرة تخصا في صناعة أحذية الأطفال فقط ، تأسس أولهما ، وهو " مصنع أحذية يعقوب زاكريان" عام 1957 في درب البرابرة بالموسكي. أما ثانيهما ، فقد أسسه طوروس دير سركسيان عام 1960 باسم مصنع "أحذية دوراتا" في شارع نجيب الريحاني بالأزبكية.
فضلا عن هذا، هناك مصنعان بالقاهرة ، أحدهما خاص بصناعة الأحذية الحريمي والرجالي معا( دون الأطفال" ، أسسه زوهراب بارماكسيزيان معزت فرج عام 1956 بشارع الجمهورية . أما المصنع الثاني ، فينصب إنتاجه عل صناعة الأحذية الرجالي ويسمي " مصنع أحذية تاكفوروشريكه محمد حسن العطفي" الذي تأسس عام 1958 في سوق أرض شريف ملك الأوقاف بالقاهرة.
ويرتبط بصناعة الأحذية " صناعة فوندي للأحذية" وقد اشتغل أرمينيان في هذا الخصوص وهما :" كريكور صوغومنيان وأولاده"الذين أقاموا مؤسستهم عام 1950 في شارع الشعراني البراني بقسم الجمالية وأ. نشراكيان الذي أسس " ورشة أجاكسي" عام 1959 في حارة غالي المتفرعة من شارع العسيلي بالموسكي.
وينتمي إلي العائلة الجلدية عدة صناعات أخري مثل دباغة الجلود التي اشتهرت بها " مدبغة مارديج زربهانليان وشركاه" المؤسسة بالثغر عام 1933وبلغت عمالتها "44" شخصا . علاوة علي تجهيز جلد الطرابيش الذي أنتجته " شركة إخوان آربيان" المؤسسة بالقاهرة عام 1935 . وكذا ، صناعة شنط السيدات في " مصنع شنط هايج آشجيان" المؤسس عام 1945 في شارع سيدي المتولي بالعطارين- الإسكندرية.
عطا درغام- Admin
- عدد المساهمات : 923
تاريخ التسجيل : 24/04/2009
رد: النشاط الاقتصادي للأرمن في مصر
هذا ، وقد احتلت صناعة الدخان والسجائر والمعسل المكانة الرابعة من حيث الكم علي المستوي الصناعي الأرمني . بيد أنها تبوأت قمة الصناعات جميعا من حيث الكيف وذيوع الصيت والتركز الرأسمالي.
تعد صناعة الدخان من الصناعات التقليدية التي لم تعتمد علي المواد المجلوبة من الخارج فقط، ولكنها انبثقت أساسا بفضل جهود اليونانيين والأرمن. وقد ظهرت هذه الصناعة في مصر نتيجة غير مباشرة للسياسة الاقتصادية التي انتهجتها الدولة العثمانية إبان العقدين الأخيرين من القرن التاسع عشر عندما خولت إنتاج الدخان وبيعه إلي بعض رجال الأعمال الفرنسيين بالأستانة تسديدا للديون العثمانية. وقد نجم عن هذا ، إقصاء اليونانيين والأرمن العاملين في ميدان إنتاج الدخان وتجارته.زد هنا أيضا ، تلبد المناخ السياسي العثماني إزاء اليونانيين والأرمن وقتئذ خاصة المذابح التي تعر لها الأخيرون منذ منتصف تسعينيات القرن التاسع عشر.
ولذا ، آثر اليونانيون والأرمن المتخصصون في صناعة الدخان أن يولوا بوجوههم شطر مصر التي تتمتع بمزايا طبيعية وسياسية وفكرية تدعم نمو هذه الصناعة وتطورها. فطبيعيا ، تتميز مصر بوفرة العمالة الرخيصة جدا " المطلوبة بشدة في صناعة تقليدية تعتمد في جوهرها علي المجهود اليدوي. وأيضا، قرب مصر من المنابع الرئيسية للتبغ الخام ( اليونان ، إيطاليا ن الدولة العثمانية) اللازم لإيجاد توليفة ذات نوعية راقية ونكهة عالية الجودة. وعلاوة علي هذا ، يعتبر الطقس المصري الجاف طوال العام أنموذجا لتحويل أوراق التبغ المستورد إلي سجائر رغم عدم صلاحيته إلا لنمو نوعية رديئة من التبغ.
أما سياسيا وفكريا ، فقد تمتعت مصر بحرية نسبية عن سائر أنحاء الدولة العثمانية. ولاقت صناعة الدخان ترحيبا واسعا من قوات الاحتلال البريطاني ما ساعدها علي النمو والازدهار. كما أن الجدل الشائك الذي دار آنذاك حول تحريم الإسلام زراعة الدخان وصناعته قد خوف المسلمين من ارتياد هذا الميدان وأفسح ال\ريق أمام غيرهم خاصة اليونانيين والأرمن.
في هذه الظروف المواتية، أسس الأرمن عدة فابريقات لصناعة الدخان والسجائر بالقطر المصري، نوردها حسب تأسيسها من الأقدم إلي الأحدث : " فابريقة سجاير ودخان سركسيان بمصر" التي أسسها كريكور سركسيان في شارع شبرا بالقاهرة عام 1867 وأنتج ماركة " أبو فانوس" . ثم آلت هذه الفابريقة إلي ابنه كيفورك فأولاده. وأنتج الأخيرون ماركات "معدن" و"لوكس" و"إكرام" و"باشا".
وفي عام 1882 ، أسس الأخوان كريكور وجرابيد " محل ك.ق ملكونيان بمصر. معمل الدخان والسجاير الشرقية بالتوفيقية " ثم تغير اسمه بعد ثورة 1919 إلي " معمل الدخان الشرقي والسجاير الشرقية المصرية".كما افتتح فروعا تجارية في ميدان العتبة الخضراء ووجه البركة وميدان باب الحديد ( رمسي) وعابدين بالقاهرة، وفي شارع شامبليون ووكالة مونفراتو بالإسكندرية. وقد صنع ميلكونيان الأصناف الآتية : " معدن" ، " فلور معدن"، " فلور معدن مني" ، سوبر معدن منشي" ، " ياكا" ، " ياكا منشي" ، "سمسون".
وفي عام 1885 أسس الخواجات مجرديان ومانوج حكيميان ونشان عربجيان مصنعا لإنتاج الدخان في شارع منصور باشا بجوار قنطرة الأمير حسن بالقاهرة. وفي عام 1895 ، أسس كيفورك إيبكيان " فابريقة سجاير كيووق إبيكيان " في شارع رشيد ووكالة السنانية ( شارع فرنسا ) وشارع محرم بك بالإسكندرية.أما فرع القاهرة ، فقد كان مقره بشارع عماد الدين. كما أسس الأخوان أرميناج وديكران جامسراجان سنتئذ أيضا " فابريقة إخوان جامسراجان ببندر الزقازيق" . وتمركزت فروعها في ميدان الأوبرا وبولاق أبي العلا بالقاهرة، وفي شوارع توفيق والميدان والعطارين وكنيسة دبانة بالإسكندرية. وقد أنتج جامسراجان ماركة " أبو نجمة". وفي عام 1896 ، تأسست فابريقة هاجيتيان في شارع وجه البركة بالأزبكية . وتأسست شركة سانوسيان عام 1898 في شارع الضبطية القديمة بالقاهرة.
وفي 16 ديسمبر 1899 ، أسس الأخوان هوفهانيس وجرابيد ماتوسيان " فابريقة دخان وسجاير ماتوسيان شركة مساهمة بمقتضي دكريتو خديوي بمصر وإسكندرية". وتعد هذه المؤسسة أحد أعمدة صناعة السجائر المصرية. وقد انتشرت فروعها ومقرها الرئيسي بشارع الأهرام بالجيزة في جميع أنحاء القطر المصري . ففي القاهرة : ميدان الأوبرا، أزبك قصر النيل ، شارع محمد علي ، شارع كامل ، ميدان السيدة زينب ، شبرا، حلوان، الفجالة، العباسية، أبو العلا، سليمان باشا، ثم شارع فؤاد الأول(26 يولية). أما في الإسكندرية : ميدان محمد علي، شارع القائد جوهر، شارعا البورصة وشكور، شارع محرم بك.بالإضافة إلي " فابريقة سجاير ماتوسيان " في شارع التجارة ببورسعيد ، وأخري في أسيوط. كما كان ماتوسيان " متعهد جيوش الاحتلال البريطاني" في مصر.
وقد انتشرت أصناف ماتوسيان المتنوعة بشكل إخطبوطي في طول القطر المصري وعرضه:" أبو غزالة" ، " دخان ملوكي" ، " دخان البلاط الملوكي" ، " دخان بقجة"، دخان أبو ريجة" ، "دخان ناتورالي" ، دخان سمسون بريحة "، دخان حريمي" ، دخان سمسون إكسترا" ، "دخان سمسون نمرة 1" ، " دخان ناتارالي نمرة2" ، " دخان منيته نمرة 1" ، " سجاير ملوكي" ، " سجاير خديوي،" سجاير فيته نمرة 1"، سجاير سمسون عال"، سجاير ناتورالي" . بالإضافة إلي سجاير "عثمانية" ، و" مون" و"ستامبول" و" البرنس" و" سمسون اكسترا".
وفضلا عن الفابريقات السابقة ، ثم أخريات مثل " فابريقة دخان شرقية وسجاير مصرية" التي أسسها أرميناج بيليريان في شارع بولاق بقسم أبي العلا بالقاهرة. وأنتجت ماركة "أبو سمك ". و" فابريقة سجاير مصرية " التي أسسها فاهان بولاديان بشارع وجه البركة بالقاهرة وأنتجت ماركة " أبو بنديرة" . وفي عام 1924 ، أسس أوهانيج بودوريان " فابريقة دخان وسجاير وسيجار" بشارع نوبار باشا ( الجمهورية حاليا ) . وبعد عشر سنوات ، شيد مصنعا حديثا في شارع سليم الأول بسراي القبة . وقد اشتهر في السوق بماركة " الفراشة" و" الديك" و" يريفان" .
وبين عامي 1927-1930 ، ظهر بالسوق بعض الصانع الصغيرة مثل شيلنجريان وماركته "حورا" ، هاجنليان وماركته " الشرق" ، وإخوان بربريان وشركاهم بميدان باب الخلق وشارع عبد العزيز ، وديكران تيكجيان وأولاده بشارع كلوت بك ، وسركسيان بشارع الفجالة، فضلا عن سيركجيان وأزمرليان . أما في الإسكندرية ، فقد تأسست " فابريقة توتونجيان إخوان" بشارع البورصة. وتوجد في المنصورة " فابريقة أرتين هينايكيان " بشارع الملك الصالح . وجدير بالذكر أن معظم الفابريقات الأرمنية خاصة الخمس الكبار ماتوسيان وميلكونيان وجامسراجان وإيبيكيان وسركسيان قد أنابت عنها وكلاء جميعهم أرمن ، في جميع أنحاء القطر المصري والسودان.
وهكذا ، أسس الأرمن"20" مصنعا لإنتاج الدخان والسجائر بمصر منهم"16" بالقاهرة و"2" بالإسكندرية وواحد في كل من الزقازيق والمنصورة . فضلا عن الفروع . ولم تكن هذه المصانع علي مستوي مماثل من الإنتاجية والجودة، ولكنها تفاوتت بين عملاقة خاصة الخمسة الكبار، ومتوسطة مثل بودوريان ، وقزمية مثل الآخرين.
وبينما اتسمت مصانع الخمسة الكبار ، خصوصا بالاستمرارية والنفس الطويل في السوق ، انقطعت أنفاس الآخرين أو تقطعت في ساحة الإنتاج.
ويلاحظ أن الخمسة الكبار، وهم بمثابة الجيل الأرمني الأول المؤسس لصناعة الدخان، وقد هاجروا إلي مصر واستقروا بها وأسسوا مصانعهم واشتهروا قبل عام 1896 ؛ أي قبل المذبحة . أما الباقون ، يشكلون الجيل الثاني ، فقد نزحوا إلي مصر بعد عام 1896 .
وثمة فارق جوهري بين الجيلين مؤداه أن أبناء الجيل الأول كانوا ممن مارسوا صناعة الدخان وتجارته في الدولة العثمانية وأوربا قبل مجيئهم إلي مصر . فعلي سبيل المثال ، اشتغل كل من الأخوين ماتوسيان بهذه الصناعة في بلدتي سامسون وبفرا، والأخوين ميلكونيان في رومانيا، والأخوين جامسراجان في الأستانة.أما أبناء الجيل الثاني ، فقد كانوا من النازحين الذين استوعبتهم مصانع الجيل الأول ، ولا علاقة لمعظمهم بصناعة الدخان وتجارته، حيث عملوا في وظائف متباينة . وبعد ان تشربوا أسرار الصنعة واكتسبوا خبرات السوق، انسلخوا رويدا رويدا من المصانع الكبري وأسسوا لأنفسهم مشروعات خاصة . فمثلا ، نزح أوهانيج بودوريان من توكاد إلي مصر في عام 1906 . وعمل باديء ذي بدء مخلصا للجمارك لدي ماتوسيان ثم وكيله بالمحلة بين عامي 1911-1924 .وخلال هذه الفترة مارس من الباطن تجارة الدخان عموما، ثم أشهر تجارة المعسل فقط. ومنذ عام 1924 ، انفصل نهائيا عن ماتوسيان وأسس فابريقته الخاصة لصناعة الدخان والسجائر والسيجار.
وبمقارنة الأصول الجغرافية لكلا الجيلين يتضح ان أبناء الجيل الأول قد جاءوا أساس من المناطق الشهيرة بإنتاج الدخان في الأناضول مثل سامسون وبفرا ( ماتوسيان) ، بينما جاء معظم أبناء الجيل الثاني من قيليقية التي لا تشتهر بإنتاج الدخان. ورغم أن الجيل الأول الذي لم يتأثر مباشرة بالمذبحة قد خلد ذكري أرمينية – وطنهم الأم- من خلال منتجاتهم. فعلي سبيل المثال ، أنتج اوهانيج بودوريان صنفا ممتازا من السجائر أطلق عليها اسم " يريفان" – عاصمة أرمينية- ورسم علي العلبة جبل أراراد- رمز ديمومة الأرمن- وإيتشميادزين – مركزهم الروحي الاعلي.
اتسمت إدارة مصانع الدخان والسجائر الأرمنية جميعا بالطابع العائلي . فقد أدارتها الأسرات المؤسسة وسلالاتهم وأقاربهم الأصول. علي سبيل المثال، أدار هوفهانيس ماتوسيان مؤسسته مع شقيقه الذي لم ينجب. ثم انتقلت الإدارة إلي ابن الأول جوزيف. كما عين أوهانيج بودوريان ابن شقيقه جيراير بودوريان مديرا لمصنعه، ووظف شقيقه هاجوب وكيفورك محاسبين لديه، وهي نفس وظيفتيهما لدي ماتوسيان. ثم جمع بعض أقاربه ووظفهم رؤساء أقسام وعمال، وبينهم هوفاجيم سيركجيان الذي انفصل عنه مرور الوقت ، وأسس فابريقة خاصة به.
وهكذا ، بينما كان الإداريون والمحاسبون والفنيون والسكرتيريون ورؤساء الأقسام ورؤساء العمال والوكلاء من الأرمن واليونانيين والمصريين وجنسيات آخري. وجدير بالذكر أن القوة العاملة الرخيصة المتاحة كانت إحدي الفرص الفريدة التي حظي بها مصنعو السجائر في مصر. وتلزم عملية التصنيع قوة الأيدي في أربع مراحل : الأولي ، خلط أوراق التبغ ورشها بالماء المصفي تحت إرشاد مشرف . الثانية ، قطع التبغ . الثالثة ، حشو الإسطوانات الورقية بالتبغ المقطع ، وهي مرحلة تحتاج إلي مهارة وسرعة في آن واحد. ولذا ، كان أصحاب المصانع يحاسبون عليها بالإنتاج. وأخيرا ، تعبئة السجائر الملفوفة في علب وخراطيش .
ولم تنبثق المصانع الارمنية ، لا سيما الخمسة الكبري بصورتها السابقة الوصف ، ولكن نواتها الوالي قد ولدت فر رحم الورش ، ثم نمت إلي مصانع صغري فكبري ذات فروع ، علي سبيل المثال ، بدأت مؤسسة ماتوسيان بورشة أسسها هوفهانيس في شارع فرنسا بالإسكندرية عام 1882 ، ثم أسس شقيقه جرابيد ورشة أخري في العتبة الخضراء بالقاهرة عام 1886 . وطبيعيا ، بدأت هذه الورش إنتاجها الضئيل الرديء بأساليب بدائية.
ولذا ، استلزمت هذه الصناعة مزيدا من التنظيم والتحديث خاصة بعد الانتقال من الإنتاج الورشي إلي الإنتاج المصنعي. ولعل من أهم هذه المستحدثات دخول الماكينات الآلية الألمانية والبريطانية مصانع الدخان في عام 1907 لتحل محل الأيدي العاملة. وبحلول الحرب العالمية الأولي ، كان إنتاجها لا زال في طور التجريب. وبعد الحرب ، عمم أصحاب المصانع استخدامها . وكانت قوة الماكينة الواحدة تعادل إنتاج من "45-60" شخصا . ورغم أن هذا التطوير التقني قد قابله أصحاب المصانع بترحاب شديد .إلا انه كان غريما لدودا للعمال الذين قاوموه، ولكن عبثا ، عبر سلسلة من الإضرابات التي بدأت من مصانع إيبيكيان وميلكونيان قبيل الحرب العالمية الأولي ثم امتدت إلي ماتوسيان وجامسراجان بعد انتهاء الحرب في ظل مناخ إضرابي واسع النطاق علي مستوي كافة المصانع.
