الأرمن والصهاينة

الأرمن والصهاينة
أريك
العدد 73
يوليو 2013
منذ قرن وعامين ، أي خلال شهر يوليه 1911 أثيرت " المسألة الصهيونية في مجلس المبعوثان العثماني ( البرلمان) . وتجدر الإشارة إلي ان النواب الارمن كانوا من أكثر عناصر الدولة الواعين بالخطر الصهيوني لا سيما النائب فارتكيس وتحت قبة البرلمان، أخذ النائب الأرمني يحذر السلطات العثمانية جراء استفحال الوجود اليهودي بفلسطين. ومن أقواله : " إن الغاية التي يرمي إليها الصهيونيون هي أن المقيمين منهم فيما بين النهرين وسورية يرغبون في غنشاء مملكة يهودية لهم تكون اورشليم( القدس) قاعدتها، وغني لست عدوا لليهود ولكني عدو للصهيونيين".
وعلي مساحات مطولة من جريدة " مصر الفتاة" القاهرية يوم 27 يولية 1911 ، أخذ فارتكيس في سرد موجز للتاريخ اليهودي، واستعرض كيفية إقامتهم السعيدة في كنف دولة الخلافة الإسلامية بعد طردهم من الاندلس. وحدث ان زادت هجرتهم زمن بايزيد الثاني، وأقاموا في جهات متباينة من الفضاء العثماني. ورصد الأرمني المهموم بمستقبل فلسطين حركات هجرة اليهود إلي ما أسموه ب" أرض الميعاد" بدءا من الربع الأخير من القرن التاسع عشر. وفي عام 1886 ، أصدر نبي الصهيونية تيودور هرتزل كتابا أسماه ب" المملكة اليهودية"، رسم فيه القواعد التي ستقوم عليها حكومة مستقلة داخل الأراضي الفلسطينية . وانشأوا لهم بنكا يسمي " بنك المستعمرة اليهودية " جعلوا رأسماله مليون فرنك حصلوه من أفرادهم باعتبار ان الواحد يدفع فرنكا عن نفسه، ومن اخطر تصريحات النائب الأرمني مايلي: " يوجد الىن ( 1911) في أورشليم ثمانون ألف يهودي وتسعة لآلاف مسلم فقط " . وثمة تصريح أكثر خطورة : " آخر هيئة شكلها اليهود هي المسماة مكبة( ماكابي)، ولها فروع في كل مكان، ومهمتها التدرب علي الألعاب الرياضية ( الجمباز) لتهيئة شبان أقوياء للخدمة الحربية".ومن خلال اطلاع النائب الأرمني علي الأدبيات الصهيونية، أحاط البرلمان العثماني، وبالتبعية النظام الحاكم بالأستانة ، إلي الطموح الصهيوني في فلسطين القائم علي هذه الرباعية : 1- نيل عظمة في فلسطين بواسطة الثروة والتعليم 2- تحقيق توحيد وامتزاج القوي ورؤوس الاموال اليهودية 3- تشجيع وتوسيع نطاق الشعور الوطني عند الإسرائيليين 4- التدريب علي الاشتغال بالسياسة.
لاريب أن أطروحات النائب الأرمني فارتكيس تحت قبة البرلمان العثماني جد مهمة وخطيرة؛ إذ ثبت شدة الولاء الأرمني للتراب العثماني والتشبث بكل ذرة فيه، وتنفي تماما النزعة الانفصالية والاستقلالية التي رددتها السلطات العثمانية ضد الأرمن ولا زالت ترددها السلطات التركية المعاصرة لتكون بمثابة " مبرر نفسي" جراء مااقترفته حكومة " تركيا الفتاة" في حق الأرمن بعد أقل من أربع سنوات علي هذه التصريحات. وفي المقابل، اكدت وثائق شتي ان اليهود قد نظروا بعين غاضبة وغير راضية عن أية خطوة إيجابية علي مسار حل " القضية الأرمنية". ففي المذابح الحميدية 1894-1896 ، أرشدوا السلطات والمرتزقة( البلطجية بالمصطلح الحديث) عن أماكن الأرمن ومخابئهم. واشتروا المسروقات الأرمنية ب" ثمن بخث" وأعادوا بيعها بأعلي الأسعار. ونفس الشيء كرروه في إقليم أضنة الغني خلال أبريل 1909.