الأخلاق في مصر

الأخلاق في مصر
أريك العدد 32
فبراير 2013
..........................
في أربعينات القرن العشرين، قررت وزراة المعارف العمومية علي طلاب المدارس الثانوية كتابا بعنوان" الأخلاق" من تأليف " أحمد أمين بك وأمين مرسي قنديل" ، وبإيجاز عرف الكتاب علم الاخلاق بانه العلم الذي يبحث في سلوك الإنسان من حيث مايجب ان يكون عليه . وفي كلمة موجزة: علم الواجب. وتجدر الإشارة إلي أن ثمة تلازم دائم بين الحق والواجب من منطلق ان الإنسان الذي يعيش في مجتمع منظم، يتمتع بنعمة العقل والتفكير وبالحرية والاختيار؛ إذ بموجب العقل يميز بين الخير والشر وبين الخطأ والصواب، والحرية تمكنه من ان يختار بين الخير والشر، وعليه تقع تبعة اختياره. ومعيشة الإنسان في مجتمع منظم، هي التي اقتضت ان يكون لكل فرد حقوق ، وعليه واجبات.
ومن فصول الكتاب الرائعة، ذلك الفضل المخصص ل " الواجب" ؛ أي الإزام الأدبي . وفي كلمة ، يعني الواجب السلوك الذي يبعثنا عليه الضمير ويحببه لنا القانون الأخلاقي. وعرج الكتاب إلي واجبات المرء إزاء وطنه من قبيل الدفاع عنه إذا هوجم، ووقف الحياة علي خدمته. وبصفة عامة ، إذا أدي كل فرد واجبه، فيعد هذا مظهرا للوطنية الصادقة الصحيحة التي ترفع شان الوطن وتعلي مكانته.
وتبوأت الواجبات الدينية مكانة محورية في كتاب " الأخلاق" ؛ لإذ تقوم هذه الواجبات علي أساس العلاقة بين الله وعبادة. فالله خلق الإنسان ووهبه الحياة . ولذا ، فعلينا الواجبات التي تقتضيها علاقة المخلوق بالخالق الذي أوجده ، من خضوع وطاعة وشكر ورضا. والله هو المشرع الأكبر، وضع السنن واتلقوانين الطبيعية والاخلاقية, وهو القاضي الذي سيحاسبنا عن أعمالنا في هذه الدنيا يوم الدين، ويبرم فينا حكمه الذي لا يجور. ويتجلي القيام بالواجبات لله -سبحانه وتعالي-في امرين:أولهما في سلوكنا مع الناس ومع أنفسنا ، وثانيهما في قيامنا بعبادة الله وتمجيده .
تلك ن مقتطفات وجيزة من هذا الكتاب الرائع الذي ضم فصولا عن " الحق" و" العادات" و" الفضيلة". وفي هذا الفصل الأخير ، فند الكتاب فضيلة " العدل" الجامعة لكل الفضائل. وببساطة : يعني العدل" احترام حقوق الناس" ، وإعطاء كل ذي حق حقه". وشعار العدالة هو : " لا تعامل احدا بما لا تحب ان يعاملك به". ومن المفارقات ، جاء في الفصل قبل الأخير في الكتاب تحت عنوان " الضمير"؛ أي هذه القوة الغامضة المستقرة في النفس التي تدل الإنسان علي طريق الحق وتصده عن ارتكاب الشرور والآثام. وحمل آخر الفصول عنوان " المثل الأعلي"؛ أي الصورة الذهنيى التي يكونها الإنسان في فكره للكمال.
ةالحقيقة التي لاريب فيها أننا الآن في أمس الحاجة إلي إعادة تدريس مادة " الأخلاق" للشبيبة ، لا سيما وأن المجتمع بأكمله صار قاب قوسين أو أدني من الهاوية لعلنا ننقذ مايمكن إنقاذه.