وسواء كان الإنتاج يدويا أم آليا ، أسهمت المصانع الارمنية في تنمية صناعة السجائر المصرية حتي صارت السيجارة المصرية الشهيرة بمذاقها ونكهتها عالية الجودة علي قمة الصادرات حتي نهاية الحرب العالمية الأولي. ورغم المنافسة القوية بين الأرمن واليونانيين في هذا المضار، إلا أن تركيز الأخيرين علي الإنتاج التصديري بالدرجة الأولي قد أفسح الميدان المحلي أمام الأرمن لتغطية احتياجاته.
ظلت مصانع السجائر الأرمنية مزدهرة حتي أوائل عشرينات القرن العشرين بدأت تتدهور نتيجة لعدة اعتبارات.
في تلك الأثناء، انخفضت صادرات السجائر المصرية إلي الخارج لان ارتفاع الرسوم الجمركية علي التبغ المستورد قد دفع المنتجين إلي خلط التبغ المحلي المزروع في مصر الرخيص الثمن مع توليفاتهم التركية- اليونانية وقد انتجوا هذا الخليط باعتباره توليفة تركية أصلية مما أسفر عن شكاوي المستوردين بالخارج والمستهلكين بالداخل يضاف إلي هذا ، أن بعض الدول الأوربية بدات تصنع توليفة السجائر المصرية وخمت منتجاتها ب " تعريفة" صارمة ضد السجائر المستوردة، بينما لم تتخذ الحكومة النصرية أية إجراءات لحماية صادراتها من السجائر.
كما شهدت هذه الفترة منافسة حادة بين منتجي السجائر ليس بسب كساد منتجات المصانع الأرمنية واليونانية فحسب، ولكن أيضا نتيجة لظهور عدة مؤسسات اوربية ومصرية جديدة علي المسرح ناوءت وضعية الاولين في السوق المصري. ولهذا ، شنت معظم هذه المؤسسات حملات إعلانية لترويج منتجاتها ولجأت إلي أسلوب توزيع الجوائز علي المستهلكين كحافز بيع . وتبارت المؤسسات المختلفة فيما بينها علي توزيع جوائز اكثر وأفضل. وقد تمثل هذا بوضوح في السياسة التي اتبعتها مؤسسة ماتوسيان باعتبارها من اهم وأكبر مؤسسات إنتاج السجئر المصرية.
عندما آلت إدارة مؤسسة ماتوسيان في أوائل عام 1920 إلي جوزيف بن هوفانيس ماتوسيان الذي لقبته الصحافة المصرية ب" ماتوسيان الصغير" ، أراد الولد ان يجعل للشباب ميزة علي الشيخوخة وفكر في مزاحمة شركات الدخان الكثيرة التي تأسست وقتذاك في مصر. فوضع مشروع إبادة، لو تحقق لقضي عليها او علي أكثرها اعتقادا منه بان اسم ماتوسيان وماله الكثير كافيان للقضاء علي أية شركة جديدة رأسمالها قليل وشهرتها بسيطة.
اتخذ ماتوسيان الصغير الكوبونات سلاحا للمنافسة ، فوضع في كل علبة سجائر كوبونا ينتفع به المدخنون في شراء بعض الأشياء من محل موروم أو دخول سينما ماتوسيان الخصوصية أو بعض التياترات والجوقات التمثيلية الأخري. واعتقد ماتوسيان ان هذا الكوبون سيجعل المدخنين أسري دخانه لا يشترون سواه ولا يدخنون خلافه، فزاد في نشره بين الناس كما زاد في نشر إعلاناته بالصحف علي مختلف أنواعها بين يومية وأسبوعية وشهرية، عربية وإفرنجية. واستأجر صفحات كاملة نشر بها الرسوم والجمل الخلابة الفاتنة التي تحث الجماهير علي تدخين سجائر ماتوسيان " وملا الدنيا إعلانات في البر وفي البحر وفي الأندية والمجامع والملاهي في كل مكان".
وبعد مضي أكثر من عام علي هذه الحملة الإعلانية الواسعة، لم يحقق ماتوسيان النتائج الإيجابية المنتظرة" فلا مقطوعية الدخان زادت ولا مزاحمة خصومه زالت ولا أرباحه تضاعفت ، بل كانت النتيجة المحسوسة أنه خسر بهذه العملية الهائلة نحو سبعين ألف جنيها ". ولم يجن من هذا المال المنفوق إلا عبثا حنظلا .
ورغم هذه الخسارة، لم يسع ماتوسيان إلي ضرب المنافسة بالطرق الشرعية " تجويد الصنف وترخيص الثمن ، بل ظل يمارس أسلوب الانتشار الدعائي دون الالتفات إلي الجودة والسعر. ويمكن تأكيد هذا باستعراض نماذج من الخطاب الإعلاني الذي اعتادت مؤسسة ماتوسيان أن تداعب به أمزجة المدخنين:" شركة ماتوسيان تقدم للمدخنين 4000 جنيه مصري أسرعوا في طلب سجاير ماتوسيان البديعة للتدخين" . وأيضا " أيها المدخنون أسرعوا أسرعوا في طلب سجاير ماتوسيان البديعة للتدخين لانها أولا أحسن السجاير، ثانيا لكي يكون عندكم من الآن بونات 15 يولية التي تستطيعون استبدالها بشهادات ذات نمرة. لان يوم 15 يولية سيكون ثاني سحب عن الجوائز بمبلغ 300 جنيه نقودا او 200 جنيه أشياء وبينها ساعة ذهب للرجال، وساعة أخري محلاة بالجواهر للسيدات . انتهزوا الفرصة التي لا تكلفكم غير تدخين دخان من أول صنف".
أكثر من هذا ، روجت بعض الصحف ، ومن خلفها اموال ماتوسيان ، بان التدخين "ليس ضار جدا بالصحة" ، بل إنه:" أحد ملذات الحياة، وكثيرا ما يساعد الإنسان علي تحمل ما يعترض سبيله من العثرات وما يقوم في وجهه من العقبات . فهو لذلك من ضروريات الحياة ، يذهب بالهم وياتي بالراحة والسرور.وإنه لمن الخطأ الفادح أن نذهب إلي ان الطمع بالكسب يحمل الإنسان علي التدخين احيانا وما الإقبال علي تدخين سجاير ماتوسيان والرغبة في ربح جوائزه إلا دليل علي جودة الخان ، فليس هناك مدخن يترك الدخان الذي تعود عليه سنين لتدخين دخان جديد رغبة منه فقط في ربح مادي، وأنه يفضل أن يدفع من جيبه بل يخصص مبلغا من المال ليشتري اوراق اليانصيب بدلا من تدخين دخان دنيء عاطل . نصائح : إذا طالبتك الثروة بمشتري سجاير جيدة فلا أخطيء إذا قلت لك تفضل ودخن ماتوسيان".
وبينما استغل ماتوسيان وسيلة الجوائز لتحفيز المدخنين علي شراء منتجاته، استعرض ميلكونيان في الإعلانات الصحفية حجم مبيعاته اليومي لتحقيق الغرض ذاته:" ك.و. ميلكونيان. أعظم فابريقة للدخان والسجاير المصرية التصريف اليومي 5000000 سيجارة ".
ورغم الجهود الإعلانية التي بذلها منتجو السجائر من الأرمن واليونانيين ابتغاء ترويج بضائعهم ، إلا أن القادمين الجدد قد نجحوا في تكسيد منتجاتهم بالسوق وتحويل امزجة المدخنين إلي أصنافهم.
تعد صناعة الدخان من الصناعات التقليدية التي لم تعتمد علي المواد المجلوبة من الخارج فقط، ولكنها انبثقت أساسا بفضل جهود اليونانيين والأرمن. وقد ظهرت هذه الصناعة في مصر نتيجة غير مباشرة للسياسة الاقتصادية التي انتهجتها الدولة العثمانية إبان العقدين الأخيرين من القرن التاسع عشر عندما خولت إنتاج الدخان وبيعه إلي بعض رجال الأعمال الفرنسيين بالأستانة تسديدا للديون العثمانية. وقد نجم عن هذا ، إقصاء اليونانيين والأرمن العاملين في ميدان إنتاج الدخان وتجارته.زد هنا أيضا ، تلبد المناخ السياسي العثماني إزاء اليونانيين والأرمن وقتئذ خاصة المذابح التي تعر لها الأخيرون منذ منتصف تسعينيات القرن التاسع عشر.
ولذا ، آثر اليونانيون والأرمن المتخصصون في صناعة الدخان أن يولوا بوجوههم شطر مصر التي تتمتع بمزايا طبيعية وسياسية وفكرية تدعم نمو هذه الصناعة وتطورها. فطبيعيا ، تتميز مصر بوفرة العمالة الرخيصة جدا " المطلوبة بشدة في صناعة تقليدية تعتمد في جوهرها علي المجهود اليدوي. وأيضا، قرب مصر من المنابع الرئيسية للتبغ الخام ( اليونان ، إيطاليا ن الدولة العثمانية) اللازم لإيجاد توليفة ذات نوعية راقية ونكهة عالية الجودة. وعلاوة علي هذا ، يعتبر الطقس المصري الجاف طوال العام أنموذجا لتحويل أوراق التبغ المستورد إلي سجائر رغم عدم صلاحيته إلا لنمو نوعية رديئة من التبغ.
أما سياسيا وفكريا ، فقد تمتعت مصر بحرية نسبية عن سائر أنحاء الدولة العثمانية. ولاقت صناعة الدخان ترحيبا واسعا من قوات الاحتلال البريطاني ما ساعدها علي النمو والازدهار. كما أن الجدل الشائك الذي دار آنذاك حول تحريم الإسلام زراعة الدخان وصناعته قد خوف المسلمين من ارتياد هذا الميدان وأفسح ال\ريق أمام غيرهم خاصة اليونانيين والأرمن.
في هذه الظروف المواتية، أسس الأرمن عدة فابريقات لصناعة الدخان والسجائر بالقطر المصري، نوردها حسب تأسيسها من الأقدم إلي الأحدث : " فابريقة سجاير ودخان سركسيان بمصر" التي أسسها كريكور سركسيان في شارع شبرا بالقاهرة عام 1867 وأنتج ماركة " أبو فانوس" . ثم آلت هذه الفابريقة إلي ابنه كيفورك فأولاده. وأنتج الأخيرون ماركات "معدن" و"لوكس" و"إكرام" و"باشا".
وفي عام 1882 ، أسس الأخوان كريكور وجرابيد " محل ك.ق ملكونيان بمصر. معمل الدخان والسجاير الشرقية بالتوفيقية " ثم تغير اسمه بعد ثورة 1919 إلي " معمل الدخان الشرقي والسجاير الشرقية المصرية".كما افتتح فروعا تجارية في ميدان العتبة الخضراء ووجه البركة وميدان باب الحديد ( رمسي) وعابدين بالقاهرة، وفي شارع شامبليون ووكالة مونفراتو بالإسكندرية. وقد صنع ميلكونيان الأصناف الآتية : " معدن" ، " فلور معدن"، " فلور معدن مني" ، سوبر معدن منشي" ، " ياكا" ، " ياكا منشي" ، "سمسون".
وفي عام 1885 أسس الخواجات مجرديان ومانوج حكيميان ونشان عربجيان مصنعا لإنتاج الدخان في شارع منصور باشا بجوار قنطرة الأمير حسن بالقاهرة. وفي عام 1895 ، أسس كيفورك إيبكيان " فابريقة سجاير كيووق إبيكيان " في شارع رشيد ووكالة السنانية ( شارع فرنسا ) وشارع محرم بك بالإسكندرية.أما فرع القاهرة ، فقد كان مقره بشارع عماد الدين. كما أسس الأخوان أرميناج وديكران جامسراجان سنتئذ أيضا " فابريقة إخوان جامسراجان ببندر الزقازيق" . وتمركزت فروعها في ميدان الأوبرا وبولاق أبي العلا بالقاهرة، وفي شوارع توفيق والميدان والعطارين وكنيسة دبانة بالإسكندرية. وقد أنتج جامسراجان ماركة " أبو نجمة". وفي عام 1896 ، تأسست فابريقة هاجيتيان في شارع وجه البركة بالأزبكية . وتأسست شركة سانوسيان عام 1898 في شارع الضبطية القديمة بالقاهرة.
وفي 16 ديسمبر 1899 ، أسس الأخوان هوفهانيس وجرابيد ماتوسيان " فابريقة دخان وسجاير ماتوسيان شركة مساهمة بمقتضي دكريتو خديوي بمصر وإسكندرية". وتعد هذه المؤسسة أحد أعمدة صناعة السجائر المصرية. وقد انتشرت فروعها ومقرها الرئيسي بشارع الأهرام بالجيزة في جميع أنحاء القطر المصري . ففي القاهرة : ميدان الأوبرا، أزبك قصر النيل ، شارع محمد علي ، شارع كامل ، ميدان السيدة زينب ، شبرا، حلوان، الفجالة، العباسية، أبو العلا، سليمان باشا، ثم شارع فؤاد الأول(26 يولية). أما في الإسكندرية : ميدان محمد علي، شارع القائد جوهر، شارعا البورصة وشكور، شارع محرم بك.بالإضافة إلي " فابريقة سجاير ماتوسيان " في شارع التجارة ببورسعيد ، وأخري في أسيوط. كما كان ماتوسيان " متعهد جيوش الاحتلال البريطاني" في مصر.
وقد انتشرت أصناف ماتوسيان المتنوعة بشكل إخطبوطي في طول القطر المصري وعرضه:" أبو غزالة" ، " دخان ملوكي" ، " دخان البلاط الملوكي" ، " دخان بقجة"، دخان أبو ريجة" ، "دخان ناتورالي" ، دخان سمسون بريحة "، دخان حريمي" ، دخان سمسون إكسترا" ، "دخان سمسون نمرة 1" ، " دخان ناتارالي نمرة2" ، " دخان منيته نمرة 1" ، " سجاير ملوكي" ، " سجاير خديوي،" سجاير فيته نمرة 1"، سجاير سمسون عال"، سجاير ناتورالي" . بالإضافة إلي سجاير "عثمانية" ، و" مون" و"ستامبول" و" البرنس" و" سمسون اكسترا".
وفضلا عن الفابريقات السابقة ، ثم أخريات مثل " فابريقة دخان شرقية وسجاير مصرية" التي أسسها أرميناج بيليريان في شارع بولاق بقسم أبي العلا بالقاهرة. وأنتجت ماركة "أبو سمك ". و" فابريقة سجاير مصرية " التي أسسها فاهان بولاديان بشارع وجه البركة بالقاهرة وأنتجت ماركة " أبو بنديرة" . وفي عام 1924 ، أسس أوهانيج بودوريان " فابريقة دخان وسجاير وسيجار" بشارع نوبار باشا ( الجمهورية حاليا ) . وبعد عشر سنوات ، شيد مصنعا حديثا في شارع سليم الأول بسراي القبة . وقد اشتهر في السوق بماركة " الفراشة" و" الديك" و" يريفان" .
وبين عامي 1927-1930 ، ظهر بالسوق بعض الصانع الصغيرة مثل شيلنجريان وماركته "حورا" ، هاجنليان وماركته " الشرق" ، وإخوان بربريان وشركاهم بميدان باب الخلق وشارع عبد العزيز ، وديكران تيكجيان وأولاده بشارع كلوت بك ، وسركسيان بشارع الفجالة، فضلا عن سيركجيان وأزمرليان . أما في الإسكندرية ، فقد تأسست " فابريقة توتونجيان إخوان" بشارع البورصة. وتوجد في المنصورة " فابريقة أرتين هينايكيان " بشارع الملك الصالح . وجدير بالذكر أن معظم الفابريقات الأرمنية خاصة الخمس الكبار ماتوسيان وميلكونيان وجامسراجان وإيبيكيان وسركسيان قد أنابت عنها وكلاء جميعهم أرمن ، في جميع أنحاء القطر المصري والسودان.
وهكذا ، أسس الأرمن"20" مصنعا لإنتاج الدخان والسجائر بمصر منهم"16" بالقاهرة و"2" بالإسكندرية وواحد في كل من الزقازيق والمنصورة . فضلا عن الفروع . ولم تكن هذه المصانع علي مستوي مماثل من الإنتاجية والجودة، ولكنها تفاوتت بين عملاقة خاصة الخمسة الكبار، ومتوسطة مثل بودوريان ، وقزمية مثل الآخرين.
وبينما اتسمت مصانع الخمسة الكبار ، خصوصا بالاستمرارية والنفس الطويل في السوق ، انقطعت أنفاس الآخرين أو تقطعت في ساحة الإنتاج.
ويلاحظ أن الخمسة الكبار، وهم بمثابة الجيل الأرمني الأول المؤسس لصناعة الدخان، وقد هاجروا إلي مصر واستقروا بها وأسسوا مصانعهم واشتهروا قبل عام 1896 ؛ أي قبل المذبحة . أما الباقون ، يشكلون الجيل الثاني ، فقد نزحوا إلي مصر بعد عام 1896 .
وثمة فارق جوهري بين الجيلين مؤداه أن أبناء الجيل الأول كانوا ممن مارسوا صناعة الدخان وتجارته في الدولة العثمانية وأوربا قبل مجيئهم إلي مصر . فعلي سبيل المثال ، اشتغل كل من الأخوين ماتوسيان بهذه الصناعة في بلدتي سامسون وبفرا، والأخوين ميلكونيان في رومانيا، والأخوين جامسراجان في الأستانة.أما أبناء الجيل الثاني ، فقد كانوا من النازحين الذين استوعبتهم مصانع الجيل الأول ، ولا علاقة لمعظمهم بصناعة الدخان وتجارته، حيث عملوا في وظائف متباينة . وبعد ان تشربوا أسرار الصنعة واكتسبوا خبرات السوق، انسلخوا رويدا رويدا من المصانع الكبري وأسسوا لأنفسهم مشروعات خاصة . فمثلا ، نزح أوهانيج بودوريان من توكاد إلي مصر في عام 1906 . وعمل باديء ذي بدء مخلصا للجمارك لدي ماتوسيان ثم وكيله بالمحلة بين عامي 1911-1924 .وخلال هذه الفترة مارس من الباطن تجارة الدخان عموما، ثم أشهر تجارة المعسل فقط. ومنذ عام 1924 ، انفصل نهائيا عن ماتوسيان وأسس فابريقته الخاصة لصناعة الدخان والسجائر والسيجار.
