بين الدب والتنين
صفحة 1 من اصل 1
بين الدب والتنين
بين الدب والتنين
بقلم : الدكتور محمد رفعت الإمام
أريك – العدد 2 – مايو 2010
......................................
في 22 أبريل الماضي ، عقد مركز بحوث ودراسات الشرق الأوسط بجامعة عين شمس بالتعاون مع سفارة كازاخستان بالقاهرة مؤتمرا دوليا عن " كازاخستان ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبي" بمناسبة رئاسة كازاخستان لهذه المنظمة في دورتها الحالية . وبناء علي دعوة كريمة من رئيس المركز الأستاذ الدكتور جمال معوض شقرة أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة عين شمس ، أسهمت في فعاليات المؤتمر بورقة عن " كازاخستان : مفتاح آسيا الوسطي الجيوإستراتيجي" . إذ فرضت حساسيات الموقع الكازاخي من ناحية والتطلعات الاستقلالية ما بعد السوفيتية من ناحية ثانية علي الغدارة الكازاخية البحث عن عناصر دقيقة لمعادلة سياسية تحفظ التوازن الداخلي للكيان الكازاخي ن وفي عين اللحظة ، تحفظ استقراره في ميزان القوي الإقليمي ، . ولفهم حساسيات الوضع الكازاخي ، نرصده عبر محاور ثلاثة : خصوصية الوضع الجيوسياسي ن الوضع الجيوإثني ، دقة موقع كازاخستان في الإستراتيجية الروسية .
فيما يخص الوضع الجيوسياسي ، تقع كازاخستان جغرافيا بين قوتين إقليميتين نوويتين عظيمتين هما الصين وروسيا . تقع إيديولوجيا علي الخط الفاصل بين بقايا " العالم الشيوعي " المتمثل في الصين والمتجه إلي الرأسمالية والذي تمثله روسيا . وتقع دينيا علي " الخط الفارق" بين العالمين الإسلامي والمسيحي ؛ إذ هي محوطة بجمهوريات آسيا الوسطي الإسلامية جنوبا وبروسيا شمالا.
ولاريب أن هذا الواقع يفرض علي كازاخستان "إرغامات" تضيق أمامها الخيارات الإستراتيجية والتحالفات السياسية . لمطالبها الأمنية.. وإلا أضحت ساحة لمواجهة محتملة في حالة تدهور العلاقات بينهما .
وفيما يتعلق بالوضع الجيوإثني ن يتكون الهيكل الكازاخي من : 505 كازاخ ، 32% روس ، 5%أوكران ،2% تتر ، 2% أوزبك ، 8% تنويعات عرقية . وبذا يتسم هذا الهيكل ب" الفسيفسائية " التي تعرضه- دوما للانفراط السريع . وكذا ، تمركز الجماعة الروسية في الشمال الكازاخي يمنحها " وضعا مميزا " نظرا لامتداداتها في العمق الروسي ز وعقب تفكك المنظومة السوفيتية ن تحركت الحساسيات القومية داخل كازاخستان في اتجاهين متناقضين : أولهما الاتجاه الكازاخي الرامي إلي " يقظة الهوية الوطنية الكازاخية " والعمل في اتجاه " إعادة كازاخستان إلي الكازاخيين" . وثانيهما الاتجاه غير الكازاخي حين اخذ المواطنون غير الكازاخيين يشعرون بهشاشة متزايدة في وضعهم لا سيما الروس.
أما عن دقة موقع كازاخستان في الإستراتيجية الروسية ن فيمكن الوقوف علي مؤشراتها من ضخامة المصالح الإستراتيجية في كازاخستان ( القاعدة الفضائية ، مركز التجارب النووية ن مركز الأسلحة الكيميائية ن قواعد القاذفات الإستراتيجية ، قواعد الصواريخ النووية ، شبكات سكك حديد ن ثروات بترولية ) . زد أيضا التداخل الاقتصادي الموروث عن الحقبة السوفيتية علاوة علي أن حوالي 905- أو يكاد – من ضباط الجيش الكازاخي من أصل روسي.
تلك ، هي التحديات التي فرضتها الجيو سياسية والجيوستراتيجية علي كازاخستان المستقلة منذ عام 1992 . وتجدر الإشارة إلي أن الإدارة الكازاخية ،وعلي قمتها نور سلطان نازارباييف ، قد نجحت في التعامل إيجابيا مع " ضرورات" الواقع الكازاخي عبر " إستراتيجية التنمية والتحديث لكازاخستان بوصفها دولة سيدة " وفي هذا الصدد ، رمت الإستراتيجية الكازاخية إلي إخراج البلاد من الطوق الجيوسياسي عبر سياسة انفتاح علي العالم ، والتجاوب مع متطلبات دول الجوار امنيا وسياسيا . وهنا استجابت الإدارة الكازاخية ل "مجمل" المتطلبات الروسية لاسيما الأمنية منها . كما أقامت علاقات " جسن جوار" مع الصين وطمأنتها فيما يخص الملف النووي ومحاربة الأصولية والاتفاق علي الحدود والتبادل التجاري الواسع . وبذا سلمت كازاخستان من مخالب الدب الروسي وأنياب التنين الصيني .
بقلم : الدكتور محمد رفعت الإمام
أريك – العدد 2 – مايو 2010
......................................
