بلادي بلادي
صفحة 1 من اصل 1
بلادي بلادي
بلادي بلادي
بقلم : الدكتور محمد رفعت الإمام
آريك –العدد12 -أبريل 2011
...........................
منذ أيام ثورة الشعب المصري في عام 1919 قامت الأغنية الوطنية بدور فاعل في تحريك الجماهير ضد الاستبداد والفساد. وفي كلمة كانت الأغنية المصرية بمثابة القوة المعنوية الدافعة لجموع الشعب في أتراحه وأفراحه،وعقب حرب أكتوبر1973 المجيدة جسدت الأغنية الوطنية بامتياز السيكولوجية المصرية ،وعبورها حالة الانكسار إلي آفاق الانتصار، وانتقال المزاج المصري من قمقم التشاؤم إلي رحاب التفاؤل. وهنا مثلت الأغنية الوطنية حجر الزاوية في الوجدان الوطني ،وعبرت عن مصر من منبت شعرها حتي إخمص قدميها .
ولكن بمرور الوقت تراجعت الأغنية الوطنية بفعل فاعل من المشهد المصري لاسيما بعد إبرام معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية (1979) وتعميق أواصر التطبيع بين النظام المصري(1981-2011) والدولة العبرية. وفي هذا السياق،ولد جيل ونما وترعرع علي مدار ثلاثة عقود ونيف محروما من هذا الزاد الروحي. وفي خط متواز مع هذا الحرمان شوهت بعض الأيادي هذه (القوة المعنوية) عندما استخدموها بمثابة (إفهات)في كثير من الأفلام السينمائية الهابطة التي سعت-عن قصد- إلي تتفيه لشبيبة وتسطيحهم وتجهيلهم وانتزاع (الانتماء) من بين أحشائهم وباتت الأغنية الوطنية مرهونة فقط-وباستحياء شديد- بذكري ثورة 23 يوليو 1952 وحرب 6 أكتوبر 1973، ومرهونة- بشكل سافر- بفوز (انتصارات!!!) المنتخب الكروي المصري وكذا بعض الفرق الكروية علي نظائرها الإفريقية.
ورغم انقطاع الشبيبة المصرية عن رافد حيوي من روافد تنمية الوعي والوجدان،فمن المفارقات أنهم استدعوا واستلهموا تراث الأغنية الوطنية الذي أضحي ظهيرا معنويا قويا أثناء ثورة اللوتس ضد نظام مبارك (25 يناير-11فبراير2011 ). في آفاق الميادين الثائرة ولدن الجماهير الهادرة حلقت مجددا الأغنية الوطنية ابتداء من خالد الذكر سيد درويش مرورا بالثائر الشيخ إمام عيي وانتهاء بصوت النيل المصري الأصيل محمد منير. وفي دلالة عبقرية أثناء لحظة تاريخية فارقة، ردد المصريون بأحاسيس صادقة أغنيات : وردة الجزائرية (وأنا علي الربابة بغني) ، عليا التونسية (متقلش إيه إدتنا مصر ..قول هندي إيه لمصر( ، وديع الصافي اللبناني (عظيمة يامصر )،فايزة أحمد السورية (بحبك يامصر9ننجاح سلام اللبنانية (يا احلي اسم في الوجود يامصر ..يااسم مخلوق للخلود..يامصر..نعيش لمصر ..ونموت لمصر) والشحرورة صباح اللبنانية (سلمولي علي مصر ). ولا ريب أن أغنية شادية المصرية الأصيلة (يا حبيبتي يامصر)كانت وستظل درة تاج الأغنية الوطنية.