وبمقارنة الأصول الجغرافية لكلا الجيلين يتضح ان أبناء الجيل الأول قد جاءوا أساس من المناطق الشهيرة بإنتاج الدخان في الأناضول مثل سامسون وبفرا ( ماتوسيان) ، بينما جاء معظم أبناء الجيل الثاني من قيليقية التي لا تشتهر بإنتاج الدخان. ورغم أن الجيل الأول الذي لم يتأثر مباشرة بالمذبحة قد خلد ذكري أرمينية – وطنهم الأم- من خلال منتجاتهم. فعلي سبيل المثال ، أنتج اوهانيج بودوريان صنفا ممتازا من السجائر أطلق عليها اسم " يريفان" – عاصمة أرمينية- ورسم علي العلبة جبل أراراد- رمز ديمومة الأرمن- وإيتشميادزين – مركزهم الروحي الاعلي.
اتسمت إدارة مصانع الدخان والسجائر الأرمنية جميعا بالطابع العائلي . فقد أدارتها الأسرات المؤسسة وسلالاتهم وأقاربهم الأصول. علي سبيل المثال، أدار هوفهانيس ماتوسيان مؤسسته مع شقيقه الذي لم ينجب. ثم انتقلت الإدارة إلي ابن الأول جوزيف. كما عين أوهانيج بودوريان ابن شقيقه جيراير بودوريان مديرا لمصنعه، ووظف شقيقه هاجوب وكيفورك محاسبين لديه، وهي نفس وظيفتيهما لدي ماتوسيان. ثم جمع بعض أقاربه ووظفهم رؤساء أقسام وعمال، وبينهم هوفاجيم سيركجيان الذي انفصل عنه مرور الوقت ، وأسس فابريقة خاصة به.
وهكذا ، بينما كان الإداريون والمحاسبون والفنيون والسكرتيريون ورؤساء الأقسام ورؤساء العمال والوكلاء من الأرمن واليونانيين والمصريين وجنسيات آخري. وجدير بالذكر أن القوة العاملة الرخيصة المتاحة كانت إحدي الفرص الفريدة التي حظي بها مصنعو السجائر في مصر. وتلزم عملية التصنيع قوة الأيدي في أربع مراحل : الأولي ، خلط أوراق التبغ ورشها بالماء المصفي تحت إرشاد مشرف . الثانية ، قطع التبغ . الثالثة ، حشو الإسطوانات الورقية بالتبغ المقطع ، وهي مرحلة تحتاج إلي مهارة وسرعة في آن واحد. ولذا ، كان أصحاب المصانع يحاسبون عليها بالإنتاج. وأخيرا ، تعبئة السجائر الملفوفة في علب وخراطيش .
ولم تنبثق المصانع الارمنية ، لا سيما الخمسة الكبري بصورتها السابقة الوصف ، ولكن نواتها الوالي قد ولدت فر رحم الورش ، ثم نمت إلي مصانع صغري فكبري ذات فروع ، علي سبيل المثال ، بدأت مؤسسة ماتوسيان بورشة أسسها هوفهانيس في شارع فرنسا بالإسكندرية عام 1882 ، ثم أسس شقيقه جرابيد ورشة أخري في العتبة الخضراء بالقاهرة عام 1886 . وطبيعيا ، بدأت هذه الورش إنتاجها الضئيل الرديء بأساليب بدائية.
ولذا ، استلزمت هذه الصناعة مزيدا من التنظيم والتحديث خاصة بعد الانتقال من الإنتاج الورشي إلي الإنتاج المصنعي. ولعل من أهم هذه المستحدثات دخول الماكينات الآلية الألمانية والبريطانية مصانع الدخان في عام 1907 لتحل محل الأيدي العاملة. وبحلول الحرب العالمية الأولي ، كان إنتاجها لا زال في طور التجريب. وبعد الحرب ، عمم أصحاب المصانع استخدامها . وكانت قوة الماكينة الواحدة تعادل إنتاج من "45-60" شخصا . ورغم أن هذا التطوير التقني قد قابله أصحاب المصانع بترحاب شديد .إلا انه كان غريما لدودا للعمال الذين قاوموه، ولكن عبثا ، عبر سلسلة من الإضرابات التي بدأت من مصانع إيبيكيان وميلكونيان قبيل الحرب العالمية الأولي ثم امتدت إلي ماتوسيان وجامسراجان بعد انتهاء الحرب في ظل مناخ إضرابي واسع النطاق علي مستوي كافة المصانع.
وسواء كان الإنتاج يدويا أم آليا ، أسهمت المصانع الارمنية في تنمية صناعة السجائر المصرية حتي صارت السيجارة المصرية الشهيرة بمذاقها ونكهتها عالية الجودة علي قمة الصادرات حتي نهاية الحرب العالمية الأولي. ورغم المنافسة القوية بين الأرمن واليونانيين في هذا المضار، إلا أن تركيز الأخيرين علي الإنتاج التصديري بالدرجة الأولي قد أفسح الميدان المحلي أمام الأرمن لتغطية احتياجاته.
ظلت مصانع السجائر الأرمنية مزدهرة حتي أوائل عشرينات القرن العشرين بدأت تتدهور نتيجة لعدة اعتبارات.
في تلك الأثناء، انخفضت صادرات السجائر المصرية إلي الخارج لان ارتفاع الرسوم الجمركية علي التبغ المستورد قد دفع المنتجين إلي خلط التبغ المحلي المزروع في مصر الرخيص الثمن مع توليفاتهم التركية- اليونانية وقد انتجوا هذا الخليط باعتباره توليفة تركية أصلية مما أسفر عن شكاوي المستوردين بالخارج والمستهلكين بالداخل يضاف إلي هذا ، أن بعض الدول الأوربية بدات تصنع توليفة السجائر المصرية وخمت منتجاتها ب " تعريفة" صارمة ضد السجائر المستوردة، بينما لم تتخذ الحكومة النصرية أية إجراءات لحماية صادراتها من السجائر.
كما شهدت هذه الفترة منافسة حادة بين منتجي السجائر ليس بسب كساد منتجات المصانع الأرمنية واليونانية فحسب، ولكن أيضا نتيجة لظهور عدة مؤسسات اوربية ومصرية جديدة علي المسرح ناوءت وضعية الاولين في السوق المصري. ولهذا ، شنت معظم هذه المؤسسات حملات إعلانية لترويج منتجاتها ولجأت إلي أسلوب توزيع الجوائز علي المستهلكين كحافز بيع . وتبارت المؤسسات المختلفة فيما بينها علي توزيع جوائز اكثر وأفضل. وقد تمثل هذا بوضوح في السياسة التي اتبعتها مؤسسة ماتوسيان باعتبارها من اهم وأكبر مؤسسات إنتاج السجئر المصرية.
عندما آلت إدارة مؤسسة ماتوسيان في أوائل عام 1920 إلي جوزيف بن هوفانيس ماتوسيان الذي لقبته الصحافة المصرية ب" ماتوسيان الصغير" ، أراد الولد ان يجعل للشباب ميزة علي الشيخوخة وفكر في مزاحمة شركات الدخان الكثيرة التي تأسست وقتذاك في مصر. فوضع مشروع إبادة، لو تحقق لقضي عليها او علي أكثرها اعتقادا منه بان اسم ماتوسيان وماله الكثير كافيان للقضاء علي أية شركة جديدة رأسمالها قليل وشهرتها بسيطة.
اتخذ ماتوسيان الصغير الكوبونات سلاحا للمنافسة ، فوضع في كل علبة سجائر كوبونا ينتفع به المدخنون في شراء بعض الأشياء من محل موروم أو دخول سينما ماتوسيان الخصوصية أو بعض التياترات والجوقات التمثيلية الأخري. واعتقد ماتوسيان ان هذا الكوبون سيجعل المدخنين أسري دخانه لا يشترون سواه ولا يدخنون خلافه، فزاد في نشره بين الناس كما زاد في نشر إعلاناته بالصحف علي مختلف أنواعها بين يومية وأسبوعية وشهرية، عربية وإفرنجية. واستأجر صفحات كاملة نشر بها الرسوم والجمل الخلابة الفاتنة التي تحث الجماهير علي تدخين سجائر ماتوسيان " وملا الدنيا إعلانات في البر وفي البحر وفي الأندية والمجامع والملاهي في كل مكان".
وبعد مضي أكثر من عام علي هذه الحملة الإعلانية الواسعة، لم يحقق ماتوسيان النتائج الإيجابية المنتظرة" فلا مقطوعية الدخان زادت ولا مزاحمة خصومه زالت ولا أرباحه تضاعفت ، بل كانت النتيجة المحسوسة أنه خسر بهذه العملية الهائلة نحو سبعين ألف جنيها ". ولم يجن من هذا المال المنفوق إلا عبثا حنظلا .
ورغم هذه الخسارة، لم يسع ماتوسيان إلي ضرب المنافسة بالطرق الشرعية " تجويد الصنف وترخيص الثمن ، بل ظل يمارس أسلوب الانتشار الدعائي دون الالتفات إلي الجودة والسعر. ويمكن تأكيد هذا باستعراض نماذج من الخطاب الإعلاني الذي اعتادت مؤسسة ماتوسيان أن تداعب به أمزجة المدخنين:" شركة ماتوسيان تقدم للمدخنين 4000 جنيه مصري أسرعوا في طلب سجاير ماتوسيان البديعة للتدخين" . وأيضا " أيها المدخنون أسرعوا أسرعوا في طلب سجاير ماتوسيان البديعة للتدخين لانها أولا أحسن السجاير، ثانيا لكي يكون عندكم من الآن بونات 15 يولية التي تستطيعون استبدالها بشهادات ذات نمرة. لان يوم 15 يولية سيكون ثاني سحب عن الجوائز بمبلغ 300 جنيه نقودا او 200 جنيه أشياء وبينها ساعة ذهب للرجال، وساعة أخري محلاة بالجواهر للسيدات . انتهزوا الفرصة التي لا تكلفكم غير تدخين دخان من أول صنف".
أكثر من هذا ، روجت بعض الصحف ، ومن خلفها اموال ماتوسيان ، بان التدخين "ليس ضار جدا بالصحة" ، بل إنه:" أحد ملذات الحياة، وكثيرا ما يساعد الإنسان علي تحمل ما يعترض سبيله من العثرات وما يقوم في وجهه من العقبات . فهو لذلك من ضروريات الحياة ، يذهب بالهم وياتي بالراحة والسرور.وإنه لمن الخطأ الفادح أن نذهب إلي ان الطمع بالكسب يحمل الإنسان علي التدخين احيانا وما الإقبال علي تدخين سجاير ماتوسيان والرغبة في ربح جوائزه إلا دليل علي جودة الخان ، فليس هناك مدخن يترك الدخان الذي تعود عليه سنين لتدخين دخان جديد رغبة منه فقط في ربح مادي، وأنه يفضل أن يدفع من جيبه بل يخصص مبلغا من المال ليشتري اوراق اليانصيب بدلا من تدخين دخان دنيء عاطل . نصائح : إذا طالبتك الثروة بمشتري سجاير جيدة فلا أخطيء إذا قلت لك تفضل ودخن ماتوسيان".
وبينما استغل ماتوسيان وسيلة الجوائز لتحفيز المدخنين علي شراء منتجاته، استعرض ميلكونيان في الإعلانات الصحفية حجم مبيعاته اليومي لتحقيق الغرض ذاته:" ك.و. ميلكونيان. أعظم فابريقة للدخان والسجاير المصرية التصريف اليومي 5000000 سيجارة ".
ورغم الجهود الإعلانية التي بذلها منتجو السجائر من الأرمن واليونانيين ابتغاء ترويج بضائعهم ، إلا أن القادمين الجدد قد نجحوا في تكسيد منتجاتهم بالسوق وتحويل امزجة المدخنين إلي أصنافهم.
عطا درغام- Admin
- عدد المساهمات : 923
تاريخ التسجيل : 24/04/2009
رد: النشاط الاقتصادي للأرمن في مصر
وثمة ظاهرة خلخت نسبيا أسهم مصانع ماتوسيان وميلكونيان وجامسراجان بالسوق تتمثل في تقليد ماركاتهم وبيعها بأسعار منخفضة. فقد قام بعض الدخاخنية بتعليب دخان رديء ناقص الوزن في عبوات شبيهة تماما لماركات المصانع السالفة الذكر وطرحوها علي المستهلكين بأسعار أقل من العبوات الاصلية وجدير بالذكر أن هذه الظاهرة قد أصابت مصانع الأرمن بضرر مزدوج؛ فعندما بيعت المنتجات المقلدة، بارت الأصلية. وعندما ارتاب المدخنون في الصنف نتيجة لتضار بالأسعار واضطراب المذاق ، أحجموا عن شراء الأصل والتقليد مما أفقد المصانع الأرمنية ثقة زبائنها وعملائها.
ومما أثر علي وضعية منتجي السجائر الأرمن ظروف عرض قضيتهم ضد الدولة العثمانية في مؤتمر الصلح بباريس عقب نهاية الحرب العالمية الاولي . فحتي ذلك الوقت، كان ثمة تيار عثماني متواجدا علي الساحة المصرية ، سعي إلي تشويه صورة الارمن في عيون المصريين وضري رموزهم الاقتصادية الناجحة وقد أسقط هذا التيار انتقاداته ضد القضية الأرمنية علي المؤسسات الاقتصادية الخاصة بهم في مصر. علي سبيل المثال ، أوردت جريدة " المسامير" هذا الخبر في" باب الللدع):" ولما يطلب واحد من شركة ماتوسيان علبة سجاير ، يقول له هات لك كفيل ". والمقصود بكلمة "كفيل" هنا ، هو السخرية من مطالبة الوفد القومي الأرمني في باريس بزعامة بوغوص نوبار باشا دول الوفاق قبول الانتداب علي أرمينية المنتظرة بعد استقلالها عن الدولة العثمانية.
وجدير بالذكر أن التيار العثماني المعادي للارمن قد صب جميع إسقاطاته السياسية الساخرة علي مؤسستي ماتوسيان وملكونيان باعتبارهما من أهم وأكبر وأنجح المشروعات الأرمنية في مصر.
بالنسبة لماتوسيان :" في محل ماتوسيان سجاير فوارغ ودخان قوالح "، يشرب الواحد له نفس الدخان من سجاير ماتوسيان ينقطع نفسه" ، " عند ماتوسيان سجاير تولع من ناحيتين"، " شرب احدهم سيجارة من دخان ماتوسيان وغاب عن الصواب"،" عند محل ماتوسيان سجاير لما الواحد ياخد منها نفس حنكه يتهبب".
أما ميلكونيان :" يعطي محل ميلكونيان علبة السجاير للزبون ومعها بدل علبة الكبريت منفاخ"، " عند محل ملكونيان سجاير تتولع بالجاز"،" عند شركة ميلكونيان دخان براكيني علي جبلي"، يدعي محل ميلكونيان أن عنده سجاير بتضرب بمب" وهذه إشارة ساخرة لاستهجان المقاومة الأرمنية المسلحة ضد الدولة العثمانية والتقليل من حجمها. ولم يقتصر الإسقاط السياسي علي هذه المقاومة فقط ولكنه امتد إلي زعيم الوفد القومي بوغوص نوبار:" توجه مدير محل ميلكونيان (كناية عن بوغوص) إلي المحافظة (مؤتمرباريس) لمسألة اعتصاب العمال ( القضية الارمنية) وخرج مناخيره مدخنة( النتيجة المتوقعة)."
ويعكس هذا الإسقاط بوضوح الرغبة العثمانية في النتيجة المرجوة من عرض القضية الارمنية في باريس ، يوحي بالنزعة الاستهتارية العالمية إزاء القضية الارمنية . ولا ريب ان هذه التهكمات ذات الإسقاطات السياسية قد هزت مكانة مؤسسات صناعة السجائر الأرمنية بالسوق المصر، بيد ان تنامي البورجوازية المصرية ضد الرأسمالية الأجنبية صد جرف هذه المؤسسات في طريقها.إلي جانب الوعي السياسي الوطني الذي تبلور في ثورة 1919 ، انبثق وعي اقتصادي وطني اتجه إلي مصنعة الاقتصاد المصري وضرب احاديته الزراعية . وكان الطرف الحاد لنضال هذه البورجواذية موجها ضد الرأسمالية الأجنبية ذات الامتيازات التي عرقلت نمو الرأسمالية الوطنية في ظل هذا الصراع فقد الوسطاء الارمن واليهود واليونانيين دورهم التقليدي كهمزة وصل بين الإنتاج الأوربي والسوق المصري.
وقد بدأ تقهقرهم في ميدان إنتاج السجائر ، وسعي اليونانيون إلي تركيز الإنتاج بالاتحاد من اجل مجابهة خطر الخراب. ولكن جهود الأرمن لم تكلل بالنجاح في الاتحاد وأعربت جريدة "هوسابير" للمنتجين الارمن بان الوسيلة الانموذجية الوحيدة لمجابهة المعركة بالشكل الواجب هي غنهاء المنافسة المشتعلة فيما بينهم لأن الوفاق الداخلي فقط هو الذي يجنبهم الضربات الموجهة من الخارج.
وبينما غزا الشيب مفرق مؤسسات السجائر الأرمنية ، لاحت في الأفق قوة شابة فتية مثلت الحلقة الاخيرة في إنهاء الدور الرائد للأرمن في صناعة السجائر المصرية ؛ أنها الشركة الشرقية للدخان.
