منتديات عطا درغام - جديدة المنزلة


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات عطا درغام - جديدة المنزلة
منتديات عطا درغام - جديدة المنزلة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

المواضيع الأخيرة
» إبراهيم محمد علي إمبابي........مقاتل وشاهد من زمن الحروب
الأرمن وسقوط الخلافة  Emptyالثلاثاء 8 سبتمبر 2020 - 19:40 من طرف عطا درغام

» نادر المشد..زارع الألغام في حرب النصر
الأرمن وسقوط الخلافة  Emptyالجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:41 من طرف عطا درغام

» محمد أبو النور سماحة...صانع كباري النصر
الأرمن وسقوط الخلافة  Emptyالجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:38 من طرف عطا درغام

» معروف طويلة.... رجل من زمن تصنع فيه الشدة الرجال
الأرمن وسقوط الخلافة  Emptyالجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:35 من طرف عطا درغام

» يوم خيم الظلام بسواده علي القرية
الأرمن وسقوط الخلافة  Emptyالجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:26 من طرف عطا درغام

» ديسمبر الأسود في جديدة المنزلة
الأرمن وسقوط الخلافة  Emptyالجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:22 من طرف عطا درغام

» الكوليرا في جديدة المنزلة عام 1947 وفصل من تاريخ مآسي القرية في عصور الأوبئة
الأرمن وسقوط الخلافة  Emptyالجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:21 من طرف عطا درغام

» يوسف ضبيع ... العمدة الشعبي لجديدة المنزلة
الأرمن وسقوط الخلافة  Emptyالخميس 20 يونيو 2019 - 21:11 من طرف Admin

» تاريخ الثقافة في جديدة المنزلة
الأرمن وسقوط الخلافة  Emptyالإثنين 17 يونيو 2019 - 20:32 من طرف Admin

» مفردات رمضان في جديدة المنزلة
الأرمن وسقوط الخلافة  Emptyالإثنين 17 يونيو 2019 - 20:31 من طرف Admin