في 22 أبريل الماضي ، عقد مركز بحوث ودراسات الشرق الأوسط بجامعة عين شمس بالتعاون مع سفارة كازاخستان بالقاهرة مؤتمرا دوليا عن " كازاخستان ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبي" بمناسبة رئاسة كازاخستان لهذه المنظمة في دورتها الحالية . وبناء علي دعوة كريمة من رئيس المركز الأستاذ الدكتور جمال معوض شقرة أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة عين شمس ، أسهمت في فعاليات المؤتمر بورقة عن " كازاخستان : مفتاح آسيا الوسطي الجيوإستراتيجي" . إذ فرضت حساسيات الموقع الكازاخي من ناحية والتطلعات الاستقلالية ما بعد السوفيتية من ناحية ثانية علي الغدارة الكازاخية البحث عن عناصر دقيقة لمعادلة سياسية تحفظ التوازن الداخلي للكيان الكازاخي ن وفي عين اللحظة ، تحفظ استقراره في ميزان القوي الإقليمي ، . ولفهم حساسيات الوضع الكازاخي ، نرصده عبر محاور ثلاثة : خصوصية الوضع الجيوسياسي ن الوضع الجيوإثني ، دقة موقع كازاخستان في الإستراتيجية الروسية .
فيما يخص الوضع الجيوسياسي ، تقع كازاخستان جغرافيا بين قوتين إقليميتين نوويتين عظيمتين هما الصين وروسيا . تقع إيديولوجيا علي الخط الفاصل بين بقايا " العالم الشيوعي " المتمثل في الصين والمتجه إلي الرأسمالية والذي تمثله روسيا . وتقع دينيا علي " الخط الفارق" بين العالمين الإسلامي والمسيحي ؛ إذ هي محوطة بجمهوريات آسيا الوسطي الإسلامية جنوبا وبروسيا شمالا.
ولاريب أن هذا الواقع يفرض علي كازاخستان "إرغامات" تضيق أمامها الخيارات الإستراتيجية والتحالفات السياسية . لمطالبها الأمنية.. وإلا أضحت ساحة لمواجهة محتملة في حالة تدهور العلاقات بينهما .
وفيما يتعلق بالوضع الجيوإثني ن يتكون الهيكل الكازاخي من : 505 كازاخ ، 32% روس ، 5%أوكران ،2% تتر ، 2% أوزبك ، 8% تنويعات عرقية . وبذا يتسم هذا الهيكل ب" الفسيفسائية " التي تعرضه- دوما للانفراط السريع . وكذا ، تمركز الجماعة الروسية في الشمال الكازاخي يمنحها " وضعا مميزا " نظرا لامتداداتها في العمق الروسي ز وعقب تفكك المنظومة السوفيتية ن تحركت الحساسيات القومية داخل كازاخستان في اتجاهين متناقضين : أولهما الاتجاه الكازاخي الرامي إلي " يقظة الهوية الوطنية الكازاخية " والعمل في اتجاه " إعادة كازاخستان إلي الكازاخيين" . وثانيهما الاتجاه غير الكازاخي حين اخذ المواطنون غير الكازاخيين يشعرون بهشاشة متزايدة في وضعهم لا سيما الروس.
أما عن دقة موقع كازاخستان في الإستراتيجية الروسية ن فيمكن الوقوف علي مؤشراتها من ضخامة المصالح الإستراتيجية في كازاخستان ( القاعدة الفضائية ، مركز التجارب النووية ن مركز الأسلحة الكيميائية ن قواعد القاذفات الإستراتيجية ، قواعد الصواريخ النووية ، شبكات سكك حديد ن ثروات بترولية ) . زد أيضا التداخل الاقتصادي الموروث عن الحقبة السوفيتية علاوة علي أن حوالي 905- أو يكاد – من ضباط الجيش الكازاخي من أصل روسي.
تلك ، هي التحديات التي فرضتها الجيو سياسية والجيوستراتيجية علي كازاخستان المستقلة منذ عام 1992 . وتجدر الإشارة إلي أن الإدارة الكازاخية ،وعلي قمتها نور سلطان نازارباييف ، قد نجحت في التعامل إيجابيا مع " ضرورات" الواقع الكازاخي عبر " إستراتيجية التنمية والتحديث لكازاخستان بوصفها دولة سيدة " وفي هذا الصدد ، رمت الإستراتيجية الكازاخية إلي إخراج البلاد من الطوق الجيوسياسي عبر سياسة انفتاح علي العالم ، والتجاوب مع متطلبات دول الجوار امنيا وسياسيا . وهنا استجابت الإدارة الكازاخية ل "مجمل" المتطلبات الروسية لاسيما الأمنية منها . كما أقامت علاقات " جسن جوار" مع الصين وطمأنتها فيما يخص الملف النووي ومحاربة الأصولية والاتفاق علي الحدود والتبادل التجاري الواسع . وبذا سلمت كازاخستان من مخالب الدب الروسي وأنياب التنين الصيني .
عطا درغام- Admin
- عدد المساهمات : 923
تاريخ التسجيل : 24/04/2009
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء 8 سبتمبر 2020 - 19:40 من طرف عطا درغام
» نادر المشد..زارع الألغام في حرب النصر
الجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:41 من طرف عطا درغام
» محمد أبو النور سماحة...صانع كباري النصر
الجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:38 من طرف عطا درغام
» معروف طويلة.... رجل من زمن تصنع فيه الشدة الرجال
الجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:35 من طرف عطا درغام
» يوم خيم الظلام بسواده علي القرية
الجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:26 من طرف عطا درغام
» ديسمبر الأسود في جديدة المنزلة
الجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:22 من طرف عطا درغام
» الكوليرا في جديدة المنزلة عام 1947 وفصل من تاريخ مآسي القرية في عصور الأوبئة
الجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:21 من طرف عطا درغام
» يوسف ضبيع ... العمدة الشعبي لجديدة المنزلة
الخميس 20 يونيو 2019 - 21:11 من طرف Admin
» تاريخ الثقافة في جديدة المنزلة
الإثنين 17 يونيو 2019 - 20:32 من طرف Admin
» مفردات رمضان في جديدة المنزلة
الإثنين 17 يونيو 2019 - 20:31 من طرف Admin