تأسست الشركة الشرقية " إيسترن كومباني" في 12 يولية 1920 لغزو رأس المال الصناعي الأجنبي بغرض ابتلاع مؤسسات إنتاج السجائر ذات التوليفات المشهورة والتي تستخدم الماكينات. عندئذ نسج المنتجون الأرمن خيالات واسعة عن الاستمرار في السوق بمؤازرة الرأسمالية الاجنبية، ولذا ، اندمجت بداية شركة دخان ماتوسيان المساهمة مع الشركة الشرقية. وبذلت الأخيرة كل وسيلة لاحتواء صناعة الدخان المصرية حتي استسلمت لها عام 1927 مؤسسات : ميلكونيان وجامسراجان وإيبيكيان من الأرمن، وصوصة وماخريديس وباباثوليوجو من اليونانيين ، فضلا عن مؤسستي ماسبيرو الإنجليزية وشركة الدخان الإنجليزية الأمريكية.
امتلكت الشركة الشرقية المؤسسات السابقة وفقا لشروط مواتية ظاهريا بالنسبة للمنتجين الارمن المذعورين من هول الإفلاس، فقد دفعت الشركة لكل مؤسسة قيمة أصولها الثابتة والمنقولة وحافظت علي اسم المؤسسة والماركات التي تنتجها، وعينت صاحب المؤسسة في وظيفة مدير" مدي الحياة" ، واشترطت الشركة عليهم ألا يمارسوا أية نشاطات بطريقة مباشرة او غير مباشرة تتعلق بالدخان تصنيعا وبيعا، ليس في مصر فقط ، إنما في السودان وفلسطين وسورية أيضا لمدة خمس سنوات.
وجدير بالذكر ان بعض الارمن قد أسسوا عدة مصانع صغيرة بين عامي 1927-1930 لمنافسة سوق الشركة الشرقية، وأحرزت نجاحا أوليا ولد سرابا بان صناعة الدخان التي أفلتت من أيدي الأرمن سوف تعود إليهم مرة أخري ونادت الصحافة الارمنية:" شجعوا براعم صناعة الدخان". بيد أنها لم تنعم بالاجل الطويل حيث تهاوت سريعا أمام ضغط الشركة الشرقية والبورجوازية المصرية والازمة الاقتصادية 1929-1931 .
وهكذا ، لم تنه الشركة الشرقية الدور التاريخي للارمن في صناعة الدخان المصرية فقط، ولكنها أجهزت أيضا علي المكانة التاريخية للسيجارة المصرية الأصيلة الشهيرة بتوليفاتها التركية- اليونانية ، وأقامت علي رفاتها توليفات فرجينية رديئة رخيصة لإشباع السوق المحلي فقط.
وبجانب السجائر، كانت صناعة المعسل والمدغة من أفراد العائلة الدخانية التي اشتغل بها الارمن في مصر. ففي عام 1914 ، أسس أرتين نظاريتيان مصنع "إخوان نظاريتيان" لإنتاج المعسل والمدغة في شارع الصوري بالعطارين- الإسكندرية. وفي عام 1918 ، أسس الاخوان جرابيد ومهران بونجوكيان مصنعا لهذا الغرض في شارع أمير الجيوش الجواني بالجمالية- القاهرة. وفي عام 1951 ، أسس جيراير جولوزيان مصنعا لغنتاج المعسل في شارع الشيخ سعدي بالحضرة البحرية- الإسكندرية.
بيد أن أهم المؤسسات الأرمنية في مجال إنتاج المعسل هي " مصنع دخان معسل المدفع" الذي تأسس في شارع ترعة الزمر بالعمرانية- جيزة لصاحبته ماري ملكيان. وقد بلغ رأسماله المستثمر "500000" جنيه وتكون دولاب عمله من "161" نسمة.
أما صناعة الملابس ومستلزماتها ، فقد احتلت المركز الخامس من حيث عدد المؤسسات بعد صناعة الدخان. وفيما يتعلق بهذه الصناعة، نجد ان الارمن قد تخصصوا تقريبا في جميع مراحلها بدءا من الغزل والنسيج حتي التفصيل والحياكة.
ففي ميدان الغزل يظهر "مصنع أرميناج جرابيديان" الذي تأسس عام 1952 في شارع الأحقاف بالإبراهيمية- الإسكندرية. وقد تركز نشاطه الأساسي في تشغيل خيوط غزل لصناعة الفانلات.
وبعد مرحلة الغزل، تاتي مرحلة صباغة الأقمشة وطباعتها وتجهيزها . وفي هذا الصدد ، نجد "المصبغة الأمريكية" التي أسسها اونيج بلكدانيان وشركاه عام 1902 في بورسعيد ثم انتقلت إلي غمرة وبلغ عدد عمالها "31" فردا. وتعد هذه المصبغة من أقدم المصابغ التي أسسها الارمن بمصر. وفي عام 1918 ، أنشئت مؤسسة "إخوان كاسبيان " في شارع سكة اللبودية بالحمزاوي- القاهرة، برأسمال مستثمر "100000" جنيه وعمالة "194" نسمة. وفي عام 1949 ، أقام أرتو بلكدانيان " مصبغة ليونيز" في شارع غالي بمهمشة غمرة- القاهرة، برأسمال مستثمر "37000" جنيه وعمالة "105" شخص. وفي عام 1950، أسس فيليب يعقوبيان مؤسسة"رياتكس" في شارع نجيب الريحاني بالأزبكية برأسمال مستثمر "80797" جنيه وعمالة"424" نسمة.
ويرتبط بالمرحلة التجهيزية لإعداد الملابس صناعة الازرار والكلف المختلفة في هذا الخصوص، ظهر مصنعان اولهما " مصنع إخوان بيليجيان " الذي أسسه هاجوب مانوج بيليجيان بالإسكندرية عام 1945 ، وثانيهما " مصنع أزرار الوحدة العربية " الذي أسسه هنري شفيق بوابجيان بالقاهرة عام 1958.
وبعد استكمال ادوات صناعة الملابس ، تاتي مرحلة التنفيذ . ونلاحظ خلالها ان صناعة التريكو( الملابس الداخلية ، البلوفرات، الشيلان، الطواقي، الفانلات، الجوارب..) قد حظيت بالسيطرة الاستئثارية حيث أسس الارمن ستة مصانع لهذا الغرض ؛ خمسة بالقاهرة وواحد بالإسكندرية.
بالنسبة لمصانع القاهرة ، أسس فارتكيس وألبير كريديان " مصنع كريديان للتريكو" عام 1937 في شارع سنان بالزيتون برأسمال مستثمر "20000" جنيه وعمالة "84" فردا. وفي عام 1938 ، انشأ بيير بيديجيان وشركاه مصنعا لنسيج التريكو في شارع العزيز بالله بحدائق الزيتون. في عام 1956 ، أقام ألبير لآرام كافاجيان " شركة بنلوب" بشارع شبرا مصر . وأيضا " مصنع المقطم للجوارب" لصاحبه إميل عبد الكريم دملاقيان الذي أسسه في شارع جوهر القائد بالجمالية. أما مصنع النصر للتريكو بالإسكندرية ، فقد أسسه م.بابازيان عام 1960 في شارع رحب بسموحة.
وبجانب التريكو ، وجدت مشاغل أسسها الارمن، خاصة السيدات لتفصيل القمصان والبيجامات والبلوزات وكافة الملابس الحريمي مثل " مشغل مادلين بكلايان" الذي أسسته عام 1961 في ممر الكونتننتال بميدان الاوبرا
وبعد صناعة الملابس ومستلزماتها، تشغل الصناعات الغذائية المرتبة السادسة في النشاط الصناعي الأرمني المصري. وجدير بالذكر أن صناعة المسلي والزيوت قد تصدرت رأس قائمة هذه الصناعات ففي الإسكندرية ، أسس الأرمن ثلاثة مصانع لهذا الخصوص: اولهم أسسه جرابيد وأونيج بوحشليان عام 1925 في شارع الميدان ، وثانيهما أسسه بيتزيان وتلاتينيان عام 1939 في سوق راتب بالمنشية ، اما آخرهم فهي " شركة وؤثة ديكران باليان وشركاهم" التي تأسست عام 1950 في شارع السلطان عبد العزيز باباب الشرقي.
أما في القاهرة ، فقد اشتهر " مصنع المسلي الصناعي " لأصحابه كريكور مينيتيان وأبناء سليم قسطندي وشركاهم وقد تأسس عام 1928 في شارع الرازق بالساحل . وفي عام 1940، أسسوا أيضا "مصنع عصير بذرة القطن" في شارع الزراق بالساحل. وفي عام 1940، أسسوا أيضا " مصنع عصير بذرة القطن" في شارع مصرف المساندة بالعياط- جيزة وقد بلغ رأسماله المستثمر "26565" جنيه وبلغت عمالته "162" فردا.
وبعد المسلي، تأتي صناعة الجبن والزبد(أميريان) التي تأسست عام 1944 في شارع محمود فهمي النقراشي بالإسكندرية ، ثم صناعة المخللات التي أسسها ساهاج سنتيجيان عام 1951 في شارع المناصرة المتفرع من شارع القلعة بالقاهرة.
وبعد المشهيات ، تظهر الحلويات ، وفي هذا الشان ، اسس سركيس كارامانوجيان وشركاه مصنعا عام 1923 في شارع الباب الأخضر بقسم اللبان لإنتاج حلاوة طحينية ، طحينة بيضاء للحلويات، سمسم للحلويات ، طحينة حمراء ، ملبن شربات . وفي عام 1920 ، أسس ساريان وشركاه مصنعا لإنتاج الجيلاتي في شارع عرابي بالقاهرة. ثم أخيرا ، صناعة المياه المعدنية والمشروبات الروحية. فقد أسس فهرام ليفون مانوجيان عام 1913 " شركة ماكدونالد للمياه المعدنية" في شارع قصر النيل . وفي عام 1937 ، أقام كاريكين بكلايان وشركاه مصنعا بالفجالة لإنتاج المشروبات الروحية.
............................................................................................
ومما أثر علي وضعية منتجي السجائر الأرمن ظروف عرض قضيتهم ضد الدولة العثمانية في مؤتمر الصلح بباريس عقب نهاية الحرب العالمية الاولي . فحتي ذلك الوقت، كان ثمة تيار عثماني متواجدا علي الساحة المصرية ، سعي إلي تشويه صورة الارمن في عيون المصريين وضري رموزهم الاقتصادية الناجحة وقد أسقط هذا التيار انتقاداته ضد القضية الأرمنية علي المؤسسات الاقتصادية الخاصة بهم في مصر. علي سبيل المثال ، أوردت جريدة " المسامير" هذا الخبر في" باب الللدع):" ولما يطلب واحد من شركة ماتوسيان علبة سجاير ، يقول له هات لك كفيل ". والمقصود بكلمة "كفيل" هنا ، هو السخرية من مطالبة الوفد القومي الأرمني في باريس بزعامة بوغوص نوبار باشا دول الوفاق قبول الانتداب علي أرمينية المنتظرة بعد استقلالها عن الدولة العثمانية.
وجدير بالذكر أن التيار العثماني المعادي للارمن قد صب جميع إسقاطاته السياسية الساخرة علي مؤسستي ماتوسيان وملكونيان باعتبارهما من أهم وأكبر وأنجح المشروعات الأرمنية في مصر.
بالنسبة لماتوسيان :" في محل ماتوسيان سجاير فوارغ ودخان قوالح "، يشرب الواحد له نفس الدخان من سجاير ماتوسيان ينقطع نفسه" ، " عند ماتوسيان سجاير تولع من ناحيتين"، " شرب احدهم سيجارة من دخان ماتوسيان وغاب عن الصواب"،" عند محل ماتوسيان سجاير لما الواحد ياخد منها نفس حنكه يتهبب".
أما ميلكونيان :" يعطي محل ميلكونيان علبة السجاير للزبون ومعها بدل علبة الكبريت منفاخ"، " عند محل ملكونيان سجاير تتولع بالجاز"،" عند شركة ميلكونيان دخان براكيني علي جبلي"، يدعي محل ميلكونيان أن عنده سجاير بتضرب بمب" وهذه إشارة ساخرة لاستهجان المقاومة الأرمنية المسلحة ضد الدولة العثمانية والتقليل من حجمها. ولم يقتصر الإسقاط السياسي علي هذه المقاومة فقط ولكنه امتد إلي زعيم الوفد القومي بوغوص نوبار:" توجه مدير محل ميلكونيان (كناية عن بوغوص) إلي المحافظة (مؤتمرباريس) لمسألة اعتصاب العمال ( القضية الارمنية) وخرج مناخيره مدخنة( النتيجة المتوقعة)."
ويعكس هذا الإسقاط بوضوح الرغبة العثمانية في النتيجة المرجوة من عرض القضية الارمنية في باريس ، يوحي بالنزعة الاستهتارية العالمية إزاء القضية الارمنية . ولا ريب ان هذه التهكمات ذات الإسقاطات السياسية قد هزت مكانة مؤسسات صناعة السجائر الأرمنية بالسوق المصر، بيد ان تنامي البورجوازية المصرية ضد الرأسمالية الأجنبية صد جرف هذه المؤسسات في طريقها.إلي جانب الوعي السياسي الوطني الذي تبلور في ثورة 1919 ، انبثق وعي اقتصادي وطني اتجه إلي مصنعة الاقتصاد المصري وضرب احاديته الزراعية . وكان الطرف الحاد لنضال هذه البورجواذية موجها ضد الرأسمالية الأجنبية ذات الامتيازات التي عرقلت نمو الرأسمالية الوطنية في ظل هذا الصراع فقد الوسطاء الارمن واليهود واليونانيين دورهم التقليدي كهمزة وصل بين الإنتاج الأوربي والسوق المصري.
وقد بدأ تقهقرهم في ميدان إنتاج السجائر ، وسعي اليونانيون إلي تركيز الإنتاج بالاتحاد من اجل مجابهة خطر الخراب. ولكن جهود الأرمن لم تكلل بالنجاح في الاتحاد وأعربت جريدة "هوسابير" للمنتجين الارمن بان الوسيلة الانموذجية الوحيدة لمجابهة المعركة بالشكل الواجب هي غنهاء المنافسة المشتعلة فيما بينهم لأن الوفاق الداخلي فقط هو الذي يجنبهم الضربات الموجهة من الخارج.
وبينما غزا الشيب مفرق مؤسسات السجائر الأرمنية ، لاحت في الأفق قوة شابة فتية مثلت الحلقة الاخيرة في إنهاء الدور الرائد للأرمن في صناعة السجائر المصرية ؛ أنها الشركة الشرقية للدخان.
تأسست الشركة الشرقية " إيسترن كومباني" في 12 يولية 1920 لغزو رأس المال الصناعي الأجنبي بغرض ابتلاع مؤسسات إنتاج السجائر ذات التوليفات المشهورة والتي تستخدم الماكينات. عندئذ نسج المنتجون الأرمن خيالات واسعة عن الاستمرار في السوق بمؤازرة الرأسمالية الاجنبية، ولذا ، اندمجت بداية شركة دخان ماتوسيان المساهمة مع الشركة الشرقية. وبذلت الأخيرة كل وسيلة لاحتواء صناعة الدخان المصرية حتي استسلمت لها عام 1927 مؤسسات : ميلكونيان وجامسراجان وإيبيكيان من الأرمن، وصوصة وماخريديس وباباثوليوجو من اليونانيين ، فضلا عن مؤسستي ماسبيرو الإنجليزية وشركة الدخان الإنجليزية الأمريكية.
امتلكت الشركة الشرقية المؤسسات السابقة وفقا لشروط مواتية ظاهريا بالنسبة للمنتجين الارمن المذعورين من هول الإفلاس، فقد دفعت الشركة لكل مؤسسة قيمة أصولها الثابتة والمنقولة وحافظت علي اسم المؤسسة والماركات التي تنتجها، وعينت صاحب المؤسسة في وظيفة مدير" مدي الحياة" ، واشترطت الشركة عليهم ألا يمارسوا أية نشاطات بطريقة مباشرة او غير مباشرة تتعلق بالدخان تصنيعا وبيعا، ليس في مصر فقط ، إنما في السودان وفلسطين وسورية أيضا لمدة خمس سنوات.
وجدير بالذكر ان بعض الارمن قد أسسوا عدة مصانع صغيرة بين عامي 1927-1930 لمنافسة سوق الشركة الشرقية، وأحرزت نجاحا أوليا ولد سرابا بان صناعة الدخان التي أفلتت من أيدي الأرمن سوف تعود إليهم مرة أخري ونادت الصحافة الارمنية:" شجعوا براعم صناعة الدخان". بيد أنها لم تنعم بالاجل الطويل حيث تهاوت سريعا أمام ضغط الشركة الشرقية والبورجوازية المصرية والازمة الاقتصادية 1929-1931 .
وهكذا ، لم تنه الشركة الشرقية الدور التاريخي للارمن في صناعة الدخان المصرية فقط، ولكنها أجهزت أيضا علي المكانة التاريخية للسيجارة المصرية الأصيلة الشهيرة بتوليفاتها التركية- اليونانية ، وأقامت علي رفاتها توليفات فرجينية رديئة رخيصة لإشباع السوق المحلي فقط.
وبجانب السجائر، كانت صناعة المعسل والمدغة من أفراد العائلة الدخانية التي اشتغل بها الارمن في مصر. ففي عام 1914 ، أسس أرتين نظاريتيان مصنع "إخوان نظاريتيان" لإنتاج المعسل والمدغة في شارع الصوري بالعطارين- الإسكندرية. وفي عام 1918 ، أسس الاخوان جرابيد ومهران بونجوكيان مصنعا لهذا الغرض في شارع أمير الجيوش الجواني بالجمالية- القاهرة. وفي عام 1951 ، أسس جيراير جولوزيان مصنعا لغنتاج المعسل في شارع الشيخ سعدي بالحضرة البحرية- الإسكندرية.