 البوابة
 الصفحة الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 ابحـث

الأرمن وسقوط الخلافة

اذهب الى الأسفل

الأرمن وسقوط الخلافة  Empty الأرمن وسقوط الخلافة

مُساهمة من طرف عطا درغام الثلاثاء 1 يوليو 2014 - 11:16

الأرمن وسقوط الخلافة
بقلم: الدكتور محمد رفعت الإمام
أريك- العدد التاسع – يناير2011
..............................
علي مدار شهر رمضان الكريم المنصرم ، عرضت قنوات " الفضائية المصرية" و "أوربيت" و" فضائية الرسول" وغيرهم مسلسل " سقوط الخلافة " من تأليف الكاتب المصري المرموق يسري الجندي ، وإخراج الأردني محمد عزيزية، وتمثيل نخبة من نجوم العرب السوريين والمصريين والعراقيين والأردنيين وغيرهم، وإنتاج شركة نيكوميديا القطرية- صاحبة أول قناة دينية قطرية بعنوان شاعر الرسول – وبتكلفة أربعة ملايين دولار. والمسلسل " فكرة " رجل الأعمال هاشم السيد صاحب القناة آنفة الذكر. وقد استعرض المسلسل أوضاع الدولة العثمانية في مدي زمني يناهز أربعة عقود منذ نهاية حكم السلطان عبد العزيز( 1861- 1876) حتي خلع السلطان عبد الحميد الثاني من العرش في 27 أبريل 1909.
وصنفت بعض الدوائر الإعلامية المسلسل ب" الملحمة التاريخية العظيمة" مشيرة إلي انه من " الأعمال التاريخية المهمة جدا خلال الربع الأخير من عمر الدراما العربية، ويعكس أهمية دراسة التاريخ ونقله بطريقة صحيحة للأجيال القادمة". وقد سلط المسلسل الضوء علي " حقبة مهمة من تاريخ العرب والمسلمين".
وحسب تصريحات الأستاذ يسري الجندي إلي الإعلام بان المسلسل قد تاول " المحاولات الاستعمارية لإسقاط الحكم الإسلامي ، وتقويض مشروع وحدة المسلمين، وإشغال الإمبراطورية العثمانية بأمور أدت إلي إضعاف الدولة وتحويلها إلي أجزاء واحتلالها مما أدي في النهاية إلي أفول نجم الإمبراطورية ونهايتها ، علاوة علي هذا – وحسب الجندي – ركز علي عدد ليس بالقليل من الحلقات علي رصد " جذور القضية الفلسطينية " من خلال الضغوط التي مارستها الحركة الصهيونية ومؤسسها تيودور هرتزل ، وموقف عبد الحميد الصلب في رفض السماح بالهجرة إلي فلسطين أو في بيع أراضي فلسطينية لبناء مستوطنات يهودية رغم الضغوط الأوروبية التي مورست عليه، وهي الضغوط التي وقفت وراء انهيار الإمبراطورية العثمانية. وفي كلمة ، يري الجندي ان " القضية الفلسطينية " بمثابة القضية المركزية التي أدت إلي سقوط الخلافة الإسلامية .
وطبقا لتعليمات عزيزة ، إن العالم العربي بحاجة إلي هذه الأعمال التاريخية التي تناقش " اللحظة المصيرية في حياة الأمة" . وتأسف عزيزية علي ان العالم العربي " لا يقرأ، بل يسمع ويشاهد". ولذا فإن الدراما تمثل " القناة الوحيدة المتاحة للتعامل مع الوعي العربي".
تأسيسا علي هذه الخلفية وفي ضوء مشاهدتي لجميع حلقات المسلسل- ربما أكثر من مرة – ومن واقع تخصصي الأكاديمي في التاريخ الحديث والمعاصر لاسيما الفترة التي تصدي المسلسل لها، فغنني سوف أبدب بعض الملاحظات السريعة ، وسوف أقسمها إلي شطرين ، أحدهما عام عن المسلسل برمته، وآخر خاص بالأرمن حصريا .
1- يعد المدي الزمني للمسلسل (حوالي 40 سنة) طويلا جدا ، ولا يمكن اختزاله في "30 " حلقة ، مدة كل منها "50" دقيقة شاملة المقدمة والنهاية والفواصل الإعلانية . ولذا ، جاءت الأحداث " مسطحة جدا" وكأنها تلغرافات درامية تركز علي " بعض" المحطات العريضة فقط.
2- انطلاقا من " الخلفية الدينية" لمؤسسة الإنتاج ، صاغ المؤلف والمخرج الأحداث التاريخية في ساق يغازل مشاعر الغالبية العظمي من المسلمين، وفي عين اللحظة يغازل تلك الزعامات الطامحة إلي قيادة العالم الإسلامي . لي هذا فحسب، بل يغازل بامتياز تيار العثمانية الجديدة في تركيا . ولهذا ، روج القائمون علي العمل بان العرب والأتراك لأول مرة شاهدوا معا مسلسلا تلفزيونيا. وعلق بعض الساسة الأتراك بقولهم:" إذا نظرتم إلي مواقف تركيا المشرفة في المرحلة ( العثمانية) لعلمتم بأن هؤلاء القادة الجدد في تركيا ما هم إلا تلاميذ علماء الإسلام في عهد السلطان عبد الحميد من أمثال بديع الزمان النورسي وغيره".
3- اختار المؤلف فترة انحدار الدولة العثمانية ، ولم يختر حقبة من فترات قوتها ومجدها. وفي هذا الصدد للمؤلف مطلق الحرية في الاختيار والرؤية، ولكن اختيار حقبة الضعف تتناقض شعوريا ومعنويا في العقل والوجدان الجمعيين للمسلمين مع طموح وغاية المؤسسة المنتجة علي نحو ماسبق ان أسلفت في صدر المقال.
4- انطلاقا من الرؤية الأحادية المحددة التي رسمتها مؤسسة نيكوميديا المنتجة ، التقط الجندي وانتقي لمشاهد التي تصب في مجري هذه الفكرة وتغذيها. ورغم إيماني الشديد بحرية الأدب والفن والدراما في الانتقاء النوعين فغن هذا يتعارض مع الحقيقة التاريخية. ولذا، جاء المسلسل أشبه بلقطات منتقاة لخدمة الغاية السياسية المنشودة من ورائه أكثر خدمتها الحقيقة التاريخية. ومن المفارقات أن المسلسل قد روج تاريخيا من قبل علي العجلي- عراقي الجنسية – مدير " مركز نهاوند للأبحاث التاريخية" في دولة الإمارات. وقد بذلت جهدا جهيدا كي أعثر علي الإنتاج العلمي لهذا " المراجع"، فلم أعثر له علي أية مقالة ليس في التاريخ العثماني فحسب ، بل وفي أي تاريخ علي الإطلاق. ولا أدري كيف راجع غير متخصص مسلسلا بهذا الحجم وذاك التأثير؟!
ومن واقع خبرتي بالمصادر، أكاد أجزم بان المؤلف قد اعتمد بالأساس علي مذكرات السلطان عبد الحميد التي ترجمها د . محمد حرب إلي اللغة العربية علاوة علي بعض المصادر التي تعاطت التاريخ العثماني من منظور " دولة إسلامية مفتري عليها" . ولا استبعد ان يكون دور مركز الأبحاث آنف الإشارة هو توفير المادة التاريخية المحددة للأستاذ الجندي الذي صاغها دراميا وأن المؤلف يرتاد هذه المنطقة لأول في تاريخه الإبداعي الطويل ( مواليد دمياط1942) ، وهو الأمر الذي يحتاج قراءات متخصصة ومتنوعة مع فهم عميق لشبكة العلاقات الدولية والتوازنات السياسية.
