سلطانة الطرب..أول ممثلة مصرية

سيظل اسم منيرة المهدية محفورًا في ذاكرة المسرح المصري؛ إذ كانت أول ممثلة مسلمة تظهر علي المسرح كممثلة. كانت التقاليد المصرية تمنع ظهور المرأة كممثلة في الأعمال المسرحية، وأمكن التغلب علي تلك العقبة بالاستعانة بالشاميات واليهوديات والمسيحيات ومنهن( ماري صرافان – ميليا ديان- مريم سماط- نظلة مزراحي- لبيبة مانيلي.. وغيرهن) . وتارة أخري إسناذ أدوار النساء إلي الرجال ومن أشهرهم ( عمر وصفي- حسن فايق- مختار عثمان- حسن إبراهيم ).
اسمها الأصلي ( زكية حسن ) واشتهرت وهي طفلة صغيرة بحلاوة الصوت وعذوبته، وكانت بدايتها في محافظة الشرقية عندما كانت تغني في القري والمدن المحيطة بمركز ههيا . وذاعت شهرتها حتي انتقلت إلي عاصمة الإقليم ، وتعرفت علي أحد أصحاب الملاهي ويُدعي محمد فرج وأقنعها بالسفر إلي القاهرة.
السفر إلي القاهرة
كان أول ظهور لمنيرة المهدية في ( قهوة فرج) بالقاهرة عام 1905 ، وعُهد بها إلي ( سيدة اللاوندية) لتعلمها أصول الغناء، وانتقلت بعد ذلك إلي ملهي( الإلبرادو) ودفعها طموحها إلي الاستقلال بنفسها فافتتحت قهوتها الخاصة ( نزهة النفوس) وكانت المكان المُختار لكل تجار القطن في مصر
مع عزيز عيد
في عام 1914 ، أصدرت سلطات الاحتلال الإنجليزي في مصر بإغلاق البارات وقهاوي الرقص والغناء من الساعة 10 مساءً ومنها قهوة ( نزهة النفوس) ، واتصل بها (عزيز عيد)، وأقنعها بالظهور علي المسرح في فرقة التمثيل التي كونها مجموعة من الهواة. وكانت تعمل علي مسرح ( الشانزليزيه ) بالفجالة.
وفي عام 1915 ، امتلأت شوارع القاهرة بالإعلانات عن ظهور أول ممثلة مصرية في فرقة ( عزيز عيد ) ، ولم تكن هذه الممثلة إلا ( منيرة المهدية). ولم تكن تمثل في مسرحيات الفرقة ، بل كانت تقدم بعض قصائد من ألحان اشيخ سلامة حجازي.
وامتلأ مسرح عن آخره ، وأقبل الجميع لمشاهدة أول ممثلة مصرية ، وأدركت ( منيرة المهدية ) ذلك فانفصلت عن الفرقة وكونت فرقتها الخاصة.
ممثلة تقوم بأدوار الرجال
كونت ( منيرة المهدية ) فرقتها الخاصة ، وعملت في مسرح ( برنتانيا ) وقدمت أعمال الشيخ ( سلامة حجازي) مثل : ( شهداء الغرام- صلاح الدين- عايدة- صدق الإخاء- علي نور الدين ). وقدمت ( منيرة المهدية ) أدوار الشيخ ( سلامة حجازي ؛ أب انها كانت بطل المسرحية وليست بطلتها.
أول ممثلة علي المسرح
شهد مسرح( الكورسال) ظهور أول ممثلة مصرية ، عندما قدمت (منيرة المهدية ) أوبرا( كارمن ) من اقتباس( فرح أنطون ) وألحان ( كامل الخلعي) في 22/3/1917 ، واستمر التعاون بينها وبين ( فرح أنطون ) ؛ إذ قدم إليها مجموعة من الأوبرات العالمية وتولي اقتباسها.
منيرة المهدية وثورة 1919
ارتبط المسرح في هذه الفترة بالحركة الوطنية ، وواكب ثورة 1919 . وشهدت سنوات الحرب نشاطًا مسرحيا زاد من أثره وقوته فنان الشعب( سيد درويش) بألحانه المتفجرة حتي عام 1919 ، وقدمت ( منيرة المهدية ) مجموعة من الأعمال من تأليف الشيخ( يونس القاضي) والمتضمنة العديد من الإيماءات والرموز والإسقاطات السياسية التي تحذر من الاستعمار الاقتصادي ، والذي لا تقل خطورته عن الاستعمار العسكري ومنها : ( كلام في سرك- كلها يومين- التالتة تابتة).
وتوالت أعمال ( منيرة المهدية) وزاد تألقها ؛ إذ قامت برحلات إلي خارج مصر في معظم البلاد العربية. وشهدت هذه الفترة من عام 1925 حتي 1938 أزهي وأخصب فترات حياتها الفنية ، وكانت أعمالها علامات في تاريخ المسرح ، وتنوع عطاؤها وتنوعت أنشطتها بين المسرح والتخت . وقدمت للسينما عملها الوحيد ( الغندورة ) سنة 1935.
أثرها في المسرح الغنائي
كان لمنيرة المهدية أثرها الكبير في المسرح ؛ إذ يكفي أن يتصدر اسمها إعلانًا عن مسرحية فيمتلئ المسرح عن آخره ، وعندما انفصلت عن فرقة ( عزيز عيد) أصبح مسرحه شبه خال.
عملت مسرحيات منيرة المهدية علي تنشيط الحركة المسرحية ، فكانت الخطوات الأولي للعديد من الكتاب في المسرح الغنائي كانت عن طريق فرقة ( منيرة المهدية )، وتعاونت مع العديد من الكتاب ومنهم: ( فرح أنطون- بديع خيري- أمين صدقي- حلمي الحكيم- عبد الحليم المصري- حامد الصعيدي.. وغيرهم ).
ومن الملحنين : (كامل الخلعي- محمد القصبجي- سيد درويش- صبري النجريدي- رياض السنباطي- زكريا أحمد- محمد عبد الوهاب)، وكانت فرقتها سبيل الشهرة للعديد من المواهب الفنية المصرية واكتشاف المواهب الجديدة ، ومد الحركة المسرحية بالدم الجديد في مجالات الفن المختلفة منهم محمد عبد الوهاب- إبراهيم حمودة- أحمد عبد القادر).
وقدمت المسرح الغنائي في مدن القطر المصري في رحلاتها المختلفة ، كما نقلت الفن المصري إلي العديد من البلاد العربية والإسلامية المختلفة.وتوقف نشاطها الفني سنة 1948 حتي رحلت عن دنيانا في 16/311965