بيد أن أهم المؤسسات الأرمنية في مجال إنتاج المعسل هي " مصنع دخان معسل المدفع" الذي تأسس في شارع ترعة الزمر بالعمرانية- جيزة لصاحبته ماري ملكيان. وقد بلغ رأسماله المستثمر "500000" جنيه وتكون دولاب عمله من "161" نسمة.
أما صناعة الملابس ومستلزماتها ، فقد احتلت المركز الخامس من حيث عدد المؤسسات بعد صناعة الدخان. وفيما يتعلق بهذه الصناعة، نجد ان الارمن قد تخصصوا تقريبا في جميع مراحلها بدءا من الغزل والنسيج حتي التفصيل والحياكة.
ففي ميدان الغزل يظهر "مصنع أرميناج جرابيديان" الذي تأسس عام 1952 في شارع الأحقاف بالإبراهيمية- الإسكندرية. وقد تركز نشاطه الأساسي في تشغيل خيوط غزل لصناعة الفانلات.
وبعد مرحلة الغزل، تاتي مرحلة صباغة الأقمشة وطباعتها وتجهيزها . وفي هذا الصدد ، نجد "المصبغة الأمريكية" التي أسسها اونيج بلكدانيان وشركاه عام 1902 في بورسعيد ثم انتقلت إلي غمرة وبلغ عدد عمالها "31" فردا. وتعد هذه المصبغة من أقدم المصابغ التي أسسها الارمن بمصر. وفي عام 1918 ، أنشئت مؤسسة "إخوان كاسبيان " في شارع سكة اللبودية بالحمزاوي- القاهرة، برأسمال مستثمر "100000" جنيه وعمالة "194" نسمة. وفي عام 1949 ، أقام أرتو بلكدانيان " مصبغة ليونيز" في شارع غالي بمهمشة غمرة- القاهرة، برأسمال مستثمر "37000" جنيه وعمالة "105" شخص. وفي عام 1950، أسس فيليب يعقوبيان مؤسسة"رياتكس" في شارع نجيب الريحاني بالأزبكية برأسمال مستثمر "80797" جنيه وعمالة"424" نسمة.
ويرتبط بالمرحلة التجهيزية لإعداد الملابس صناعة الازرار والكلف المختلفة في هذا الخصوص، ظهر مصنعان اولهما " مصنع إخوان بيليجيان " الذي أسسه هاجوب مانوج بيليجيان بالإسكندرية عام 1945 ، وثانيهما " مصنع أزرار الوحدة العربية " الذي أسسه هنري شفيق بوابجيان بالقاهرة عام 1958.
وبعد استكمال ادوات صناعة الملابس ، تاتي مرحلة التنفيذ . ونلاحظ خلالها ان صناعة التريكو( الملابس الداخلية ، البلوفرات، الشيلان، الطواقي، الفانلات، الجوارب..) قد حظيت بالسيطرة الاستئثارية حيث أسس الارمن ستة مصانع لهذا الغرض ؛ خمسة بالقاهرة وواحد بالإسكندرية.
بالنسبة لمصانع القاهرة ، أسس فارتكيس وألبير كريديان " مصنع كريديان للتريكو" عام 1937 في شارع سنان بالزيتون برأسمال مستثمر "20000" جنيه وعمالة "84" فردا. وفي عام 1938 ، انشأ بيير بيديجيان وشركاه مصنعا لنسيج التريكو في شارع العزيز بالله بحدائق الزيتون. في عام 1956 ، أقام ألبير لآرام كافاجيان " شركة بنلوب" بشارع شبرا مصر . وأيضا " مصنع المقطم للجوارب" لصاحبه إميل عبد الكريم دملاقيان الذي أسسه في شارع جوهر القائد بالجمالية. أما مصنع النصر للتريكو بالإسكندرية ، فقد أسسه م.بابازيان عام 1960 في شارع رحب بسموحة.
وبجانب التريكو ، وجدت مشاغل أسسها الارمن، خاصة السيدات لتفصيل القمصان والبيجامات والبلوزات وكافة الملابس الحريمي مثل " مشغل مادلين بكلايان" الذي أسسته عام 1961 في ممر الكونتننتال بميدان الاوبرا
وبعد صناعة الملابس ومستلزماتها، تشغل الصناعات الغذائية المرتبة السادسة في النشاط الصناعي الأرمني المصري. وجدير بالذكر أن صناعة المسلي والزيوت قد تصدرت رأس قائمة هذه الصناعات ففي الإسكندرية ، أسس الأرمن ثلاثة مصانع لهذا الخصوص: اولهم أسسه جرابيد وأونيج بوحشليان عام 1925 في شارع الميدان ، وثانيهما أسسه بيتزيان وتلاتينيان عام 1939 في سوق راتب بالمنشية ، اما آخرهم فهي " شركة وؤثة ديكران باليان وشركاهم" التي تأسست عام 1950 في شارع السلطان عبد العزيز باباب الشرقي.
أما في القاهرة ، فقد اشتهر " مصنع المسلي الصناعي " لأصحابه كريكور مينيتيان وأبناء سليم قسطندي وشركاهم وقد تأسس عام 1928 في شارع الرازق بالساحل . وفي عام 1940، أسسوا أيضا "مصنع عصير بذرة القطن" في شارع الزراق بالساحل. وفي عام 1940، أسسوا أيضا " مصنع عصير بذرة القطن" في شارع مصرف المساندة بالعياط- جيزة وقد بلغ رأسماله المستثمر "26565" جنيه وبلغت عمالته "162" فردا.
وبعد المسلي، تأتي صناعة الجبن والزبد(أميريان) التي تأسست عام 1944 في شارع محمود فهمي النقراشي بالإسكندرية ، ثم صناعة المخللات التي أسسها ساهاج سنتيجيان عام 1951 في شارع المناصرة المتفرع من شارع القلعة بالقاهرة.
وبعد المشهيات ، تظهر الحلويات ، وفي هذا الشان ، اسس سركيس كارامانوجيان وشركاه مصنعا عام 1923 في شارع الباب الأخضر بقسم اللبان لإنتاج حلاوة طحينية ، طحينة بيضاء للحلويات، سمسم للحلويات ، طحينة حمراء ، ملبن شربات . وفي عام 1920 ، أسس ساريان وشركاه مصنعا لإنتاج الجيلاتي في شارع عرابي بالقاهرة. ثم أخيرا ، صناعة المياه المعدنية والمشروبات الروحية. فقد أسس فهرام ليفون مانوجيان عام 1913 " شركة ماكدونالد للمياه المعدنية" في شارع قصر النيل . وفي عام 1937 ، أقام كاريكين بكلايان وشركاه مصنعا بالفجالة لإنتاج المشروبات الروحية.
............................................................................................
عطا درغام- Admin
- عدد المساهمات : 923
تاريخ التسجيل : 24/04/2009
رد: النشاط الاقتصادي للأرمن في مصر
واحتلت الصناعات الخشبية الدرجة قبل الأخيرة في السلم الصناعي الأرمني. ففي عام 1923 ، أنشأ نوبار ليفون بونجوكيان " ورشة نجارة ميكانيكية – نوبار" في شارع غيط النوبي بالموسكي وضمت "23" عاملا واختصت في نشر الأخشاب. كما أسس كريكور سركسيان" مصنع الشركة المصرية لنشر وتفريز الأخشاب" عام 1949 في شارع طموم بقسم الورديان في الإسكندرية.
وفي ميدان صناعة الأمشاط والفلايات الخشبية، أسس شفيق دملاقيان عام 1935 " مصنع الامشاط المصرية" في شارع راتب بشبرا. وفي مجال صناعة الفرش والمقشات ومهفات الريش، أنشأ هاري كودسوزيان مصنعا لهذا الغرض في شارع الأزهر بالقاهرة. أما في ساحة صناعة الموبيليات الخيرزان ومنتجات القش والمصنوعات الفنية، فقد أقام نوراير إسطفان تاتيكيان الشهير ب"مارديج تاتيكيان" مصنعا باسمه في عام 1941 للاستيراد والتصنيع في شارع سراج الدين بباب الحديد ( رمسيس).
وتذيلت الصناعات الكيميائية الدرجة الأخيرة في السلم الصناعي الأرمني. ففي مجال صناعة الأدوية والمستحضرات الطبية ، نجد " معامل أدوية لوتس" التي أسسها الدكتور لآرداشيس هامبارتسوم مشجيان في حارة كنيسة الارمن بالموسكي عام 1936 ،" معامل ادوية ألما " التي أسسها الدكتور ديكران بهادريان عام 1957 في شارع أبي طاقية بحدائق شبرا- القاهرة. وفي ميدان صناعة الصابون، هناك " مصبنة روض الفرج" التي أسسها كريكور مينيتيان وأبناء سليم قسطندي وشركاهم عام 1928 وعمل بها "63" شخصا. وفي عام 1959 ، أسس فاهان أبراهاميان معملا لصناعة الكولونيا والروائح العطرية في شارع سيدي المتولي بالإسكندرية.
ويلاحظ أن الأرمن لم يحبسوا أنفسهم في إطار إنتاج محدد ، بل مارسوا تقريبا معظم الصناعات . وثمة حقيقة جد مهمة بالذكر هنا مؤداها ان المؤسسات الصناعية الأرمنية الموجودة بمصر قد أسسها الأرمن النازحون إليها بلا رءووس أموال بعد عام 1896. وقد بدأ هؤلاء الصناعيون مشوارهم في كنف أقاربهم او بني جلدتهم المستقرين بمصر وبمزاولة وظائف او حرف بسيطة. وبمرور الوقت ، أثبتوا جدارتهم واستقلوا بانفسهم في مشروعات خاصة. ولم يدخل الأرمن إلي مصر بصناعاتهم- عدا الدخان – التي عملوا بها قيبل النزوح، بل اضطروا إلي ممارسة ما تيسر لهم من الصناعات كل حسب ظروفه والفرص التي أتيحت له. ولهذا ، لم تتسم الرأسمالية الصناعية الأرمنية بتوجه عام، مثل اليونيانيين واليهود، واتصفت بالعشوائية والتشرذم الإنتاجي.
وجدير بالذكر أن بعضا من أصحاب المؤسسات الصناعية الأرمنية كانوا أعضاء في الاتحاد المصري للصناعات، منهم : ليفون جوجانيان ، كيفورك تشاكجيان، نصيب توركون، مارديج ضربخانليان، كريكور مينيتيان، ماتوسيان ، جامسراجان، ه.أ. تشايلاكيان، هاري جودسوزيان، روز ماتوسيان، توباليان.. وغيرهم.
كما التحق الأرمن الصناعيون بالغرف الصناعية المختلفة، علي سبيل المثال، كان ماتوسيان مستشارا ل" الاتحاد المصري للصناعات" . وكان مارديج ضربخانليان عضوا بالغرفة النقابية لصناعة الجلود التي تأسست في 22 يناير 1931 ، وكان كريكورمينيتيان عضوا بغرفة صناعة الزيوت المصرية عام 1938، كما كان عضوا بغرفة صناعة الصابون في القطر المصري التي تأسست عامئذ أيضا.
وكان كل من ه.أ . تشايلاكيان وروز ماتوسيان عضوين بالغرفة النقابية لأرباب الطباعة في القطر المصري التي تأسست في 13 مارس 1939 ، كما كان ف. مانوجيان مستشارا لهذه الغرفة.
وقد ظلت المؤسسات الصناعية الأرمنية تزاول أنشطتها بحرية تامة في مصر حتي صدور قوانين التأميم الاشتراكية عام 1961 ، فخضع معظمها للسيطرة الحكومية المصرية ، علي سبيل المثال ، خضعت للمؤسسة المصرية العامة للصناعات الهندسية المؤسسات الأرمنية التالية : الشركة المصرية لمنتجات الزهر( أرمينيان سابقا)، شركة المنشآت المعدنية" إيجمت"( جوجانيان)، شركة مصانع ماجت للبطاريات (إبتمكجيان) أما مؤسسة ه.أ . تشايلاكيان فقد صارت الشركة الشرقية للطباعة وعمل علب من الصفيح. وتغير اسم مصانع كريكور مينيتيان وأبناء سليم قسطندي المختلفة إلي الشركة الاهلية للزيوت والصابون. وتسمت مؤسسة يعقوبيان بالشركة الصناعية للصباغة والطباعة"راياتكس"، وخضعت مطبعة روز ماتوسيان إلي المؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة والطباعة والنشر. وهكذا ، دواليك
وهكذا ، إذا كانت سنة 1896 قد مثلت عام ميلاد عدة مؤسسات صناعية أرمنية بارزة في مصر، فإن عام 1961 قد سجل وفاة عدد ليس بقليل منها.
..............................................................................
الحرف
انحدر نظام طوائف الحرف" أصحاب الكارات" إلي مصر إبان العصر الإقطاعي وقام علي تنظيم محكم رباعي الأضلاع ؛ احتكار للحرفة لا يعتدي معه عليها أي دخيل ، تدرج في الكار من الصبي إلي العامل فالأسطي تحت إشراف دقيق من شيوخ الطائفة وبطقوس خاصة، وراثة للكار بأن يقوم الآباء بسقي الأبناء "سر الصنعة" حتي أن أولاد الكار الواحد كانت تتشابك علاقاتهم الأسرية فيتحولوا في النهاية إلي عائلة واحدة كبيرة ، وأخيرا شيخ للطائفة مسئول عن تنظيم كل علاقاتهم مع السلطات.
وقد تصور البعض أن بناء الدولة الحديثة في مصر خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر قد أجهز علي نظام طوائف الحرف . إذ أن مفردات هذه الدولة من سلطة مركزية وانتشار العلاقات الرأسمالية وانفتاح حارات الطوائف كانت تفترض انهيار البنيان الطائفي في النهاية. ولكن هذا النظام ظل متواجدا طوال القرن، وإن بدت عليه علامات الوهن التي ادت إلي تآكله وزواله.
وبينما كانت شمس أصحاب الحرف القديمة في طريقها إلي الأفول، كان ثمة شمس جديدة في سبيلها إلي البزوغ لأصحاب حرف حديثة. فقد أدي تخلي الفئات العليا عن أنماط استهلاكهم القديم والإقبال علي الأنماط الأوربية إلي نشأة حرف جديدة- لم تكن مألوفة في مصر- بجوار القديمة. وطبيعيا ان تتسم هذه الاذدواجية بالتمييز؛ فقد بات أصحاب الحرف القديمة يعرفون بأصحاب " الحرف البلدي" مثل النجارين والمنجدين والخياطين بينما صار مقابلوهم يسمون أصحاب " الحرف الإفرنجي" ، ولم ينسحب الاصطلاح الاخير علي الطرز المنتجة فحسب، ولكنه شمل القائمين عليها خاصة من اليونانيين والشوام والأرمن.
في هذا الإطار، تبوأ الأرمن مكانا في الوسط الحرفي المصري وزاولوا الحرف القديمة والجديدة في آن واحد. وقد شكل الحرفيون الأرمن نسبة "16.2%" من إجمالي الجالية الأرمنية ونسبة "45.8%" من إجمالي القوة الأرمنية العاملة. ومارسوا"100" حرفة يدوية مقسمة إلي "16" مجموعة حرفية .
استأثرت فيها حرف الأحذية والصياغة والملابس والأغذية والتعدين بالسيطرة علي مستوي عدد الارمن العاملين بها، أما حرف الأغذية والتعدين والملابس فقد حظيت بالسيطرة علي المستوي العددي للحرف ذاتها.
تعد حرفة إعداد الأحذية "الجزماجية" من أشهر وأبرز الحرف التي مارسها الأرمن في مصر، ويدخل في إطارها حرف تصليح الأحذية ورفيها وتلميعها . وقد شكلوا نسبة "18.3%" من إجمالي الجزماجية بالقاهرة والإسكندرية. وتركزوا بالعاصمة في شوارع : بين الصورين وقصر النيل وسليمان باشا ومحمد علي وعماد الدين والخليج المصري وكلوت بك وشبرا وعابدين والمدابغ. أما في الثغر : شوارع فرنسا وسوق الكانتو وتكية الكلنشي والسبع بنات وجامع العطارين والباب الأخضر ونوبار.
ويلاحظ أن أصول معظم الجزماجية الأرمن تعود إلي الريف الأرمني بالولايات الأرمنية العثمانية الست وقيليقية.
وجدير بالذكر أن شهرة الأرمن في هذا المضمار لم تنبع من استئثارهم بهذه الحرفة، ولكنها انبثقت من دقة صناعاتهم ومتانتها . ومما هوبليغ الدلالة في هذا السياق أن الجزماجية الارمن قد لبوا كافة الأذواق. فقد قلدوا الأحذية الأوربية المستوردة "جزم وبوت" لتناسب الطبقة العليا، وأعدوا الأحذية الشرقية "يمني وبوستال وشبشب وصندل" لتلائم الطبقات الوسطي والدنيا.
ويلاحظ أن الجزماجية الأرمن قد أسهموا بفعالية في مطالب السوق المصري عندما ارتفعت أسعار الأحذية إبان الحرب العالمية الاولي. في هذا الصدد، ذكرت جريدة "الإكسبريس" أن أثمان الاحذية قد ارتفعت إلي درجة لا تطاق ، فأصبح أقل حذاء يساوي من الثمن ثمانية ريالات وخمسة للأولاد الصغار، فتعذر علي الناس مشتراها. وذهب الامل في الحصول عليها" ، ولكنهم استبدلوها بنوع من " المراكيب الرخيصة الثمن المسماة صندل" قام الأرمن بصناعته وتوفيره. وبذلك سدوا بحذقهم ومهارتهم فراغا كبيرا في الصناعة المصرية بعد انقطاع بعض المصنوعات عنا".