5- نظر المؤلف إلي صعود وتنامي القومية العربية والهويات الوطنية الخاضعة للحكم العثماني منذ ما يناهز أربعة قرون علي أنها خنجر في القلب العثماني ، واعتبر المفكرون القوميون والوطنيون من أمثال الكواكبي والأفغاني والنديم ومحمد عبده بأنهم خونة للسلطان والسلطنة . واعتبر أحمد عرابي المحارب لهيمنة القصر الخديوي والتدخل الإنجليزي بأنه خارج علي الحاكم ومارق. وهكذا، أنتج الجندي التاريخ الوطني في سياق مقلوب ومشوه ومبتور لصالح الخلافة ورجل أوروبا المريض.
وهنا ، تناقض المؤلف مع نفسه عندما استعرض في أعمال درامية سابقة له هذه الفترة ذاتها من داخل البيت المصري، وتغني بالأفغاني والنديم ، محمد عبده وعرابي ( من قبيل مسلسل عبد الله النديم) . وإذا كان مسلسل " سقوط الخلافة" قد ركز علي الحركات القومية والوطنية في الشام ومصر حصريا ، فإنه- ويا للمفارقات – قد أسقط عمدا نظائرها الوهابية والسعودية في الحجازّ.
6- استخدم المسلسل عبارات مطاطة وأحكاما مطلقة لا تصب في مجري تنمية الوعي التاريخي لدي العرب والمسلمين. من هذا القبيل ان أعداء الخلافة هم مرة " القوي الأجنبية" وأخري" المخابرات الأجنبية" دون تحديد ماهية هذه القوي وتلك المخابرات باستثناء الإشارة إلي " الدور الروسي.
في هذا السياق ، يعلم دارسو التاريخ انه كان في إمكان أوروبا الإجهاز علي الدولة العثمانية عقب هزيمتها الشهيرة في عام 1683 خارج أسوار فيينا . ولكن أوروبا – القوي الأجنبية ومخابراتها في رأي الجندي – هي التي أطالت العمر العثماني حتي مؤتمر لوزان 1923 . وباختصار، احتاجت أوروبا الغربية – لاسيما بريطانيا وهي أعظم قوة في العالم آنذاك- إلي دولة السلاطين الإسلامية لتكون بمثابة حائط صد استراتيجي ضد طموحات روسيا القيصرية في المياه الدافئة. ومن المفارقات ان ذات القوي ومخابراتها هي التي دعمت بشدة " تركيا الحديثة"- وريثة الدولة العثمانية المهزومة في الحرب العالمية الأولي- لتقوم بنفس الدور الإستراتيجي: دولة قومية إسلامية علمانية في مواجهة زحف الأممية الشيوعية إلي أوروبا الرأسمالية .
وعطفا علي ماسبق ، لامس المسلسل ما اعتبره المؤلف بداية الدور الأمريكي في المنطقة بفضل مؤامرة من الصدر الأعظم سعيد بويوك في ثمانينات القرن التاسع عشر ، وهو ما تصدي له السلطان بشدة وعنف وأحبط هذا الوجود وذاك الدور.
ربما لا يعلم القائمون علي المسلسل بان العلاقات العثمانية الأمريكية بدأت رسميا بموجب الاتفاقية التجارية التي أبرمتها واشنطن مع الأستانة في عام 1830، وعلي غرارها أرم باشا مصر محمد علي ذات الاتفاقية . ومذ هذا التاريخ ، تبادلت الدولتان التمثيل الدبلوماسي والقنصلي ، وتوافد الأمريكيون إلي الفضاء العثماني تجارا وخبراء وأكاديميين وسياحا ورحالة ومبشرين. وتمخض عن نشاطهم منذ مطلع ثلاثينات القرن التاسع عشر اعتراف الإدارة العثمانية ب" ملة البروتستانت" في 27 نوفمبر 1850 . ومنذ هذا التوقيت ، عملت بحرية تامة المؤسسات التعليمية والطبية والدينية الأمريكية في العالم العثماني.
وهكذا، فغن نقص المادة العلمية الأصيلة والمؤصلة ، قد أوقع الجندي ومراجعه التاريخي في مأزق التاريخ الخطأ لبداية الوجود الأمريكي في الدولة العثمانية – الشرق الأوسط القديم! – بثمانينات القرن التاسع عشر وادعاء البطولة من قبل عبد الحميد لمجابهته . وكان المسلسل أراد أن يزرع في وعي المشاهدين بان السلطان له اليد الطولي في تأخير الوجود الأمريكي في المنطقة إلي ما بعد الحرب العالمية الثانية ( 1939- 1945).
7- رغم أن المساحة الزمنية امتدت علي مدار حوالي " 40" سنة ، فإن المعالجة الدرامية قد اتسمت بالخلل وعدم التوازن علي امتداد العمل . ويتضح هذا بجلاء من أن حوالي نصف المسلسل قد استعرض أواخر حكم عبد العزيز ومراد وبدايات حكم عبد الحميد الثاني حتي نهاية الحرب الروسية العثمانية 1877- 1878 . وعالج النصف الثاني من المسلسل الفترة من 1878 إلي 1909 .
وفي الواقع، لقد عولجت أحداث النصف الأول من المسلسل بتوازن معقول علي عكس النصف الثاني – وهو الأهم والأخطر- الذي عولج بتشوه وبقفزات أفقدت المشاهد المتخصص وغير المتخصص السياق الزمني. وخلال هذه المعالجة ، سارت في خطوط متقطعة القضايا الآتية: الصراعات داخل البيت العثماني ، نشاطات المعارضة العثمانية ، نشاط اليهود والماسون ، ظهور القضية الفلسطينية ومحاولات يهود روسيا استيطان فلسطين، الثورة العرابية في مصر واحتلال بريطانيا لها ، التدخل الأجنبي في الشأن العثماني ...إلخ .هذا الزخم الكثيف المتلاحق الهادر عباه المؤلف في حوالي "15" حلقة .
لم يقتصر سوء المعالجة علي هذا النحو آنف التوصيف فقط، ولكن الأخطر ان المسلسل قد أسقط عمدا عقدين كاملين إبان العهد الحميدي منذ عام 1885 وحتي عام 1905 . وأثناء مشاهدتي للحلقة رقم "28" – وكانت تتناول أحداث 1883-1885 - ، انتابتني دهشة لان المسلسل قفز بالأحداث إلي عام 1905 مستعرضا محاولة اغتيال السلطان عقب أدائه صلاة الجمعة يوم 21 يولية سنتذاك .
واستعرض المشهد التالي مباشرة محاولة السلطان تمديد حدود فلسطين العثمانية إلي طابا المصرية فيما عرف تاريخيا ب" أزمة الحدود" أو " أزمة طابا " في عام 1906 . وفي هذا الصدد، ثمة ملاحظة عابرة لابد من الإشارة إليها وهي أن الإدارة العثمانية قد نجحت في ترسيم الحدود العثمانية المصرية عند طابا وإدخالها في زمام فلسطين ،لكانت الدولة المناهضة لاستيطان اليهود في فلسطين قد منحت " طابا المصرية" إلي إسرائيل عندما احتكمت القاهرة وتل أبيب في عام 1988 إلي القانون الدولي حول " تاريخية طابا " .