وفي المناسبات الرسمية وكذا في الطوابير المدرسية يردد المصريون نشيد (بلادي بلادي) دون أن تعرف الأكثرية الغالبة صاحب هذا النشيد . وفي إيجاز شديد أقول : غنه الشيخ محمد يونس القاضي المولود في أول يوليه 1888 بقرية النخيلة مركز أبو تيج محا فظة أسيوط ، وجدير بالتسجيل أن هذا الرجل قد قام بدور ملحوظ في مقاومة الاحتلال البريطاني بالكلمة الصادقة التي سرت في الوجدان المصري سريان النار في الهشيم،وارتبط القاضي ارتباطا عضويا بالزعيمين مصطفي كامل وسعد زغلول . إذ كان كامل يلقي الخطب باللغة العربية الفصحى أو باللغتين الإنجليزية والفرنسية ،ويقوم القاضي بنقل مضمونها إلي الجماهير باللغة العامية من خلال أغانيه ومسرحياته. ولذا فلاغرو أن اعتقله الانجليز (19) مرة .
استوحي القاضي نشيد بلادي بلادي لكي حبي وفؤادي من إحدى خطب مصطفي كامل (1905) ، وألفه بمناسبة عودة سعد زغلول من منفاه (1923) ، ولحنه سيد درويش ، وحفظ ملكيته في المحكمة المختلطة ، وأنشدته السيدة تودد ثم الأستاذ محمد بهجت علي إسطوانتين مختلفتين (923و942) من تسجيل (فابريقة سيتراك
ميشان ) الأرمني الكائنة بشارع عبد العزيز في العتبة الخضراء . ومن أواخر حكم الرئيس السادات صار نشيد بلادي بلادي هو النشيد الرسمي لمصر المحروسة.
بقلم : الدكتور محمد رفعت الإمام
آريك –العدد12 -أبريل 2011
...........................
منذ أيام ثورة الشعب المصري في عام 1919 قامت الأغنية الوطنية بدور فاعل في تحريك الجماهير ضد الاستبداد والفساد. وفي كلمة كانت الأغنية المصرية بمثابة القوة المعنوية الدافعة لجموع الشعب في أتراحه وأفراحه،وعقب حرب أكتوبر1973 المجيدة جسدت الأغنية الوطنية بامتياز السيكولوجية المصرية ،وعبورها حالة الانكسار إلي آفاق الانتصار، وانتقال المزاج المصري من قمقم التشاؤم إلي رحاب التفاؤل. وهنا مثلت الأغنية الوطنية حجر الزاوية في الوجدان الوطني ،وعبرت عن مصر من منبت شعرها حتي إخمص قدميها .
ولكن بمرور الوقت تراجعت الأغنية الوطنية بفعل فاعل من المشهد المصري لاسيما بعد إبرام معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية (1979) وتعميق أواصر التطبيع بين النظام المصري(1981-2011) والدولة العبرية. وفي هذا السياق،ولد جيل ونما وترعرع علي مدار ثلاثة عقود ونيف محروما من هذا الزاد الروحي. وفي خط متواز مع هذا الحرمان شوهت بعض الأيادي هذه (القوة المعنوية) عندما استخدموها بمثابة (إفهات)في كثير من الأفلام السينمائية الهابطة التي سعت-عن قصد- إلي تتفيه لشبيبة وتسطيحهم وتجهيلهم وانتزاع (الانتماء) من بين أحشائهم وباتت الأغنية الوطنية مرهونة فقط-وباستحياء شديد- بذكري ثورة 23 يوليو 1952 وحرب 6 أكتوبر 1973، ومرهونة- بشكل سافر- بفوز (انتصارات!!!) المنتخب الكروي المصري وكذا بعض الفرق الكروية علي نظائرها الإفريقية.