أما بالنسبة للصياغة ، فتعد من أقدم وأشهر الحرف التي زاولها الأرمن في مصر، ويدخل في إطارها صناعة الفضة والجواهر. وثمة ثلاث علامات فارقة في حرفة الصياغة بمصر:
أولا : أنهي الاحتلال العثماني لمصر في عام 1517 الدور التاريخي الحرفي المصري البارع، بما في ذلك الصياغ، عندما نقل المحتلون أصحاب الحرف الفنية من المصريين إلي الأستانة لإعمارها علي نحو ما فعلوا تقريبا في معظم البلاد التي استولوا عليها.
ثانيا : أسفر دخول الأجانب إلي مصر ، لا سيما الفرنسيين والإنجليز عن إدخال " الموديلات" الاوربية الحديثة في مجال المجوهرات
ثالثا" نتج عن سياسة الإبادة العثمانية ضد الارمن ، نزوح الأسطوات الأرمن المشهورين في سوق الصياغة بالأستانة إلي مصر منذ عام 1896 ، مهارتهم في تنفيذ الموديلات الأوربية.
وهكذا، إذا كان العثمانيون قد حرموا سوق الصياغة المصري من صناع أهل البلد الأصليين الأكفاء، إلا أن سياستهم ضد الأرمن- بعد قرون- قد غذت هذا السوق بعناصر ماهرة منهم أسهمت في دفع عجلة تطور صناعة الحلي والجواهر.
إذن ، بدخول الموديلات الأوربية الحديثة وتنفيذ الأسطوات الأرمن لها باستخدام وسائل صياغة الذهب عيار "18" وأقل، يبدأ ازدهار الصياغة الحديثة في مصر. وجدير بالذكر ان الأرمن لم يستأثروا بسوق الصياغة وحدهم، ولكن نافسهم بشدة اليهود والإيطاليين الذين فرضوا وصايتهم جميعا علي الحرفة.
وينتمي الصياغ الأرمن إلي المناطق الحضرية بالدولة العثمانية، استأثرت فيها الأستانة- القاهرة-حلب بنسبة "78.6%" مقابل "21.4%" من الصياغ الأرمن الذين جاءوا من "16" مدينة، من أهمها : قيصيرية وبروصة وأزمير بالدولة العثمانية وسيباسطيا وآجن وفان بأرمينية الغربية.
تركز الصياغ الارمن في القاهرة بخان الخليلي ووكالة الجواهرجية والصاغة.
أما في الإسكندرية ، فقد انتشروا في شوارع فرنسا وسوق الصيارف وجامع العطارين. وشكل الصياغ الأرمن نسبة "1%" من إجمالي الصياغ بالعاصمة والثغر. وبذا ، لم تنبع شهرة الأرمن في الوسط الصياغي من جراء سيطرتهم العددية ، ولكن بسبب دقتهم ومهارتهم في تشكيل مصوغاتهم.
وتتميز الصياغة بانها من الحروف العائلية التي يتوارثها جيل بعد آخر ، كما أنها من أصعب الحرف التي يمكن اختراقها. ولذا ، ظلت حكرا-أو تكاد- علي بضع عائلات أرمنية : جيفاهيرجيان، موجيان، يرجنيان ، عريفيان، كيفوركيان، بندريان، خانتيميان، شاهبازيان، كازانجيان، كيزيليان ، يازيجيان وغيرهم.
وجدير بالذكر أن بعض هؤلاء قد نقلوا ورشهم من الأستانة إلي مصر بعد عام 1896 ، وعمل بعضهم الآخر لدي أقاربهم وبني جنسهم ثم استقلوا بورشهم.
وإذا كانت الصياغة قد اتسمت بخصوصية الطابع العائلي ( الأرمني) في احتكار الصنعة، إلا أن ترويجها قد تميز بالعمومية. علي سبيل المثال ، من متابعة اليومية الخاصة بمحل " سركيس وفاهان كيزيليان إخوان " بوكالة الجواهرجية منذ مايو 1939 حتي 11 مايو 1944 ، يتضح المصريين شكلوا (35.7%) من زبائنهم والأرمن (23%) والشوام (10.7%" والاوربيين (10.7%).
وأما الحرف المتعلقة بالملابس والترزية التي مارسها الأرمن ، فتتكون من ترزية وخياطين ، ويازماجية ، وقمصانجية ، وطرازون ، وحرف مختلفة تتعلق بالملابس.
تبوأ الترزية الارمن قمة حرف الملابس. بيد أن الترزية قد شكلوا نسبة (86.8%) مقابل (12.2%) للخياطين . وبينما اختص الترزية بتفصيل الموديلات الإفرنجي للجنسين كل علي حده، اختص الخياطون والخياطات بتفصيل ملابس العوام للجنسين معا. وترجع أصول الترزية والخياطين إلي الأستانة بنسبة "24.2%" وأماكن متفرقة بالدولة العثمانية وأرمينية الغربية بنسبة "75.8%" وقد شكلوا نسبة "7%" من إجمالي العاملين بهذه الحرفة في القاهرة والإسكندرية، وانتشروا في شوارع عماد الدين والمدابغ والمغربي(عدلي) وقصر النيل والمناخ بالقاهرة، وفي شوارع جامع العطارين وفرنسا والنبي دانيال ومحطة الرمل بالإسكندرية.
أما صناعة اليازمات ؛ أي الطرح ، فترتبط باسم الأرمن النازحين إلي مصر منذ عام 1896 . وكانت مصر قبل هذا التاريخ تستوردها من الأستانة . وكان أغلب الأرمن المشتغلين بها ممن جاءوا من الأستانة وازمير بنسبة "43%".
وفي ذلك القمصانجية الارمن الذين تخصصوا في تفصيل القمصان الإفرنجي وألفوا نسبة "18.6" % من إجمالي القمصانجية بالقاهرة فقط، وتوزعوا في شوارع : عماد الدين والمغربي وقصر النيل ومحمد علي والمدابغ وفؤاد الاول(26 يولية).
وبعد القمصانجية ، تأتي طائفة من الحرف التي زاولها بضعة أفراد من الأرمن: رفاء السجاجيد، صناعة الطرابيش، صناعة الشماسي، صناعة الفراء، صباغة الملابس ، النسيج.
وأخيرا، احتل الطرازون- من حيث الكم- ذيل قائمة العاملين في قطاع حرف الملابس والمنسوجات . بيد ان الامر قد اختلف من حيث الكيف. فقد احتكر الأرمن حرفة التطريزب" السرما" منذ عام 1896 بعد ان كان الإيطاليون يحتكرونها. وقبل ذلك، كانت مصر تستورد هذه المشغولات من الأستانة وبلاد البلقان. وتقوم هذه الحرفة علي الحباكة وأشغال العقادة والتطريز بخيوط معدنية كمشغولات الفوط المطرزة بخيوط معدنية، والتي كانت تزود باهداب من الخيوط المعدنية المبرومة. وظل إنتاج الطرازين الارمن من هذه الحرفة المتطورة منتشرا عند أهل اليسار، لا سيما بالنسبة إلي مشغولات جهاز العروس الذي كان العرف وقتئذ يقتضي أن يضم مثل هذا الجهاز سمات العز والثراء الممثل في الفوط والباشكير الفاخرة وأغطية صواني الطعام التي كانت جميعها مطرزة وذات أهداب مجدولة ومضفورة ومزودة بخيوط معدنية ( فضة وذهب).
وفوق هذا ، كان الطرازون الأرمن القادمون في الغالب من الأستانة وأزمير متخصصين في تطريز جميع ملبوسات الحريم من أحسن رونق وتطريز ملابس الباللو للحريم أيضا، وكذلك جميع لوازم المنازل من ستائر وكساوي كنابيهات وكراسيمن أحسن زركشة وأجملها وكذلك طقوم الأسرة علي الطرز الإسلامبولية للعرائس وخلاف ذلك من جميع الملبوسات الفاخرة.
وفي ميدان صناعة الأمشاط والفلايات الخشبية، أسس شفيق دملاقيان عام 1935 " مصنع الامشاط المصرية" في شارع راتب بشبرا. وفي مجال صناعة الفرش والمقشات ومهفات الريش، أنشأ هاري كودسوزيان مصنعا لهذا الغرض في شارع الأزهر بالقاهرة. أما في ساحة صناعة الموبيليات الخيرزان ومنتجات القش والمصنوعات الفنية، فقد أقام نوراير إسطفان تاتيكيان الشهير ب"مارديج تاتيكيان" مصنعا باسمه في عام 1941 للاستيراد والتصنيع في شارع سراج الدين بباب الحديد ( رمسيس).
وتذيلت الصناعات الكيميائية الدرجة الأخيرة في السلم الصناعي الأرمني. ففي مجال صناعة الأدوية والمستحضرات الطبية ، نجد " معامل أدوية لوتس" التي أسسها الدكتور لآرداشيس هامبارتسوم مشجيان في حارة كنيسة الارمن بالموسكي عام 1936 ،" معامل ادوية ألما " التي أسسها الدكتور ديكران بهادريان عام 1957 في شارع أبي طاقية بحدائق شبرا- القاهرة. وفي ميدان صناعة الصابون، هناك " مصبنة روض الفرج" التي أسسها كريكور مينيتيان وأبناء سليم قسطندي وشركاهم عام 1928 وعمل بها "63" شخصا. وفي عام 1959 ، أسس فاهان أبراهاميان معملا لصناعة الكولونيا والروائح العطرية في شارع سيدي المتولي بالإسكندرية.
ويلاحظ أن الأرمن لم يحبسوا أنفسهم في إطار إنتاج محدد ، بل مارسوا تقريبا معظم الصناعات . وثمة حقيقة جد مهمة بالذكر هنا مؤداها ان المؤسسات الصناعية الأرمنية الموجودة بمصر قد أسسها الأرمن النازحون إليها بلا رءووس أموال بعد عام 1896. وقد بدأ هؤلاء الصناعيون مشوارهم في كنف أقاربهم او بني جلدتهم المستقرين بمصر وبمزاولة وظائف او حرف بسيطة. وبمرور الوقت ، أثبتوا جدارتهم واستقلوا بانفسهم في مشروعات خاصة. ولم يدخل الأرمن إلي مصر بصناعاتهم- عدا الدخان – التي عملوا بها قيبل النزوح، بل اضطروا إلي ممارسة ما تيسر لهم من الصناعات كل حسب ظروفه والفرص التي أتيحت له. ولهذا ، لم تتسم الرأسمالية الصناعية الأرمنية بتوجه عام، مثل اليونيانيين واليهود، واتصفت بالعشوائية والتشرذم الإنتاجي.
وجدير بالذكر أن بعضا من أصحاب المؤسسات الصناعية الأرمنية كانوا أعضاء في الاتحاد المصري للصناعات، منهم : ليفون جوجانيان ، كيفورك تشاكجيان، نصيب توركون، مارديج ضربخانليان، كريكور مينيتيان، ماتوسيان ، جامسراجان، ه.أ. تشايلاكيان، هاري جودسوزيان، روز ماتوسيان، توباليان.. وغيرهم.
كما التحق الأرمن الصناعيون بالغرف الصناعية المختلفة، علي سبيل المثال، كان ماتوسيان مستشارا ل" الاتحاد المصري للصناعات" . وكان مارديج ضربخانليان عضوا بالغرفة النقابية لصناعة الجلود التي تأسست في 22 يناير 1931 ، وكان كريكورمينيتيان عضوا بغرفة صناعة الزيوت المصرية عام 1938، كما كان عضوا بغرفة صناعة الصابون في القطر المصري التي تأسست عامئذ أيضا.
وكان كل من ه.أ . تشايلاكيان وروز ماتوسيان عضوين بالغرفة النقابية لأرباب الطباعة في القطر المصري التي تأسست في 13 مارس 1939 ، كما كان ف. مانوجيان مستشارا لهذه الغرفة.
وقد ظلت المؤسسات الصناعية الأرمنية تزاول أنشطتها بحرية تامة في مصر حتي صدور قوانين التأميم الاشتراكية عام 1961 ، فخضع معظمها للسيطرة الحكومية المصرية ، علي سبيل المثال ، خضعت للمؤسسة المصرية العامة للصناعات الهندسية المؤسسات الأرمنية التالية : الشركة المصرية لمنتجات الزهر( أرمينيان سابقا)، شركة المنشآت المعدنية" إيجمت"( جوجانيان)، شركة مصانع ماجت للبطاريات (إبتمكجيان) أما مؤسسة ه.أ . تشايلاكيان فقد صارت الشركة الشرقية للطباعة وعمل علب من الصفيح. وتغير اسم مصانع كريكور مينيتيان وأبناء سليم قسطندي المختلفة إلي الشركة الاهلية للزيوت والصابون. وتسمت مؤسسة يعقوبيان بالشركة الصناعية للصباغة والطباعة"راياتكس"، وخضعت مطبعة روز ماتوسيان إلي المؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة والطباعة والنشر. وهكذا ، دواليك
وهكذا ، إذا كانت سنة 1896 قد مثلت عام ميلاد عدة مؤسسات صناعية أرمنية بارزة في مصر، فإن عام 1961 قد سجل وفاة عدد ليس بقليل منها.
..............................................................................
الحرف
انحدر نظام طوائف الحرف" أصحاب الكارات" إلي مصر إبان العصر الإقطاعي وقام علي تنظيم محكم رباعي الأضلاع ؛ احتكار للحرفة لا يعتدي معه عليها أي دخيل ، تدرج في الكار من الصبي إلي العامل فالأسطي تحت إشراف دقيق من شيوخ الطائفة وبطقوس خاصة، وراثة للكار بأن يقوم الآباء بسقي الأبناء "سر الصنعة" حتي أن أولاد الكار الواحد كانت تتشابك علاقاتهم الأسرية فيتحولوا في النهاية إلي عائلة واحدة كبيرة ، وأخيرا شيخ للطائفة مسئول عن تنظيم كل علاقاتهم مع السلطات.
وقد تصور البعض أن بناء الدولة الحديثة في مصر خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر قد أجهز علي نظام طوائف الحرف . إذ أن مفردات هذه الدولة من سلطة مركزية وانتشار العلاقات الرأسمالية وانفتاح حارات الطوائف كانت تفترض انهيار البنيان الطائفي في النهاية. ولكن هذا النظام ظل متواجدا طوال القرن، وإن بدت عليه علامات الوهن التي ادت إلي تآكله وزواله.
وبينما كانت شمس أصحاب الحرف القديمة في طريقها إلي الأفول، كان ثمة شمس جديدة في سبيلها إلي البزوغ لأصحاب حرف حديثة. فقد أدي تخلي الفئات العليا عن أنماط استهلاكهم القديم والإقبال علي الأنماط الأوربية إلي نشأة حرف جديدة- لم تكن مألوفة في مصر- بجوار القديمة. وطبيعيا ان تتسم هذه الاذدواجية بالتمييز؛ فقد بات أصحاب الحرف القديمة يعرفون بأصحاب " الحرف البلدي" مثل النجارين والمنجدين والخياطين بينما صار مقابلوهم يسمون أصحاب " الحرف الإفرنجي" ، ولم ينسحب الاصطلاح الاخير علي الطرز المنتجة فحسب، ولكنه شمل القائمين عليها خاصة من اليونانيين والشوام والأرمن.
في هذا الإطار، تبوأ الأرمن مكانا في الوسط الحرفي المصري وزاولوا الحرف القديمة والجديدة في آن واحد. وقد شكل الحرفيون الأرمن نسبة "16.2%" من إجمالي الجالية الأرمنية ونسبة "45.8%" من إجمالي القوة الأرمنية العاملة. ومارسوا"100" حرفة يدوية مقسمة إلي "16" مجموعة حرفية .
استأثرت فيها حرف الأحذية والصياغة والملابس والأغذية والتعدين بالسيطرة علي مستوي عدد الارمن العاملين بها، أما حرف الأغذية والتعدين والملابس فقد حظيت بالسيطرة علي المستوي العددي للحرف ذاتها.
تعد حرفة إعداد الأحذية "الجزماجية" من أشهر وأبرز الحرف التي مارسها الأرمن في مصر، ويدخل في إطارها حرف تصليح الأحذية ورفيها وتلميعها . وقد شكلوا نسبة "18.3%" من إجمالي الجزماجية بالقاهرة والإسكندرية. وتركزوا بالعاصمة في شوارع : بين الصورين وقصر النيل وسليمان باشا ومحمد علي وعماد الدين والخليج المصري وكلوت بك وشبرا وعابدين والمدابغ. أما في الثغر : شوارع فرنسا وسوق الكانتو وتكية الكلنشي والسبع بنات وجامع العطارين والباب الأخضر ونوبار.
ويلاحظ أن أصول معظم الجزماجية الأرمن تعود إلي الريف الأرمني بالولايات الأرمنية العثمانية الست وقيليقية.
وجدير بالذكر أن شهرة الأرمن في هذا المضمار لم تنبع من استئثارهم بهذه الحرفة، ولكنها انبثقت من دقة صناعاتهم ومتانتها . ومما هوبليغ الدلالة في هذا السياق أن الجزماجية الارمن قد لبوا كافة الأذواق. فقد قلدوا الأحذية الأوربية المستوردة "جزم وبوت" لتناسب الطبقة العليا، وأعدوا الأحذية الشرقية "يمني وبوستال وشبشب وصندل" لتلائم الطبقات الوسطي والدنيا.
ويلاحظ أن الجزماجية الأرمن قد أسهموا بفعالية في مطالب السوق المصري عندما ارتفعت أسعار الأحذية إبان الحرب العالمية الاولي. في هذا الصدد، ذكرت جريدة "الإكسبريس" أن أثمان الاحذية قد ارتفعت إلي درجة لا تطاق ، فأصبح أقل حذاء يساوي من الثمن ثمانية ريالات وخمسة للأولاد الصغار، فتعذر علي الناس مشتراها. وذهب الامل في الحصول عليها" ، ولكنهم استبدلوها بنوع من " المراكيب الرخيصة الثمن المسماة صندل" قام الأرمن بصناعته وتوفيره. وبذلك سدوا بحذقهم ومهارتهم فراغا كبيرا في الصناعة المصرية بعد انقطاع بعض المصنوعات عنا".