وفي تقديري أن القائمين علي المسلسل قد أسقطوا هذين العقدين من الحكم الحميدي حتي يتجنبوا" المشهد" الذي جمع السلطان مع تيودور هرتزل – نبي الصهيونية في عام 1901 – وحسب مذكرات عبد الحميد والمصادر الموالية له ، انه أهان هرتزل عندما عرض عليه استيطان يهود روسيا في فلسطين مقابل امتيازات للدولة والسلطان. وبالتالي ، قفز المسلسل هذه الحقبة حتي لا يصطدم منتجو العمل مع الإدارة الإسرائيلية واللوبيات الصهيونية . ناهيك عن عمق أواصر العلاقات الإسرائيلية القطرية . ولكن في الحلقة الأخيرة ، عندما عرض عمانويل قره صو- يهودي وناشط ماسوني ومحرر جريدة بصيرت- علي السلطان مشروع هرتزل في عام 1908 ، جاء نفس رد السلطان العنيف ليوجه إلي قره صو مع الإشارة إلي أن هرتزل سبق وأن عرض – بطريقة محترمة – هذا الاقتراح دون ان يذكر أنه قام بتوبيخه !
أكثر من هذا ، يكمن الإسقاط العمدي لهذه الفترة في أنها سجلت التاريخ الدموي الأسود للسلطان الأحمر. وتكاد تتفق جميع المصادر علي هذه الوقائع الدموية بما فيها تلك التي نظرت إلي الدولة العثمانية بأنها دولة إسلامية مفتري عليها . وفي هذا الشأن ، سوف أحلق بنظرة طائر سريعة علي العناوين الرئيسية للأحداث الدموية والانتهاكات الجسيمة التي شهدتها الحقبة الحميدية المسقطة :
- 12 أكتوبر 1884 : قامت المذابح في مقدونيا .
- 22 سبتمبر 1885 : وقعت المذابح في روم ويلي.
- 15 سبتمبر 1889 : بدأت مذابح الأرمن في شرقي الأناضول .
- 13 يونية 1890 : وقعت معارك دموية ضد المسيحيين في صربيا .
- 27 يونية 1890 : قامت المذابح في أرضروم ضد الأرمن .
- 14مايو 1891 : مذابح ضد المسيحيين في صربيا .
- 12 أبريل 1894 : ذبح الأرمن في الولايات الأرمنية لعدم مقدرتهم علي دفع الضرائب .
- 30 يونية : معارك دموية بين الأكراد والأرمن .
- 25 أغسطس 1894 : أحرق الأتراك "20" قرية أرمنية في شرقي الأناضول .
- 10 سبتمبر 1894 : أعدمت السلطات العثمانية "70" أرمينيا بدعوي أنهم السبب في إثارة الأرمن .
- 14 ديسمبر 1894 : اعترضت أوربا علي مذابح الأرمن.
- 9 أكتوبر 1895 : ذبح الأتراك "45" أرمنيا في ضاحية آق حصار بالأستانة .
- 10 أكتوبر 1895 : مظاهرة أرمنية بالأستانة اعتراضا علي مذابح الأرمن في شرقي الأناضول.
- 5 نوفمبر 1895 : سفراء أوربا يطالبون الباب العالي إيقاف مذابح الأرمن .
- 18 نوفمبر 1895 : ثارت الولايات العربية في اليمن والحجاز وبغداد ومابين النهرين .
- 16 مايو 1896 : اضطهاد الأرمن في الأستانة .
- 26 أغسطس 1896 : احتل الأرمن الطاشناقيون المصرف العثماني بالأستانة .
- 27 أغسطس 1896 : ذبح ستة آلاف أرمني بالأستانة وضواحيها .
- 31 أغسطس 1896 : رفض السفراء الاشتراك في حفلة عيد الجلوس السلطاني احتجاجا علي مذابح الأرمن .
- 16 سبتمبر 1896 : القبض علي رجالات تركيا الفتاة ونفيهم من الأستانة .
- 26 سبتمبر 1896 : هجر الأستانة ألوف من الأرمن هربا من الظلم .
- 9 أكتوبر 1896 : مذابح جديدة للأرمن في الأستانة .
- 19 أكتوبر 1896 : فرنسا تتدخل ضد الأستانة لإنقاذ الأرمن .
- 17 أبريل1897 : نشبت الحرب العثمانية اليونانية .
- 27 نوفمبر 1899 : نفي قيادات تركيا الفتاة .
- 23 يونية 1900 : الأحرار العثمانيون يطلبون من أوربا مساعدتهم لخلع السلطان .
- 22 أكتوبر 1900 : ذبح الأرمن بدعوي أنهم يحرضون علي خلع السلطان .
- 7 فبراير 1903 ك هجم الأتراك علي بطريركية الأرمن لقتل البطريرك أورمانيان بدعوي انه محرض الأرمن علي الثورة .
- 27مارس 1903 : هب الألبان لقتال الجيش العثماني ونزعوا إلي الثورة .
- 3 أبريل 1903 : تجددت المذابح في مقدونيا .
- 6 مايو 1903 : ثار الأهالي في ولاية مانستير .
- 25 نوفمبر 1903 : أجبرت أوربا السلطان علي قبول إصلاحات مقدونيا وتعيين جندرمة أوربية فيها .
- 16 أبريل 1904 : ذبح الأرمن في موش .
- 19 فبراير 1905 : ذبحت السلطات العثمانية " خلقا كثيرين" من رجال تركيا الفتاة في ضاحية كيك ليتي بالأستانة .
- 20 أبريل 1905 : ثار سكان ولاية اليمن .
تلك هي جزء من كل، ولا غضاضة ان أذكر أضا استفحال الجاسوسية وبشاعة المخابرات العثمانية ، تضخم الديون العثمانية وإعلان الدولة إفلاسها ، والاستبداد وإلغاء الحياة البرلمانية ..إلخ .
8- أعطي المسلسل دورا محوريا للماسون واليهود في إسقاط الدولة العثمانية . وفي تقديري ان هذا الدور" محدود" في إسقاط المنظومة العثمانية ، ولم يكن بهذه العنكبوتية والإخطبوطية التي صورها المسلسل . وفي هذا المنحي ، انزلق المؤلف، وكذا المشاهد أسيرا للنظرية التي مابرح اليهود يروجونها بأنهم يحركون التاريخ كأنه" أحجار علي رقعة شطرنج" كما سقط في هاوية التفسير التآمري للتاريخ.
إن من يتابع مسلسل " سقوط الخلافة" ، تتولد في قريرته نظرية مؤداها ان الماسون واليهود هم الذين نسجوا الشباك التي هوت فيها دولة كانت بمقياس قوة كبري آنذاك.
وإذا كان الموقف الحميدي من قضية " استيطان اليهود في فلسطين" وراء خلع السلطان بمؤامرة حاكها اليهود مع جماعة الاتحاد والترقي ( الاتحاديون) – وهم حسب المسلسل صنيعة يهودية -، فثمة سؤال بديهي جدا يطرح نفسه : لماذا لم يدخل اليهود فلسطين ويستوطنونها بحرية تامة عقب خلع السلطان العنيد في أبريل 1909 ؟ ولماذا استمات الاتحاديون في الدفاع عن فلسطين إبان الحرب الأولي؟
تؤكد الوقائع التاريخية ان اليهود أقاموا "18" مستعمرة لهم في فلسطين عشية خلع السلطان عبد الحميد- وعندما علم السلطان في الحلقة رقم"28" بان عائلة سرسق اليهودية وحدها قد اشترت "98" قرية فلسطينية ، كان رده وتعليقه: أشعل سيجارة بعنف! وهكذا ، تمركز اليهود في فلسطين إبان الزمن الحميدي مستفيدين من كونهم رعايا الدولة العثمانية ولهم حق شراء الأراضي عن طريق رشوة كبار الموظفين العثمانيين الفاسدين في متصرفية القدس وغيرها.