ورغم انقطاع الشبيبة المصرية عن رافد حيوي من روافد تنمية الوعي والوجدان،فمن المفارقات أنهم استدعوا واستلهموا تراث الأغنية الوطنية الذي أضحي ظهيرا معنويا قويا أثناء ثورة اللوتس ضد نظام مبارك (25 يناير-11فبراير2011 ). في آفاق الميادين الثائرة ولدن الجماهير الهادرة حلقت مجددا الأغنية الوطنية ابتداء من خالد الذكر سيد درويش مرورا بالثائر الشيخ إمام عيي وانتهاء بصوت النيل المصري الأصيل محمد منير. وفي دلالة عبقرية أثناء لحظة تاريخية فارقة، ردد المصريون بأحاسيس صادقة أغنيات : وردة الجزائرية (وأنا علي الربابة بغني) ، عليا التونسية (متقلش إيه إدتنا مصر ..قول هندي إيه لمصر( ، وديع الصافي اللبناني (عظيمة يامصر )،فايزة أحمد السورية (بحبك يامصر9ننجاح سلام اللبنانية (يا احلي اسم في الوجود يامصر ..يااسم مخلوق للخلود..يامصر..نعيش لمصر ..ونموت لمصر) والشحرورة صباح اللبنانية (سلمولي علي مصر ). ولا ريب أن أغنية شادية المصرية الأصيلة (يا حبيبتي يامصر)كانت وستظل درة تاج الأغنية الوطنية.
وفي المناسبات الرسمية وكذا في الطوابير المدرسية يردد المصريون نشيد (بلادي بلادي) دون أن تعرف الأكثرية الغالبة صاحب هذا النشيد . وفي إيجاز شديد أقول : غنه الشيخ محمد يونس القاضي المولود في أول يوليه 1888 بقرية النخيلة مركز أبو تيج محا فظة أسيوط ، وجدير بالتسجيل أن هذا الرجل قد قام بدور ملحوظ في مقاومة الاحتلال البريطاني بالكلمة الصادقة التي سرت في الوجدان المصري سريان النار في الهشيم،وارتبط القاضي ارتباطا عضويا بالزعيمين مصطفي كامل وسعد زغلول . إذ كان كامل يلقي الخطب باللغة العربية الفصحى أو باللغتين الإنجليزية والفرنسية ،ويقوم القاضي بنقل مضمونها إلي الجماهير باللغة العامية من خلال أغانيه ومسرحياته. ولذا فلاغرو أن اعتقله الانجليز (19) مرة .
استوحي القاضي نشيد بلادي بلادي لكي حبي وفؤادي من إحدى خطب مصطفي كامل (1905) ، وألفه بمناسبة عودة سعد زغلول من منفاه (1923) ، ولحنه سيد درويش ، وحفظ ملكيته في المحكمة المختلطة ، وأنشدته السيدة تودد ثم الأستاذ محمد بهجت علي إسطوانتين مختلفتين (923و942) من تسجيل (فابريقة سيتراك
ميشان ) الأرمني الكائنة بشارع عبد العزيز في العتبة الخضراء . ومن أواخر حكم الرئيس السادات صار نشيد بلادي بلادي هو النشيد الرسمي لمصر المحروسة.
عطا درغام- Admin
- عدد المساهمات : 923
تاريخ التسجيل : 24/04/2009
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء 8 سبتمبر 2020 - 19:40 من طرف عطا درغام
» نادر المشد..زارع الألغام في حرب النصر
الجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:41 من طرف عطا درغام
» محمد أبو النور سماحة...صانع كباري النصر
الجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:38 من طرف عطا درغام
» معروف طويلة.... رجل من زمن تصنع فيه الشدة الرجال
الجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:35 من طرف عطا درغام
» يوم خيم الظلام بسواده علي القرية
الجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:26 من طرف عطا درغام
» ديسمبر الأسود في جديدة المنزلة
الجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:22 من طرف عطا درغام
» الكوليرا في جديدة المنزلة عام 1947 وفصل من تاريخ مآسي القرية في عصور الأوبئة
الجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:21 من طرف عطا درغام
» يوسف ضبيع ... العمدة الشعبي لجديدة المنزلة
الخميس 20 يونيو 2019 - 21:11 من طرف Admin
» تاريخ الثقافة في جديدة المنزلة
الإثنين 17 يونيو 2019 - 20:32 من طرف Admin
» مفردات رمضان في جديدة المنزلة
الإثنين 17 يونيو 2019 - 20:31 من طرف Admin