أما بالنسبة للصياغة ، فتعد من أقدم وأشهر الحرف التي زاولها الأرمن في مصر، ويدخل في إطارها صناعة الفضة والجواهر. وثمة ثلاث علامات فارقة في حرفة الصياغة بمصر:
أولا : أنهي الاحتلال العثماني لمصر في عام 1517 الدور التاريخي الحرفي المصري البارع، بما في ذلك الصياغ، عندما نقل المحتلون أصحاب الحرف الفنية من المصريين إلي الأستانة لإعمارها علي نحو ما فعلوا تقريبا في معظم البلاد التي استولوا عليها.
ثانيا : أسفر دخول الأجانب إلي مصر ، لا سيما الفرنسيين والإنجليز عن إدخال " الموديلات" الاوربية الحديثة في مجال المجوهرات
ثالثا" نتج عن سياسة الإبادة العثمانية ضد الارمن ، نزوح الأسطوات الأرمن المشهورين في سوق الصياغة بالأستانة إلي مصر منذ عام 1896 ، مهارتهم في تنفيذ الموديلات الأوربية.
وهكذا، إذا كان العثمانيون قد حرموا سوق الصياغة المصري من صناع أهل البلد الأصليين الأكفاء، إلا أن سياستهم ضد الأرمن- بعد قرون- قد غذت هذا السوق بعناصر ماهرة منهم أسهمت في دفع عجلة تطور صناعة الحلي والجواهر.
إذن ، بدخول الموديلات الأوربية الحديثة وتنفيذ الأسطوات الأرمن لها باستخدام وسائل صياغة الذهب عيار "18" وأقل، يبدأ ازدهار الصياغة الحديثة في مصر. وجدير بالذكر ان الأرمن لم يستأثروا بسوق الصياغة وحدهم، ولكن نافسهم بشدة اليهود والإيطاليين الذين فرضوا وصايتهم جميعا علي الحرفة.
وينتمي الصياغ الأرمن إلي المناطق الحضرية بالدولة العثمانية، استأثرت فيها الأستانة- القاهرة-حلب بنسبة "78.6%" مقابل "21.4%" من الصياغ الأرمن الذين جاءوا من "16" مدينة، من أهمها : قيصيرية وبروصة وأزمير بالدولة العثمانية وسيباسطيا وآجن وفان بأرمينية الغربية.
تركز الصياغ الارمن في القاهرة بخان الخليلي ووكالة الجواهرجية والصاغة.
أما في الإسكندرية ، فقد انتشروا في شوارع فرنسا وسوق الصيارف وجامع العطارين. وشكل الصياغ الأرمن نسبة "1%" من إجمالي الصياغ بالعاصمة والثغر. وبذا ، لم تنبع شهرة الأرمن في الوسط الصياغي من جراء سيطرتهم العددية ، ولكن بسبب دقتهم ومهارتهم في تشكيل مصوغاتهم.
وتتميز الصياغة بانها من الحروف العائلية التي يتوارثها جيل بعد آخر ، كما أنها من أصعب الحرف التي يمكن اختراقها. ولذا ، ظلت حكرا-أو تكاد- علي بضع عائلات أرمنية : جيفاهيرجيان، موجيان، يرجنيان ، عريفيان، كيفوركيان، بندريان، خانتيميان، شاهبازيان، كازانجيان، كيزيليان ، يازيجيان وغيرهم.
وجدير بالذكر أن بعض هؤلاء قد نقلوا ورشهم من الأستانة إلي مصر بعد عام 1896 ، وعمل بعضهم الآخر لدي أقاربهم وبني جنسهم ثم استقلوا بورشهم.
وإذا كانت الصياغة قد اتسمت بخصوصية الطابع العائلي ( الأرمني) في احتكار الصنعة، إلا أن ترويجها قد تميز بالعمومية. علي سبيل المثال ، من متابعة اليومية الخاصة بمحل " سركيس وفاهان كيزيليان إخوان " بوكالة الجواهرجية منذ مايو 1939 حتي 11 مايو 1944 ، يتضح المصريين شكلوا (35.7%) من زبائنهم والأرمن (23%) والشوام (10.7%" والاوربيين (10.7%).
وأما الحرف المتعلقة بالملابس والترزية التي مارسها الأرمن ، فتتكون من ترزية وخياطين ، ويازماجية ، وقمصانجية ، وطرازون ، وحرف مختلفة تتعلق بالملابس.
تبوأ الترزية الارمن قمة حرف الملابس. بيد أن الترزية قد شكلوا نسبة (86.8%) مقابل (12.2%) للخياطين . وبينما اختص الترزية بتفصيل الموديلات الإفرنجي للجنسين كل علي حده، اختص الخياطون والخياطات بتفصيل ملابس العوام للجنسين معا. وترجع أصول الترزية والخياطين إلي الأستانة بنسبة "24.2%" وأماكن متفرقة بالدولة العثمانية وأرمينية الغربية بنسبة "75.8%" وقد شكلوا نسبة "7%" من إجمالي العاملين بهذه الحرفة في القاهرة والإسكندرية، وانتشروا في شوارع عماد الدين والمدابغ والمغربي(عدلي) وقصر النيل والمناخ بالقاهرة، وفي شوارع جامع العطارين وفرنسا والنبي دانيال ومحطة الرمل بالإسكندرية.
أما صناعة اليازمات ؛ أي الطرح ، فترتبط باسم الأرمن النازحين إلي مصر منذ عام 1896 . وكانت مصر قبل هذا التاريخ تستوردها من الأستانة . وكان أغلب الأرمن المشتغلين بها ممن جاءوا من الأستانة وازمير بنسبة "43%".
وفي ذلك القمصانجية الارمن الذين تخصصوا في تفصيل القمصان الإفرنجي وألفوا نسبة "18.6" % من إجمالي القمصانجية بالقاهرة فقط، وتوزعوا في شوارع : عماد الدين والمغربي وقصر النيل ومحمد علي والمدابغ وفؤاد الاول(26 يولية).
وبعد القمصانجية ، تأتي طائفة من الحرف التي زاولها بضعة أفراد من الأرمن: رفاء السجاجيد، صناعة الطرابيش، صناعة الشماسي، صناعة الفراء، صباغة الملابس ، النسيج.
وأخيرا، احتل الطرازون- من حيث الكم- ذيل قائمة العاملين في قطاع حرف الملابس والمنسوجات . بيد ان الامر قد اختلف من حيث الكيف. فقد احتكر الأرمن حرفة التطريزب" السرما" منذ عام 1896 بعد ان كان الإيطاليون يحتكرونها. وقبل ذلك، كانت مصر تستورد هذه المشغولات من الأستانة وبلاد البلقان. وتقوم هذه الحرفة علي الحباكة وأشغال العقادة والتطريز بخيوط معدنية كمشغولات الفوط المطرزة بخيوط معدنية، والتي كانت تزود باهداب من الخيوط المعدنية المبرومة. وظل إنتاج الطرازين الارمن من هذه الحرفة المتطورة منتشرا عند أهل اليسار، لا سيما بالنسبة إلي مشغولات جهاز العروس الذي كان العرف وقتئذ يقتضي أن يضم مثل هذا الجهاز سمات العز والثراء الممثل في الفوط والباشكير الفاخرة وأغطية صواني الطعام التي كانت جميعها مطرزة وذات أهداب مجدولة ومضفورة ومزودة بخيوط معدنية ( فضة وذهب).
وفوق هذا ، كان الطرازون الأرمن القادمون في الغالب من الأستانة وأزمير متخصصين في تطريز جميع ملبوسات الحريم من أحسن رونق وتطريز ملابس الباللو للحريم أيضا، وكذلك جميع لوازم المنازل من ستائر وكساوي كنابيهات وكراسيمن أحسن زركشة وأجملها وكذلك طقوم الأسرة علي الطرز الإسلامبولية للعرائس وخلاف ذلك من جميع الملبوسات الفاخرة.
عطا درغام- Admin
- عدد المساهمات : 923
تاريخ التسجيل : 24/04/2009
رد: النشاط الاقتصادي للأرمن في مصر
وكذلك اشتغل الأرمن بإعداد المأكولات والمشروبات والخدمة المنزلية : خدامون ، صانع قهوة، جرسون مقهي، صبي قهوة بلدي، عجان ، طابونجي، فران، بقلاوجي، حلوجي، صانع بسطرمة، صانع قطايف، كبابجي ..إلخ.
عمل الارمن ميكانيكيين وحددادين ، وإلي جانب ذلك مارسوا حرف: صناعة الصفائح، صناعة المطارق، صناعة الملاعق، صناعة الحروف، صناعة السكاكين، صناعة القوالب، سن السكاكين،(سنان) تلميع بالنيكل( صقال)، السباكة، البرادة، الخراطة، تبييض النحاس، تصليح آلات كاتبة، تصليح ماكينات الخياطة.
وشغل كار العمال الأرمن ذوي الحرفغير المحددة المرتبة السادسة ؛ وهم طائفة من الأجرية الذين يمارسون حرفا دونية في الغالب ويتنقلون من عمل إلي آخر جريا وراء لقمة العيش. ويجب علي هؤلاء ان يصرفوا كل مالديهم حتي يتمكنوا من العيش، ومعظمهم يعيش يومه فقط ولا يضمن الغد ومهموما به.
زاد عدد المحتاجين والبطالين من العمال الأرمن إبان الأزمة الاقتصادية 1929-1931 . ولهذا ، توجهوا إلي مطرانية الأرمن الأرثوذكس بالقاهرة لبحث أحوالهم. وإيجاد أشغال لهم تضمن قوت يومهم الضروري علي الأقل ، كما طالبوا المطرانية بمعونة مادية مؤقتة. ولكن ، لم يكن في استطاعتها توفير السبل لهؤلاء العمال الذين اضطروا أن يتجولوا من شارع إلي آخر ومن بيت إلي آخر ومن بيت إلي ثان طالبين الشقة من الغريب والقريب.
ورغم أن المؤسسات الخيرية الأرمنية قد أسهمت نسبيا في تخفيف معاناتهم ، إلا أن الأزمة الاقتصادية قد قلصت إسهاماتهم . وتحسنت ظروف العمال إلي حد ما إبان الحرب العالمية الثانية التي فتحت آفاقا للعمل من أجل إمداد الحلفاء باحتياجاتهم.
أما الساعاتية فيستأثرون بالمركز السابع ؛ وهي من الحرف الدقيقة التي زاولها الأرمن في مصر منذ أواخر القرن التاسع عشر. وقد نزح الساعاتية الأرمن من قيصرية (21.2)% والأستانة (10)% وعربكير (10%) بالإضافة إلي "10%" من القاهرة ، وباقي النسبة من أماكن متباينة. وشكلوا نسبة "18.1%" من إجمالي الساعاتية بالقاهرة والإسكندرية. وقد تواجدوا في شوارع محمد علي ونوبار ( الجمهورية) والموسكي وعابدين وشبرا بالقاهرة، وفي شوارع جامع العطارين وفرنسا وسوق الصيارف والسبع بنات بالإسكندرية .وشغلت الحرف الخاصة بالموبيليات المرتبة الثامنة في محيط الحرفيين الأرمن، بيد أن النجارين قد استأثروا بنسبة "89.5"% مقابل "10.5"% عملوا في حرف التذهيب والتنجيد وصناعة الكراسي والمناضد.
واحتلت الحروف الخاصة بالمطبوعات المكانة التاسعة ، بيد ان حرفتي الحفر والزنكوغراف قد استأثروا بنسبة "60.4%" منها مقابل "39.6"% من الأرمن الذين اشتغلوا بحرفتي تصفيف الحروف وتجليد الكتب . وقد جاءت نسبة "25%" من الحفارين والزنكوغرافيين الأرمن من الأستانة، وجاءت النسبة الباقية من جهات متباينة . وقد شكلوا نسبة "40%" من إجمالي العاملين في هذا الحقل بالقاهرة والإسكندرية. ولكن العاصمة استأثرت ب"30%" منهم مقابل "10%" للثغر. وتركزوا في شوارع قصر النيل ومحمد علي وإبراهيم باشا( الجمهورية) والمدابغ بالعاصمة ، وفي شارعي تريسته والسبع بنات بالثغر.
يعد الزنكوغراف ( الكليشيهات) من الأنشطة الصناعية الطباعية البارزة التي أدخلها الأرمن إلي مصر خلال الربع الأخير من القرن التاسع عشر. وتستلزم هذه الحرفة دقة متناهية وصبرا ودأبا نظرا لصعوبة أدائها وطول الوقت الذي تستغرقه.
أسس آرشاج فنديان أقدم ورشة حفر وزنكوغراف عام 1876 في شارع محمد مظلوم باشا بالقاهرة، ثم نقل نشاطه إلي شارع قصر النيل . وبعد ذلك ، توالت ورش الحفر والزنكوغراف التي أنشأها الأرمن: آرام بربريان ، جرابيد آراكيليان " ورشة الحفر والزنكوغراف المصرية" ، إخوان أرتينيان، أرداشيس ، كريكور يحيي، مول كروماليان وشركاه " ورشة الأمريكاني"، بوزانت ميناسيان" ، سيفريان ، ورشة ه.ج.بوباجيان، فارتان داكيسيان " حفارأبو الهول" ، نوبار توماسيان وشركاه" زنكوغراف نوبار "، توروس خاتشادوريان" ورشة حفر وزنكوغراف " هاروتيون أمبارخجوميان" زنكوغراف أرتي".. وغيرهم.
وتكاد تتفق معظم المصادر علي أن ورشة آرام بربريان التي كان يعمل بها "28" حفارا ، تعد أنجح الورش الأرمنية علي الإطلاق حتي صار صاحبها أشهر حفاري مصر وصاحب أفضل النتائج في الكليشيهات التي كان يصنعها . ولذا ، حصل طوال ثلاثينات وأربعينيات القرن العشرين علي امتياز صناعة الكليشيهات بالمطابع الأميرية ودار المعارف مع أن لكلتيهما أقسام حفر مشهود لها بالكفاءة ، كما كان يتولي صنع كليشيه غلاف مجلة "روز اليوسف" في الفترة ذاتها رغم امتلاكها ورشة حفر متقدمة. ولكن هذا كله يعني أن نتائج بربريان كانت تحتاج قدرا أكبر من الدقة . وكان من أوائل حفاري كليشيهات الألوان الذين استخرجوا تجربة ( بروفة) للكليشيهات قبل تسليمها للعميل .
وجدير بالذكر أن ورش الزنكوغراف الأرمنية قد انتعشت وازدهرت ابتداء من الربع الثاني من القرن العشرين عندما صفي بعض أصحاب المطابع الأجنبية نشاطهم بمصر إثر منافسة المطابع المصرية لهم. ولما كانت مطابع الأجانب تمتلك أقساما ممتازة للحفر ، فبإغلاقها ازدادت أهمية ورش الزنكوغراف الخاصة التي كان يستأثر الأرمن بمعظمها.
ولم يكن فضل الأرمن علي الزنكوغراف مجرد أنهم أدخلوه إلي الديار المصرية وارتقوا به إلي أعلي مستويات الجودة فحسب، بل اتجهوا أيضا إلي تدعيم الخبرات في هذا الفن، وفي الطباعة عموما ، بتقديم بعض المعارف النظرية عن مختلف الفنون 1933 أصدر الحفار الأرمني كالفيان مجلة طباعية بعنوان( لا آرت جرافيك) ـ، ولكنها توقفت في عام 1935.
ولم يقتصر النشاط الزنكوغرافي الأرمني علي ورشهم الخاصة فقط، بل التحقوا بمطابع كبريات المؤسسات الصحفية المصرية حيث عملوا في أقسام الحفر بها. علي سبيل المثال، اشتغل الحفار هامبارتسوم يالنزيان في مؤسسة الأهرام منذ منتصف أربعينيات القرن العشرين، واشتهر بأداء الأعمال الزنكوغرافية الدقيقة كان يستخرج الكليشيه من أصل ظلي رديء ولا سيما عندما يكون الأصل مأخوذا من صحيفة قديمة سبق طبعها؛ وهو امهر من يجري عملية الرتوش علي اللاقطة السالبة ، بل وعلي الكليشيه المعدني نفسه. وقد عاصر يالنزيان المراحل الطباعية المتباينة التي مرت بها جريدة الأهرام. وكان يحاول الوصول بالصورة الظلية ( الفوتوغرافية) إلي أقصي درجات التطابق بين الأصل والصورة المطبوعة.
وهكذا، تعد حرفة الزنكوغراف من الحروف الفنية التي ادخلها الأرمن في مصر واستأثروا بها وسيطروا علي أشهر مؤسساتها.
أما حرف الخدمات ، فشغلت المرتبة العاشرة علي المستوي الحرفي الأرمني. تستأثر منها حرفة الحلاقة بالنصيب الأكبر "85%" مقابل "15%" عملوا مكوجية وحانوتية . وشكل الحلاقون الأرمن نسبة "3.5%" من إجمالي الحلاقين بالقاهرة والإسكندرية.
وقد تبوأت الحرف الخاصة بالنقل والمواصلات المنزلة الحادية عشرة. بيد أن حرفة " السائق" قد استأثرت وحدها بنسبة "79"% مقابل"21"% الذين عملوا كمسارية وعربجية وخمارة.
واحتل المصوراتية المركز الثاني عشر في قائمة الحرفيين الأرمن. وجدير بالذكر أن كثيرا من المصورين في العالم قد انجذبوا إلي مصر منذ أوائل القرن التاسع عشر بسبب الاهتمام العالمي بتاريخها وفنها وعاداتها في أعقاب الحملة الفرنسية وما نجم عنها من استكشافات. ويغذي هذا الاهتمام الميل الرومانسي التقليدي إزاء الشرق بعامة. وتقنيا ، امتاز مناخ مصر بهوائه النقي وضوئه القوي العمودي مما يلائم متطلبات التصوير، وتدريجيا ، أصبحت صور مصر الخلابة مطلوبة تجاريا في السوق العالمي.