وعلي النقيض تماما ، فشل اليهود في بناء مستعمرات – بنفس الدرجة – داخل فلسطين منذ زوال الحكم الحميدي وصعود الاتحاديين إلي سدة العرش. وحسب جريدة " المحروسة" القاهرية في عددها الصادر يوم 9 ديسمبر 1910 ، ص 2 ، أن الأوامر قد" صدرت من المراجع الاختصاصي في الأستانة بمنع استيطان مهاجري اليهود في فلسطين ومعاقبة الذين يسهلون لهم امتلاك الأراضي" . وتوالت مثل هذه الأوامر الصادرة عن حكومة الاتحاديين حتي هزيمتهم في نهاية الحرب العالمية الأولي.
وفي خط متواز مع الهزيمة العثمانية، نجح اليهود- نظير خدمات للتاج البريطاني – في الحصول علي تصريح بلفور في 2 نوفمبر 1917 الذي تعهدت فيه الغدارة البريطانية بتأسيس " وطن قومي" لليهود في فلسطين. وبذا، وضعت الإمبراطورية البريطانية حجر الأساس لتفعيل الحلم الصهيوني في فلسطين في وقت كان الاتحاديون- صنائع اليهود – يقاتلون بضراوة من اجل الحفاظ علي جبهة الشام لاسيما فلسطين. وفي أبريل 1920 ، قررت عصبة الأمم – تحت ضغوط يهودية وتبعية بريطانية – وضع فلسطين في دائرة الانتداب البريطاني لتكون بمثابة البوابة الشرعية الكبيرة التي دخل اليهود منها إلي استيطان فلسطين واحتلالها بعد عقد ونيف من خلع السلطان عبد الحميد.
تلك، هي مجرد ملاحظات سريعة وعابرة ومقتضبة عن رؤيتي كمتخصص في التاريخ الحديث والمعاصر لمسلسل " سقوط الخلافة". وفي ذات السياق ومن منظور العلم، لا يمكن لعمل درامي يتناول سيرة السلطان عبد الحميد الثاني ومسيرة دولته دون ان يستعرض حالة " الأرمن العثمانيين" باعتبارهم من أبرز عناصر الدولة العثمانية، ولهم قضية اعترفت بها المحافل الدولية بموجب المادة"61" من معاهدة برلين 1878 . ولذا ، أخذت طوال عرض المسلسل ، أفتش بمصباح ديوجين عن " الأرمن" بين ثنايا المشاهد ، ووجدت ان المسلسل قد " لامس عن بعد" موضوع الأرمن بشكل" مقتضب جدا" و" مبتور" و" مشوه" و" متواري" للغاية ، ويصب في مجري التفسير الديني للقضية الأرمنية ، ويتماشي مع التفسير الرسمي للغدارة العثمانية آنذاك ، وكذا الحكومات التركية المتعاقبة وأفكار العثمانية الجديدة. ولعل هذا ينجلي بوضوح من استعراض المشاهد الأربعة الحصرية التي تطرقت للأرمن وقضيتهم.
المشهد الأول
جاء أول ذكر للأرمن في الحلقة"16" عندما اجتمع السلطان عبد الحميد بوزرائه ورجالات دولته لاستعراض ما تمخض عن مؤتمر برلين (1878) وتسوية الحرب الروسية العثمانية 1877-1878 . وعلي لسان صفوت باشا – وزير الخارجية – ذكر ان المؤتمرين اتفقوا علي أن تجري السلطنة "إصلاحات في المنطقة الشرقية التي تسكنها أقلية أرمنية" . عندئذ ، علق السلطان قائلا " " هذه إشارة طيبة لهؤلاء الذين يحرضون الشعب الأرمني الطيب ضدنا".
يبلور هذا المشهد جميع الملاحظات آنفة الذكر سواء علي المسلسل عموما أو علي ما يخص الأرمن خصوصا، وفي الواقع يقتضي " التعليق العلمي" علي هذا " التخريج المسيس " سرد- ولو بشكل بانورامي – وضعية الأرمن في المنظومة العثمانية منذ احتلال آل عثمان لأرمينية وحتي نهاية مؤتمر برلين وتداعياته . ولكن نظرا لضيق المساحة ، سوف أكتفي فقط بإبراز المحطات الكبيرة جدا.
تتفق المصادر التاريخية علي ان الحروب المتوالية بين فارس والدولة العثمانية قد أسفرت عن تقسيم أرمينية فيما بينهما إلي أرمينية الشرقية ( الفارسية) ومنذ عام 1828 ( الروسية) ، وأرمينية الغربية ( العثمانية) التي تكونت من ست ولايات أرمينية في شرقي الأناضول وهي : بيتليس ( بدليس) ، جارين(أرضروم) ، فان( وان) ، خربوط( معمورة العزيز)، يقاس( سيواس) ، جزء من ديار بكر.
وصارت هذه المنطقة تسمي "إرمنستان" في الخرائط العثمانية والتعدادات السكانية حتي الربع الأخير من القرن التاسع عشر . ومنذ عام 1461 ، اعترفت الإدارة العثمانية ب"ملة الأرمن الأرثوذكس" التي شملت سكان الأرمن في شرقي الأناضول وقيليقية وسائر الأنحاء العثمانية . وبذلك، لا يمثل الأرمن "أقلية"– وهو مصطلح حديث لم يكن موجودا عصر ذاك- إذ أنهم كانوا – وحسب كل المصادر- اكبر ط ملة"أي امة ، مسيحية في الفضاء العثماني ، وكان الأرمن المنتشرون في الولايات العثمانية يشكلون " طوائف ملية" حسب مصطلحات الإدارة العثمانية وليسوا "أقليات"!.
وبصفة عامة ، تمتع أرمن المدن العثمانية الكبري – لاسيما الأستانة – بمراكز اقتصادية وثقافية وسياسية مرموقة. وتكونت منهم شريحة " الاميرا" التي تعاونت مع الحكومة العثمانية في الإدارة والاقتصاد، وتقلدوا أعلي الوظائف والمناصب في الهيكل الإداري الحكومي .بيد ان وضعية الأرمن في شرقي الأناضول ( الولايات الست) كانت علي النقيض تماما . ورغم هذا تشبثوا بوطنهم الأم وارتضوا العمل فيه مزارعين أو محاصصين تحت سيطرة نخبة من الإقطاعيين والعسكريين العثمانيين. ومع ذلك- وحسب شهادة السلطان عبد الحميد- كان الأرمن أشد الشعوب المسيحية في الدولة العثمانية إخلاصا في خدمتها وآخرها في التحول عن الولاء لها . ولذا ، فلا غرو أن أطلقت الإدارة العثمانية عليهم لقب" الملة الصادقة".
وخلال النصف الأول من القرن التاسع عشر، حقق الأرمن نهضة ثقافية نتيجة لتأثيرات الثورة الفرنسية، والإصلاحات العثمانية لاسيما في مجالات التعليم والطباعة والصحافة علاوة علي تأثير الإرساليات التبشيرية . ورغم انتعاش الأرمن العثمانيين ثقافيا ، فإنهم لم يسعوا إلي الانفصال أو الاستقلال عن الدولة العثمانية، بل طالبوا فقط بإجراء إصلاحات داخلية في الولايات الأرمنية الست ضمن بقائهم في منظومة رعايا الدولة ، ورغبتهم في تحقق الحماية لأنفسهم وأملاكهم من الموظفين الفاسدين ومن عصابات النهب الكردية والجراكسة فضلا عن المطالبة بمساواتهم مع الرعايا المسلمين .
سعي الأرمن العثمانيون إلي تحقيق الإصلاحات عن طريق البطريركية الأرمنية بالأستانة . بيد ان الإدارة العثمانية قد تملصت من تنفيذ أية إصلاحات في الوقت الذي تزايدت فيه تعديات الأكراد وغيرهم ضد القري الأرمنية في شرقي الأناضول مستغلين اندلاع الحرب الروسية العثمانية في 24 أبريل 1877 . ولذا ، رحب الأرمن العثمانيون بالجيش الروسي تحت قيادة الجنرالات الأرمن واشتراك المتطوعين الأرمن الروس . وبحلول عام 1878 ، كان الروس يسيطرون تقريبا علي أرمينية العثمانية واقترب الجيش الروس من الأستانة . وعندئذ، طلبت الأستانة وقف إطلاق النار، وبدأت المفاوضات في 31 يناير 1878 .
في ذلك الوقت ، ازدادت قناعة الأرمن العثمانيين بعدم جدية الإدارة العثمانية في تنفيذ الإصلاحات الأرمنية . ليس هذا فحسب ، بل خيمت عليهم هواجس باحتمالية أن تنكل بهم الحكومة العثمانية جزاء علي اشتراك بني جلدتهم الروس ضدها في الحرب. وفعلا بمجرد وقف إطلاق القتال، بدأت التعديات علي الأرمن العثمانيين في شرق الأناضول من جيرانهم الأتراك والأكراد والجراكسة وغيرهم. ولذا ، ناشدت النخبة الأرمنية بالأستانة القيادة الروسية بأن تشمل معاهدة الصلح الدولية الجاري إبرامها بين الحكومتين الروسية والعثمانية " نصا" بخصوص أرمينية الغربية يضمن إجراء الإصلاحات فيها وعدم الاعتداء علي قاطنيها الأرمن.
ونسبيا ، نجحت المساعي الأرمنية ؛إذ تضمنت معاهدة " سان ستيفانو" المبرمة في 3 مارس 1878 بين الدولتين الروسية والعثمانية المادة "16" الناصة علي : " أن خروج جنود روسيا من إرمنستان وإرجاعها إلي الدولة العثمانية يمكن ان ينجم عنه المناقشة والاختلاف فيما بينهما، فلهذا يتعهد الباب العالي بإجراء الإصلاحات علي حسب الاحتياجات المحلية في الولايات المتحدة التي يسكنها أرمن، وتأمين المسيحيين من تعدي الأكراد والجراكسة".
وتعد هذه المعاهدة أول آلية دولية في التاريخ الحديث يرد فيها ذكر"إرمنستان" . بيد أن هذه المعاهدة لم تنفذ ، إذ خشيت بريطانيا ان يترتب عليها تراجع الدولة العثمانية وتنامي القوة الروسية مما يعرض مصالحها للخطر. ولذا، جيشت قواها لإثارة مخاوف القوي الأوروبية من جراء استفحال القوة الروسية . وفعلا ، دعا المستشار الألماني بسمارك إلي عقد مؤتمر دولي لتسوية المسألة الشرقية وإعادة النظر في مواد معاهدة " سان ستيفانو" . وخلال الفترة من 13 يونية وحتي 13 يولية 1878 ، اجتمع المؤتمرون في برلين لتعديل هذه المعاهدة وفقا للرؤية البريطانية.
وأثناء فعاليات المؤتمر، ذهب وفد من الأرمن العثمانيين إلي برلين لطرح المشكلة الأرمنية . وأكد الوفد علي أن الأرمن العثمانيين لا يبتغون الانفصال عن الدولة العثمانية ويرغبون في البقاء ضمن رعاياها علي غرار ما هو معمول به في متصرفية لبنان . وأبدي الوفد رغبته في ألا تنسحب القوات الروسية من " إرمنستان" إلا بعد تنفيذ هذه المطالب. بيد أن المساومات السياسية والصفقات الدبلوماسية والتوازنات الدولية بين المؤتمرين في برلين قد أطاحت بطموحات الأرمن العثمانيين سالفة القول ؛ إذ تغيرت المادة " 16" بكل إيجابياتها إلي المادة "61" من معاهدة برلين الغامضة والعائمة.
نصت المادة "61" علي ان " يتعهد الباب العالي- وبدون أي تأخير- بإدخال التحسينات والإصلاحات التي تستلزمها المتطلبات المحلية في الولايات التي يقطنها الأرمن ، وضمان أمنهم تجاه الجراكسة والأكراد ، كما يتعين علي الباب العالي من حين لآخر ان يحيط القوي الكبري- التي ستقوم بالإشراف علي تنفيذ الإصلاحات – علما بأي أمر يتعلق بذلك".
ربما تمثلت الإيجابية الوحيدة للمادة"61" في تدويلها المشكلة الأرمنية . وخلا ذلك، أضحت المادة"61" داء للأرمن العثمانيين وليست دواء لأوضاعهم . فقد وأدت أية إمكانية لإقامة حكم ذاتي للأرمن، ولم تربط تنفيذ الإصلاحات ببقاء الجيش الروسي في أرمينية الغربية ( العثمانية) وعهدت بها إلي مسئولية أوروبية جماعية دون إشراف مباشر أو ضمانات جدية . والأسوأ ، أن الإدارة العثمانية اعتبرتها تدخلا أوروبيا سافرا في شأنها الداخلي ودليلا علي زعزعة الولاء الأرمني لها .
خلاصة القول ، جرت هذه المادة ويلات وويلات علي الأرمن العثمانيين ؛ إذ ان مجرد مطالبتهم بتنفيذها ، أدخلهم في مواجهة مع النظام العثماني تمخض عنها نشوب سلسلة من المذابح إبان منتصف تسعينات القرن التاسع عشر ، وهو الأمر الذي لم يظهر لا من قريب ولا من بعيد في إحداث المسلسل . ولهذا، أرجو من قراء"أريك" الكرام أن يعقدوا مقارنة فاحصة لما ورد في المشهد الأرمني من الحلقة "16" وبين حقائق التاريخ؛ حتي يتأكدوا بأنفسهم ميتافيزيقا المشهد ؛أي الأفكار المراد زرعها في الوجدان والعقل !
المشهد الثاني
جاء المشهد الثاني في نهاية الحلقة رقم"25ط علي ألسنة محرري جريدة " بصيرت" تعليقا علي مقتل جلال الدين – صهر السلطان – ومدحت باشا في سجن الطائف بالحجاز.
برهان أفندي : السلطان صار دمويا .
عمانويل قره صو : نريد أن نؤكد هذا للعالم، ونشر كلاما تنشره الصحف عن وجود تحرشات من الأكراد ضد الأرمن تحت حماية عثمانية ، وهناك مخاوف علي شعب الأرمن.
أرمان أفندي : لم نسمع بهذا .
عمانويل قره صو : ولن يحدث هذا .
انتهت الحلقة عند هذا الحد ، وبدأت الحلقة رقم "26 " بتعليق برهان أفندي علي عمانويل قره صو بقوله : " هل نخفي حقائق عن مقتل مدحت باشا وننشر أكاذيب ملفقة لم تحدث " .
وبعد هذا المشهد مباشرة ، كان اجتماع السلطان عبد الحميد مع الصدر الأعظم سعيد بويوك والوزراء للاطلاع علي شئون الدولة . وعندما جاء دور صفوت باشا – وزير الخارجية- ذكر مايلي : " ليس هناك أية تقارير من سفاراتنا عن وجود تحرشات ضد الأرمن". وهنا ن تدخل الشيخ أبو الهدي الصيادي – عدو الأفغاني- قائلا بان الأخير : " وراء الأخبار الكاذبة عن الاعتداءات ضد الأرمن" . ولكن السلطان علق محتدا لقوله : " إنها أيدي المخابرات الأجنبية .