بيد أن التصوير الفوتوغرافي قد قوبل بمعارضة شديدة من قبل التقاليد الإسلامية التي سمحت بالتقاط الصور المجردة والهندسية وحرمت الصور الآدمية. ولهذا، لم يمارس المسلمون هذا العمل في بدايته، بينما مارسه الأوربيون والأرمن . ومنذ ثمانينيات القرن التاسع عشر، تطور التصوير الفوتوغرافي تقنيا وفلسفيا وتجاريا علي المستوي العالمي. ولم تكن مصر بمنأي عن هذا التطور خاصة بعد تزايد حركة المرور إثر افتتاح قناة السويس(1869 ) كما أصبح التصوير وسيلة ضرورية لتوثيق التحديث الذي أخذ يطرأ علي مصر.
في هذا الإطار، اشتغل الأرمن النازحون إلي مصر من جميع أنحاء الدولة العثمانية بحرفة التصوير الفوتوغرافي ، وهي من الحرف الفنية التي أسهم الأرمن في تطويرها. وشكل المصورون الأرمن نسبة "25.55" من إجمالي المشتغلين بهذه الحرفة علي مستوي القاهرة والإسكندرية. وقد تركزوا في الشوارع الحيوية بالمدينتين.
يعد ليكيجيان أقدم المصورين الأرمن في مصر . وقد ورد أول إعلان عنه في جريدة " الأهرام" عام 1899:" حضرة المصور الشهير الخواجا ليكيجيان وشركاؤه استحضر إلي محله الكائن أمام أوتيل شبرت بمصر من لآلات تصوير الشمس المختلفة الحجم ما هو احكم صنعا وأجزل إتقانا .. ومن يريد أن يتخذ لنفسه رسما ينطبق علي صورته ومثاله أن يعول في ذلك علي هذا المتفنن في ضروب التصوير البالغ حد النهاية في الإتقان". وصار ليكيجيان المصور الخاص لقوات الاحتلال البريطاني في مصر، وتخطت شهرته حدود المحروسة إلي أوربا وأمريكا حيث يمثلها في المعارض الفنية الدولية.
وبجانب ليكيجيان ، أخذت تظهر سلسلة من المصوراتية الأرمن في القاهرة: صباح وخاتشيك ، مجر آيفزيان ، مليك ،أندونيان، شمشديان صدفجيان، آرام ألبان ، أرميناج آرزوروني ، آرا آفيديسيان ، أرتين كافوكيان ، آرشاج كاراجوزيان ، جاروفاجابيديان، أترو فارجابيديان ، هاجوب كيروبيان، آنترانينيج كوتشار، فان ليو . وغيرهم . وفي الإسكندرية : آجوب ، طاشجيان، جاكوب ، ديكران ، مانفيان...إلخ.
وتأتي مجموعة الحرف الخاصة بالمعمار في المرتبة الثالثة حيث عمل الأرمن نقاشين وبنائين وطوابين ونجارين مسلح. وبعد ذلك ، حرف تهيئة الأخشاب؛ قفاصون ومشاطون وسباتون . ثم الحرف المتعلقة بالصناعات الجلدية ؛ دباغون وصناع حقائب وصناع أرصنة . وأخيرا، الحروف الموسيقية من آلاتية وعازفين.
عمل الارمن ميكانيكيين وحددادين ، وإلي جانب ذلك مارسوا حرف: صناعة الصفائح، صناعة المطارق، صناعة الملاعق، صناعة الحروف، صناعة السكاكين، صناعة القوالب، سن السكاكين،(سنان) تلميع بالنيكل( صقال)، السباكة، البرادة، الخراطة، تبييض النحاس، تصليح آلات كاتبة، تصليح ماكينات الخياطة.
وشغل كار العمال الأرمن ذوي الحرفغير المحددة المرتبة السادسة ؛ وهم طائفة من الأجرية الذين يمارسون حرفا دونية في الغالب ويتنقلون من عمل إلي آخر جريا وراء لقمة العيش. ويجب علي هؤلاء ان يصرفوا كل مالديهم حتي يتمكنوا من العيش، ومعظمهم يعيش يومه فقط ولا يضمن الغد ومهموما به.
زاد عدد المحتاجين والبطالين من العمال الأرمن إبان الأزمة الاقتصادية 1929-1931 . ولهذا ، توجهوا إلي مطرانية الأرمن الأرثوذكس بالقاهرة لبحث أحوالهم. وإيجاد أشغال لهم تضمن قوت يومهم الضروري علي الأقل ، كما طالبوا المطرانية بمعونة مادية مؤقتة. ولكن ، لم يكن في استطاعتها توفير السبل لهؤلاء العمال الذين اضطروا أن يتجولوا من شارع إلي آخر ومن بيت إلي آخر ومن بيت إلي ثان طالبين الشقة من الغريب والقريب.
ورغم أن المؤسسات الخيرية الأرمنية قد أسهمت نسبيا في تخفيف معاناتهم ، إلا أن الأزمة الاقتصادية قد قلصت إسهاماتهم . وتحسنت ظروف العمال إلي حد ما إبان الحرب العالمية الثانية التي فتحت آفاقا للعمل من أجل إمداد الحلفاء باحتياجاتهم.
أما الساعاتية فيستأثرون بالمركز السابع ؛ وهي من الحرف الدقيقة التي زاولها الأرمن في مصر منذ أواخر القرن التاسع عشر. وقد نزح الساعاتية الأرمن من قيصرية (21.2)% والأستانة (10)% وعربكير (10%) بالإضافة إلي "10%" من القاهرة ، وباقي النسبة من أماكن متباينة. وشكلوا نسبة "18.1%" من إجمالي الساعاتية بالقاهرة والإسكندرية. وقد تواجدوا في شوارع محمد علي ونوبار ( الجمهورية) والموسكي وعابدين وشبرا بالقاهرة، وفي شوارع جامع العطارين وفرنسا وسوق الصيارف والسبع بنات بالإسكندرية .وشغلت الحرف الخاصة بالموبيليات المرتبة الثامنة في محيط الحرفيين الأرمن، بيد أن النجارين قد استأثروا بنسبة "89.5"% مقابل "10.5"% عملوا في حرف التذهيب والتنجيد وصناعة الكراسي والمناضد.
واحتلت الحروف الخاصة بالمطبوعات المكانة التاسعة ، بيد ان حرفتي الحفر والزنكوغراف قد استأثروا بنسبة "60.4%" منها مقابل "39.6"% من الأرمن الذين اشتغلوا بحرفتي تصفيف الحروف وتجليد الكتب . وقد جاءت نسبة "25%" من الحفارين والزنكوغرافيين الأرمن من الأستانة، وجاءت النسبة الباقية من جهات متباينة . وقد شكلوا نسبة "40%" من إجمالي العاملين في هذا الحقل بالقاهرة والإسكندرية. ولكن العاصمة استأثرت ب"30%" منهم مقابل "10%" للثغر. وتركزوا في شوارع قصر النيل ومحمد علي وإبراهيم باشا( الجمهورية) والمدابغ بالعاصمة ، وفي شارعي تريسته والسبع بنات بالثغر.
يعد الزنكوغراف ( الكليشيهات) من الأنشطة الصناعية الطباعية البارزة التي أدخلها الأرمن إلي مصر خلال الربع الأخير من القرن التاسع عشر. وتستلزم هذه الحرفة دقة متناهية وصبرا ودأبا نظرا لصعوبة أدائها وطول الوقت الذي تستغرقه.
أسس آرشاج فنديان أقدم ورشة حفر وزنكوغراف عام 1876 في شارع محمد مظلوم باشا بالقاهرة، ثم نقل نشاطه إلي شارع قصر النيل . وبعد ذلك ، توالت ورش الحفر والزنكوغراف التي أنشأها الأرمن: آرام بربريان ، جرابيد آراكيليان " ورشة الحفر والزنكوغراف المصرية" ، إخوان أرتينيان، أرداشيس ، كريكور يحيي، مول كروماليان وشركاه " ورشة الأمريكاني"، بوزانت ميناسيان" ، سيفريان ، ورشة ه.ج.بوباجيان، فارتان داكيسيان " حفارأبو الهول" ، نوبار توماسيان وشركاه" زنكوغراف نوبار "، توروس خاتشادوريان" ورشة حفر وزنكوغراف " هاروتيون أمبارخجوميان" زنكوغراف أرتي".. وغيرهم.
وتكاد تتفق معظم المصادر علي أن ورشة آرام بربريان التي كان يعمل بها "28" حفارا ، تعد أنجح الورش الأرمنية علي الإطلاق حتي صار صاحبها أشهر حفاري مصر وصاحب أفضل النتائج في الكليشيهات التي كان يصنعها . ولذا ، حصل طوال ثلاثينات وأربعينيات القرن العشرين علي امتياز صناعة الكليشيهات بالمطابع الأميرية ودار المعارف مع أن لكلتيهما أقسام حفر مشهود لها بالكفاءة ، كما كان يتولي صنع كليشيه غلاف مجلة "روز اليوسف" في الفترة ذاتها رغم امتلاكها ورشة حفر متقدمة. ولكن هذا كله يعني أن نتائج بربريان كانت تحتاج قدرا أكبر من الدقة . وكان من أوائل حفاري كليشيهات الألوان الذين استخرجوا تجربة ( بروفة) للكليشيهات قبل تسليمها للعميل .
وجدير بالذكر أن ورش الزنكوغراف الأرمنية قد انتعشت وازدهرت ابتداء من الربع الثاني من القرن العشرين عندما صفي بعض أصحاب المطابع الأجنبية نشاطهم بمصر إثر منافسة المطابع المصرية لهم. ولما كانت مطابع الأجانب تمتلك أقساما ممتازة للحفر ، فبإغلاقها ازدادت أهمية ورش الزنكوغراف الخاصة التي كان يستأثر الأرمن بمعظمها.
ولم يكن فضل الأرمن علي الزنكوغراف مجرد أنهم أدخلوه إلي الديار المصرية وارتقوا به إلي أعلي مستويات الجودة فحسب، بل اتجهوا أيضا إلي تدعيم الخبرات في هذا الفن، وفي الطباعة عموما ، بتقديم بعض المعارف النظرية عن مختلف الفنون 1933 أصدر الحفار الأرمني كالفيان مجلة طباعية بعنوان( لا آرت جرافيك) ـ، ولكنها توقفت في عام 1935.
ولم يقتصر النشاط الزنكوغرافي الأرمني علي ورشهم الخاصة فقط، بل التحقوا بمطابع كبريات المؤسسات الصحفية المصرية حيث عملوا في أقسام الحفر بها. علي سبيل المثال، اشتغل الحفار هامبارتسوم يالنزيان في مؤسسة الأهرام منذ منتصف أربعينيات القرن العشرين، واشتهر بأداء الأعمال الزنكوغرافية الدقيقة كان يستخرج الكليشيه من أصل ظلي رديء ولا سيما عندما يكون الأصل مأخوذا من صحيفة قديمة سبق طبعها؛ وهو امهر من يجري عملية الرتوش علي اللاقطة السالبة ، بل وعلي الكليشيه المعدني نفسه. وقد عاصر يالنزيان المراحل الطباعية المتباينة التي مرت بها جريدة الأهرام. وكان يحاول الوصول بالصورة الظلية ( الفوتوغرافية) إلي أقصي درجات التطابق بين الأصل والصورة المطبوعة.
وهكذا، تعد حرفة الزنكوغراف من الحروف الفنية التي ادخلها الأرمن في مصر واستأثروا بها وسيطروا علي أشهر مؤسساتها.
أما حرف الخدمات ، فشغلت المرتبة العاشرة علي المستوي الحرفي الأرمني. تستأثر منها حرفة الحلاقة بالنصيب الأكبر "85%" مقابل "15%" عملوا مكوجية وحانوتية . وشكل الحلاقون الأرمن نسبة "3.5%" من إجمالي الحلاقين بالقاهرة والإسكندرية.
وقد تبوأت الحرف الخاصة بالنقل والمواصلات المنزلة الحادية عشرة. بيد أن حرفة " السائق" قد استأثرت وحدها بنسبة "79"% مقابل"21"% الذين عملوا كمسارية وعربجية وخمارة.
واحتل المصوراتية المركز الثاني عشر في قائمة الحرفيين الأرمن. وجدير بالذكر أن كثيرا من المصورين في العالم قد انجذبوا إلي مصر منذ أوائل القرن التاسع عشر بسبب الاهتمام العالمي بتاريخها وفنها وعاداتها في أعقاب الحملة الفرنسية وما نجم عنها من استكشافات. ويغذي هذا الاهتمام الميل الرومانسي التقليدي إزاء الشرق بعامة. وتقنيا ، امتاز مناخ مصر بهوائه النقي وضوئه القوي العمودي مما يلائم متطلبات التصوير، وتدريجيا ، أصبحت صور مصر الخلابة مطلوبة تجاريا في السوق العالمي.
بيد أن التصوير الفوتوغرافي قد قوبل بمعارضة شديدة من قبل التقاليد الإسلامية التي سمحت بالتقاط الصور المجردة والهندسية وحرمت الصور الآدمية. ولهذا، لم يمارس المسلمون هذا العمل في بدايته، بينما مارسه الأوربيون والأرمن . ومنذ ثمانينيات القرن التاسع عشر، تطور التصوير الفوتوغرافي تقنيا وفلسفيا وتجاريا علي المستوي العالمي. ولم تكن مصر بمنأي عن هذا التطور خاصة بعد تزايد حركة المرور إثر افتتاح قناة السويس(1869 ) كما أصبح التصوير وسيلة ضرورية لتوثيق التحديث الذي أخذ يطرأ علي مصر.
في هذا الإطار، اشتغل الأرمن النازحون إلي مصر من جميع أنحاء الدولة العثمانية بحرفة التصوير الفوتوغرافي ، وهي من الحرف الفنية التي أسهم الأرمن في تطويرها. وشكل المصورون الأرمن نسبة "25.55" من إجمالي المشتغلين بهذه الحرفة علي مستوي القاهرة والإسكندرية. وقد تركزوا في الشوارع الحيوية بالمدينتين.
يعد ليكيجيان أقدم المصورين الأرمن في مصر . وقد ورد أول إعلان عنه في جريدة " الأهرام" عام 1899:" حضرة المصور الشهير الخواجا ليكيجيان وشركاؤه استحضر إلي محله الكائن أمام أوتيل شبرت بمصر من لآلات تصوير الشمس المختلفة الحجم ما هو احكم صنعا وأجزل إتقانا .. ومن يريد أن يتخذ لنفسه رسما ينطبق علي صورته ومثاله أن يعول في ذلك علي هذا المتفنن في ضروب التصوير البالغ حد النهاية في الإتقان". وصار ليكيجيان المصور الخاص لقوات الاحتلال البريطاني في مصر، وتخطت شهرته حدود المحروسة إلي أوربا وأمريكا حيث يمثلها في المعارض الفنية الدولية.
وبجانب ليكيجيان ، أخذت تظهر سلسلة من المصوراتية الأرمن في القاهرة: صباح وخاتشيك ، مجر آيفزيان ، مليك ،أندونيان، شمشديان صدفجيان، آرام ألبان ، أرميناج آرزوروني ، آرا آفيديسيان ، أرتين كافوكيان ، آرشاج كاراجوزيان ، جاروفاجابيديان، أترو فارجابيديان ، هاجوب كيروبيان، آنترانينيج كوتشار، فان ليو . وغيرهم . وفي الإسكندرية : آجوب ، طاشجيان، جاكوب ، ديكران ، مانفيان...إلخ.
وتأتي مجموعة الحرف الخاصة بالمعمار في المرتبة الثالثة حيث عمل الأرمن نقاشين وبنائين وطوابين ونجارين مسلح. وبعد ذلك ، حرف تهيئة الأخشاب؛ قفاصون ومشاطون وسباتون . ثم الحرف المتعلقة بالصناعات الجلدية ؛ دباغون وصناع حقائب وصناع أرصنة . وأخيرا، الحروف الموسيقية من آلاتية وعازفين.
عطا درغام- Admin
- عدد المساهمات : 923
تاريخ التسجيل : 24/04/2009
مواضيع مماثلة
» النشاط التجاري للأرمن في مصر
» النشاط السينمائي للأرمن في مصر الحديثة
» النشاط الموسيقي والغنائي للأرمن في مصر
» الوضع القانوني للأرمن في مصر
» الأحوال الشخصية للأرمن الأرثوذكس
» النشاط السينمائي للأرمن في مصر الحديثة
» النشاط الموسيقي والغنائي للأرمن في مصر
» الوضع القانوني للأرمن في مصر
» الأحوال الشخصية للأرمن الأرثوذكس
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء 8 سبتمبر 2020 - 19:40 من طرف عطا درغام
» نادر المشد..زارع الألغام في حرب النصر
الجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:41 من طرف عطا درغام
» محمد أبو النور سماحة...صانع كباري النصر
الجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:38 من طرف عطا درغام
» معروف طويلة.... رجل من زمن تصنع فيه الشدة الرجال
الجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:35 من طرف عطا درغام
» يوم خيم الظلام بسواده علي القرية
الجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:26 من طرف عطا درغام
» ديسمبر الأسود في جديدة المنزلة
الجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:22 من طرف عطا درغام
» الكوليرا في جديدة المنزلة عام 1947 وفصل من تاريخ مآسي القرية في عصور الأوبئة
الجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:21 من طرف عطا درغام
» يوسف ضبيع ... العمدة الشعبي لجديدة المنزلة
الخميس 20 يونيو 2019 - 21:11 من طرف Admin
» تاريخ الثقافة في جديدة المنزلة
الإثنين 17 يونيو 2019 - 20:32 من طرف Admin
» مفردات رمضان في جديدة المنزلة
الإثنين 17 يونيو 2019 - 20:31 من طرف Admin