إن من يتأمل هذين المشهدين ، تنتابه الحيرة بشأن المشكلة الأرمنية . هل هي من اختلاق اليهود والماسون علي نحو ما أوحي قره صو ؟ أم أنها من تدبير المخابرات الأجنبية علي نحو ما علق السلطان؛ حتي ان الشيخ الصيادي استغلها لإيغار صدر السلطان ضد غريمه الأفغاني!
وثمة إحياء خبيث من المشهدين الآنفين مؤداه أن مشكلة الأرمن في السلطنة العثمانية كانت مع الأكراد ولم تكن مع النظام العثماني . وفي هذا الخصوص، جديرا بالتسجيل الملاحظات الآتية :
1- عندما كانت الدولة العثمانية قوية وواسعة ، تعايش الأرمن والأكراد معا في شرقي الأناضول ومارسوا حياتهم اليومية. وطبيعيا ، وقعت اشتباكات بينهما فردية غالبا وجماعة أحيانا . ولكن مع ضعف الدولة ونهوض الأرمن وتخلف الاكراد مع تعمق نعرتهم القبلية والدينية ، ساءت بشدة العلاقات الكردية الأرمنية ، وبلغت أوجها عشية اندلاع الحرب الروسية العثمانية 1877- 1878 .
2- وقع وزير الخارجية العثمانية صفوت باشا علي المادة "16" من معاهدة سان ستيفانو والمادة"61" من معاهدة برلين اللتين نصتا صراحة علي " ....ضمان سلامة الأرمن من اعتداءات الاكراد والجراكسة..." . ومن ثم ، اعترفت الإدارة العثمانية رسميا في معاهدة دولية ملزمة بوقوع اعتداءات كردية ضد الأرمن مع تعهدهم أمام الرأي العام العالمي بضمان سلامتهم ، وهو ما يتناقض تماما مع الطرح الدرامي الموجه والمسيس في مشهدي الحلقتين "25" و"26" المتعلقين بالأرمن.
3- ذكر المؤرخ العربي فايز الغصين في كتابه الرائد عن " مذابح أرمينية" مايلي: " ...لم يذكر التاريخ أن الأكراد مواطني الأرمن في الولايات التي يسكنها الامتان قاموا علي بعضهم وتقاتلوا ، أو أن الاكراد استحلوا أموال الأرمن وسبوا نساءهم إلي تاريخ 1888 ، فإن الأكراد قاموا بأمر من الحكومة التركية وقتلوا أناسا من الأرمن..وكانت الحكومة في كل الأوقات تثير الأكراد والأتراك المسلمين متخذة الدين الإسلامي واسطة للوصول لمآربها نظرا لجهل المسلمين أحكام دينهم الصحيحة .
وفي هذا المضمار، تجدر الإشارة إلي أن زج الغدارة العثمانية الأكراد – حصريا – في اللعبة السياسية ضد الأرمن يعد من أمكر الوسائل . ففي ذلك التوقيت ، كانت القضية الكردية مطروحة للنقاش شان نظيرتها الأرمنية .
وإذا نجح الأرمن والأكراد في خلق شراكة ضد السلطة العثمانية ، باتت الأخيرة في مأزق جد حرج ، ولذا ، كان لا مناص من الإيقاع بينهما وضرب أحدهما بالآخر ، ولما كانت أوروبا المسيحية تؤازر الأرمن – ولو نظريا - ، فإنها لن تتعاطف مع الاكراد " المسلمين" .
وفي هذا السياق ، شكلت الإدارة العثمانية فرق الخيالة الحميدية من الاكراد لكبح جماح الثورة الأرمنية . كما ألبت الأكراد باسم الإسلام لمجابهة أعداء الخلافة وعلي رأسهم الأرمن " المسيحيين" . وأخيرا صورت المراسلات الرسمية الصادرة عن الباب العالي إلي الدوائر الغربية الصراع الدموي الدائر في شرقي الأناضول علي أنه " حرب أهلية انخرط فيها الأرمن والأكراد ، وخلالها ترتكب التجاوزات والفظائع من الجانبين".
المشهد الثالث
علي نحو ماسبق ان أسلفت ، شهدت الحلقة رقم "28" قفزة زمنية هائلة في الأحداث منذ عام 1885 وحتي عام 1905 . وفي هذه الحلقة ، عرض عمانويل قره صو علي السلطان عبد الحميد توطين يهود روسيا في فلسطين مقابل "20" مليون ليرة ذهب لتصفية الديون العثمانية واستكمال المشروعات علاوة علي "5" ملايين ليرة ذهب للسلطان ذاته. هنا ، رفض السلطان ، ورد بشدة وعنف علي قره صو ، وهو الرد المتواتر في المصادر عنه لهرتزل وليس لقره صو : " لا استطيع أن أتنازل عن شبر واحد من الأراضي المقدسة، لأنها ليست ملكي بل هي ملك شعبي، وقد قاتل أسلافي من أجل هذه الأرض ، وروها بدمائهم، فليحتفظ اليهود بملايينهم ، إذا مزقت دولتي من الممكن الحصول علي فلسطين بدون مقابل، ولكن لزم أن يبدأ التمزيق أولا في جثتنا ، ولكن لا أوافق علي تشريح جثتي وأنا علي قيد الحياة ".
وفي المشهد التالي مباشرة ، اجتمع قره صو وحاخام اليهود في الأستانة مع أعضاء المحفل الإيطالي لمناقشة " مصير السلطان العنيد" علي خلفية رفض توطين روسيا في فلسطين. وأثناء المناقشات ، ذكر قره صو في حديثه : " لابد من تحريك الأرمن عن بعد ". أي تحريضهم علي اغتيال السلطان . ورد الحاخام : " ربما يفشل الأمر ، ويصيب الأرمن واليهود".
مرة أخري ، يكرس المسلسل في العقل الجمعي للمشاهدين فكرة ان مشكلة الأرمن مع الإبادة العثمانية " صناعة يهودية"، مما يتنافي مع الوقائع والحقائق التاريخية. إذ أن الجغرافيا والتاريخ يؤكدان أن الأرمن موجودون في شرقي الأناضول منذ حوالي ثلاثة آلاف سنة علي الأقل. أما يهود الدولة العثمانية ، فتنتمي أغلبيتهم العظمي إلي يهود الأندلس الذين فروا من اضطهاد أسبانيا المسيحية إلي الفضاء العثماني واعترفت الأستانة بملتهم في عام 1461 . ورغم تمتع اليهود بعصر ذهبي في حضانة السلطنة العثمانية ، فإن الأرمن- لاسيما في المدن- شكلوا منافسا قويا لهم في الاقتصاد والغدارة . وعلي المستوي التنظيمي، نجح الأرمن في الحصول علي " دستور نامة الملة الأرمنية "؛ أي الدستور الأرمني في 30 مارس 1863 ، ونجحوا في تدويل مشكلتهم بموجب المادة "61" آنفة الإشارة .
أما اليهود ، فلم يبلوروا حلمهم الصهيوني " نظريا " إلا بعد مؤتمر بال بسويسرا عام 1897. ولاريب ان كل تقدم أرمني كان يوازيه قلق يهودي حتي أن الحاخامات والنخبة اليهودية مابرحوا يطالبون مرارا وتكرارا بأوضاع لليهود علي غرار الأرمن . وقد تجلت الروح العدائية ضد الأرمن عقب مؤتمر برلين 1878 ؛ إذ كانوا يشيعون بأن الأرمن يتأهبون للقيام بثورة قومية ضد الدولة العثمانية . ولقد اشتهر من بينهم عمانويل قره صو الذي كان يقدم يوميا عشرات التقارير للسلطان يتهم فيها الأرمن بالتجسس أو بالتأهب لاغتياله أو بتهريب الأموال إلي الخارج. وأثناء المذابح الحميدية ضد الأرمن 1894- 1896 ، قام اليهود بدور " المرشدين عن الأرمن الثائرين والهاربين .
كما احتكروا شراء المنهوبات الأرمنية ب" ثمن بخس" وأعادوا بيعها بأبهظ الأثمان.
أكثر من هذا ، سعي هرتزل عندما بلغت المذابح الأرمنية ذراها بين عامي 1894-1896 إلي توظيف القضية الأرمنية لصالح مشروع استيطان اليهود في فلسطين واستمالة السلطان. وفي هذا الصدد يقول هرتزل: " طلب مني السلطان أن أقوم بخدمة له، وهي أن أؤثر علي الصحف الأوروبية ، بغية قيام الأخيرة بالتحدث عن القضية الأرمنية بلهجة أقل عداء للأتراك ، أخبرت نيولنسكي حالا باستعدادي للقيام بهذه المهمة، ولكني أكدت علي إعطائي فكرة وافية عن الوضع الأرمني: من هم الأشخاص في لندن يجب أن أقنعهم بما يريد ، وأي الصحف يجب أن نستميلها لجهتنا وغير ذلك".
وعلي هذا الأساس، نشطت الدبلوماسية الصهيونية لإقناع الأرمن بالتخلي عن ثورتهم . ونتيجة لذلك فقد اتصل هرتزل مع سالزبوري والمسئولين الإنجليز بغية استخدامهم للضغط علي الأرمن ، كما نشط اليهود في بلاد أوروبية أخري مثل فرنسا للقيام بنفس الدور. بيد أن دبلوماسية هرتزل قد أخفقت بسبب عدم تحمس بريطانيا ؛ إذ أن ذلك كان يعني تأييد سياسة عبد الحميد، الأمر الذي يؤدي إلي إثارة الرأي العام ضد التاج البريطاني.
المشهد الرابع
كان آخر ظهور للأرمن في مسلسل " سقوط الخلافة" هو المشهد الأول من الحلقة رقم "30" والأخيرة . ويصور المشهد تعذيب كل من جودت باشا وزير العدلية العثمانية وأحمد جلال باشا رئيس الجورنالجية ( المخابرات) العثمانية للشخص البلجيكي الذي حاول اغتيال السلطان عبد الحميد عقب أدائه صلاة الجمعة يوم 21 يولية 1905 .
وأثناء عمليات التعذيب ، جاء علي لسان رئيس المخابرات قوله : من وراءك؟ هل هم الأرمن ؟ نحن نعرفهم جميعا . ونحن علي علم بوجود مخطط لاحتلال البنك العثماني وضرب السفارات حتي تتحول إسطنبول إلي بحر دماء مما يدعو إلي التدخل الأجنبي . وفي سياق الحلقة ، وردت إشارة إلي أن اليهود والماسون هم محرضو الأرمن علي محاولة الاغتيال واحتلال البنك.
الثابت في المصادر التاريخية أن محاولة اغتيال السلطان عبد الحميد الثاني عام 1905 كانت بتدبير من ط الاتحاد الثوري الأرمني" ( الطاشناق) الذي تأسس في عام 1890 في تفليس عاصمة إقليم القوقاز الروسي وقتذاك ، وسعي إلي حل القضية الأرمنية بانتهاج سياسة العنف لإجبار أوربا علي العودة لمتابعة تنفيذ الإصلاحات والمادة "61" . ويعد " الطاشناق"من الآليات الثورية الأرمنية النشطة في مضمار حل القضية الأرمنية خصوصا بعد كبح جماح الآليات الأخرى من قبيل " حزب الأرميناجان " المؤسس في فان منذ عام 1885 وحزب " الهنشاك " ( الناقوس) المؤسس في جنيف عام 1887 .
لم يذكر المسلسل أية إشارة عن دوافع الأرمن لاغتيال السلطان ؟.. إن الإجابة تستدعي استعراض الانتهاكات والمذابح العثمانية ضد الأرمن منذ تدويل القضية الأرمنية وعدم تنفيذ المادة "61 " .
ويكمن السبب المباشر وراء محاولة " الطاشناق " اغتيال السلطان في عام 1905 في وقوع حوادث دامية ضد الأرمن علي أيدي القوات العثمانية في جبل ساسون بين يومي 11 و15 أغسطس 1903 ، ومرة ثانية بين يومي 25 – 29 مايو 1904 . ولذا ، رد الطاشناق بأعمال ثأرية خاصة محاولتهم الفاشلة لاغتيال السلطان .
ولكن الإشارة إلي وجود " مخطط لاحتلال البنك العثماني" في خط متواز مع محاولة اغتيال السلطان عام 1905، فهو خلط مابين أحداث عام 1896 وعام 1905 . ففي 26 أغسطس 1896 ، احتل "26" طاشناقيا عثمانيا مسلحين البنك العثماني بالأستانة . وأعرب الطاشناقيون أن هدفهم من احتلال البنك هو الضغط علي أوروبا للتدخل بفعالية لحل القضية الأرمنية خاصة وأن احتلال البنك سيضع المصالح الأوربية في خطر. وأعلن الطاشناقيون أنهم يحتلون البنك لمدة يومين، فإذا لم تحل القضية الأرمنية ، فإن البنك وموظفيه والرهائن سوف ينسفون جميعا.
وبينما فشلت القوات العثمانية في استرداد البنك عنوة، نجح القنصل الروسي في الأستانة ماكسيموف في عقد تسوية بين الحكومة العثمانية الطاشناقيين تم علي أثرها إخلاء البنك وترحيلهم إلي فرنسا ووعدهم بالتدخل الدول الأوربية لحل القضية الأرمنية . وفي مقابل هذا ، ثأر السلطان بتنظيم مذبحة ضد الأرمن العزل في شوارع الأستانة . إذ بمجرد الاستيلاء علي البنك وقبل وصول الشرطة إلي مسرح الأحداث ، ظهرت جماعة تركية في شوارع الأستانة للاعتداء علي الأرمن ؛ بعضهم من القطاعات الأكثر جهلا والأيسر استثارة من الشعب ، بينما كان بعضهم الآخر من المتطرفين . ولم تكن أغلبية الأرمن القتلى من الثوار أو الرأسماليين، بل كان معظمهم من العمال الفقراء المهاجرين إلي الأستانة من ولاية سيواس التي أضحت غير صالحة للسكني . كما ان الأرمن أبيدوا كلية في حي قاسم باشا. ولم تتوقف المذابح ضد الأرمن إلا عندما ترامت الأخبار إلي الباب العالي بأن الغواصات البريطانية قد تحركت ل" حماية البريطانيين" .
.....................
مصادر المقال
1- د. أحمد نور النعيمي: الدولة العثمانية واليهود، الدار العربية للموسوعات، بيروت، 2006 .
2- عبد الحميد الثاني: مذكرات، ترجمة : د. محمد حرب، كتاب الهلال، القاهرة ، 1985.
3- عبد العزيز الشناوي : الدولة العثمانية – دولة مفتري عليها، أربعة أجزاء، مكتبة الانجلو المصرية، القاهرة ، 2004 .
4- 4- علي محمد الصلابي: الدولة العثمانية – عوامل النهوض وأسباب السقوط ، دار الفجر للتراث ، القاهرة، 2004.
5- د . محمد رفعت الإمام: القضية الأرمنية في الدولة العثمانية 1878 1923 ، القاهرة ، 2002 .
6- --------- : الأرمن والغرب والإسلام – جناة وضحايا ومتهمون، مركز الدراسات الأرمنية – كلية الآداب- جامعة القاهرة ن 2008 .

عطا درغام
Admin

عدد المساهمات : 923
تاريخ التسجيل : 24/04/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى