ردفعل لا فاعل
صفحة 1 من اصل 1
ردفعل لا فاعل
رد فعل لا فاعل
د محمد رفعت الأمام
في 12 يناير 1951 دخات اتفاقية منع إبادة الجنس والعقاب علي اقترافها حيز التنفيذ بعدان أعلنتها الأمم المتحدة في 9 ديسمبر 1948 م لكن ظلت نصوص الاتفاقية ميتة علي مدي نصف قرن عندما تبنت تنفيذها المحكمة الجنائية الدولية لرواندا عام 1998 في أول سابقة قضائية جنائية دولية .وجدير بالذكر أن إبادة الجنس تمثل جريمة دع عنك أنها أخطرضد الإنسانية وتتميز عنها بالدافع من وراء اقترافها.
ولذا توصف علي نحو دقيق بأنها جريمة الجرائم ومن المفارقات أن المجتمع الدولي اقل حساسية أمام مقتل آلاف البشر في مقابل حساسية أكبر لمجرد قتل شخص ما .ولا غرو أن يمتد هذا التناقض إلي البساط العلمي.فمع أن الظاهرة الإبادية جعلت من القرن العشرين قرنا دمويا غير مسبوق ،إلا أن المعرفة الإبادية لازالت في طور التكوين ورهينة التطور والجدل بدءا من تحديد المفاهيم والاطر مرورا بالمناهج وانتهاء بالتنظير.وهكذا لا يتناسب حجم الاهتمام العلمي بل والسياسي والإعلامي بجريمة إبادة الجنس،مع ماتشكله من تهديد حقيقي لمصير الإنسانية.وجدير بالذكر ان المدونات التاريخية تكتظ بوقائع عديدة لأفعال عنيفة دموية جماعية ناجمة عن الحروب والصراعات الإثنية والنزاعات الدينية ،ولكن مع بزوغ دول القوميات الحديثة ،طرأت عوامل جديدة ميزت الظاهرة الإبادية في القرن العشرين عما سبقه.إذ تمت تحت ظروف من القدرات النافذة الممتدة للنخب المتطرفة الحاكمة بما تملكه من وسائل فريدى للآداء الإبادي :الدوافع الإيدلوجية ،الكفاءة البيروقراطية،القراءة التكنولوجية،التخطيط،البرمجة،التوقيت،التنظيم،التنفيذ..إلخ،ولذا فإن توافر الأبعاد السياسية والتكنولوجية والتنظيمية جعلت الظاهرة الإبادية في القرن العشرين متمايزة كما وكيفا عن مثيلاتها قبل هذا القرن.
هذا وقد شهد القرن العشرون عدة غبادات عديدة نذكر منها علي سبيل المثال لا الحصر:الأرمن في الدولة العثمانية 1894-1922،الهولوكوست النازيالذي راح ضحيتها اليهود والشيوعيون والسلاف والغجر والشواذ والمعاقين بين عامي 1933-1945 نوهي الحالة المرجعية الأم التي صيغ من أجلها المفهوم التقني الاصطلاحي لجريمة (إبادة الجنس)،الإبادة الكمبودية علي أيدي الخمير الحمر مابين عامي 1975-1979،الإبادة الرواندية عام 1994 التي شهدت هلاك التوتسي علي أيدي الهوتو .أما مصير حوالي 200 ألف مسلم وكرواتي وصربي راحوا ضحية الحرب الأهلية في البوسنة بين عامي 1992-1995 ،فلا زال حائرا بين تصنيفي (التطهير الإثني)و(إبادة الجنس)ورغم الطبيعة العقابية لاتفاقية (إبادة الجنس)لعام1948 إلا أنها ظلت ميتة عمليا علي مايربو من نصف قرن حين تأسست محكمتي يوغوسلافيا(السابقة)ورواندا المؤقتتين .ونجح كثير من المسئولين عن ممارسات إبادية منظمة من الإفلات من العقاب.ولا تزال الجهود المبذولة لتقديم قيادة الخمير الحمر ااعدالة بطيئة غير وافية.
ومع أن علم الإبادة(الضحايا)لم يتأصل مفاهيميا ودراسيا حتي الآن علي المستوي الدولي.فهذا العلم غائب تماما عن الذاكرة العربية.وفي تقديري أنه باستقراء المشهد العالمي الراهن،وموقع العرب فيه ،لقد آن الأوان لوضع (الإباديات)تحت المجاهر العلمية والسياسية والإعلامية العربية ،إذ أضحي آلاف العراقيين.وربما السودانيين ،والصوماليين ،والليبيين،والسوريين،علي شفا الخفرة الإبادية إثر الحرب الامريكية ضد مايسمي ب(الإرهاب الدولي).ولكن لماذا نتطلع إلي ضحايا المستقبل ؟فالاجدر أن ننظر تحت أقدامنا لنري بأمهات أعيننا (الفلسينوسيد),أول إبادة عربية تقترفها إسرائيل ضد الفلسطينيين علي أرض فلسطين المحتلة.
والسؤال هنا,مالذي ينقص الحالة الفلسطينية كي نعترف الأمم المتحدة بانها (إبادة جنس)؟هل قتل أعضاء الجماعة الفلسطينية ؟أم إلحاق الأضرار الجسدية والمعنوية البالغة بهم؟أم الإساءة المتعمدة إلي ظروف حياتهم المعيشية ؟أم فرض الإجراءات التي تمنع التكاثر داخل الجماعة الفلسطينية؟ناهيك ان الفلسطينيين يتباينون تماما عن الإسرائيليين إثنيا ودينيا وقوميا وجنسيا.وحتي (التعمد الجنائي)الذي يميز جريمة (إبادة الجنس)عن الجرائم الأخري ضد الإنسانية،فلا تحتاج الحالة الفلسطينية إلي وثاق أو إسنادات ،بل تكفي المتابعة اليومية للنشرات الإخبارية(الرسمية).
ورغم أن الجماعة الدولية تعتبر جريمة(إبادة الجنس)من أخطر الجرائم ضد الإنسانية وتهدد فعليا أمنها وسلامتها ،ورغم تكرار الحالات الإبادية ،فلا توجد إجراءات رادعة لهذه الجريمة أو حتي الوقاية منها وباستطلاع المشهد العالمي يمكن تكوين الصورة الآتية:عدم استقرار انساق الدول القومية في خط متواز مع أزمات مجتمعية واقتصادية حادة،اصطباغ الصراعات الدولية بالطابع الديني،هيمنة أحادية –أمريكية تحديدا –علي الدفة الدولية يواكبها سلبية دولية عدا حالات أصبعية نادرة من الاتحاد الأوروبي،ميوعة مواقف الأمم المتحدة ،والأسوأ صراع الإثنيات الرهيب علي امتداد العالم تقريبا.وبذا فغن القرن الحادي والعشرين مهددفعليا ليس بالصراعات الإثنية فخسب،بل بتكريس الإثنيات الأحادية المتطرفة التي سوف تختزل في (الإبادة الجماعية .ولا ريب بأن النزوع صوب المجابهات الإثنية ،بل وحتي الاستقطاب الإثني،يوسع بإطراد الاحتمالية الإبادية.
ولذا يجب أن تتكاتف جهود الاسرة الدولية كي تتفادي الإنزلاق في أتون كارثة(إبادة الجنس)وهلاك ملايين البشر علي أيدي جيرانهم وبني جلدتهم أمام أرجحية المصالح السياسية علي الاعتبارات الإنسانية .دع عنك أن الوقاية الإبادية يجب أن تتبوأ أولوية عالمية،إذ انها لا تقل ضراوة علي البشرية من الحرب النووية
د محمد رفعت الأمام
في 12 يناير 1951 دخات اتفاقية منع إبادة الجنس والعقاب علي اقترافها حيز التنفيذ بعدان أعلنتها الأمم المتحدة في 9 ديسمبر 1948 م لكن ظلت نصوص الاتفاقية ميتة علي مدي نصف قرن عندما تبنت تنفيذها المحكمة الجنائية الدولية لرواندا عام 1998 في أول سابقة قضائية جنائية دولية .وجدير بالذكر أن إبادة الجنس تمثل جريمة دع عنك أنها أخطرضد الإنسانية وتتميز عنها بالدافع من وراء اقترافها.
ولذا توصف علي نحو دقيق بأنها جريمة الجرائم ومن المفارقات أن المجتمع الدولي اقل حساسية أمام مقتل آلاف البشر في مقابل حساسية أكبر لمجرد قتل شخص ما .ولا غرو أن يمتد هذا التناقض إلي البساط العلمي.فمع أن الظاهرة الإبادية جعلت من القرن العشرين قرنا دمويا غير مسبوق ،إلا أن المعرفة الإبادية لازالت في طور التكوين ورهينة التطور والجدل بدءا من تحديد المفاهيم والاطر مرورا بالمناهج وانتهاء بالتنظير.وهكذا لا يتناسب حجم الاهتمام العلمي بل والسياسي والإعلامي بجريمة إبادة الجنس،مع ماتشكله من تهديد حقيقي لمصير الإنسانية.وجدير بالذكر ان المدونات التاريخية تكتظ بوقائع عديدة لأفعال عنيفة دموية جماعية ناجمة عن الحروب والصراعات الإثنية والنزاعات الدينية ،ولكن مع بزوغ دول القوميات الحديثة ،طرأت عوامل جديدة ميزت الظاهرة الإبادية في القرن العشرين عما سبقه.إذ تمت تحت ظروف من القدرات النافذة الممتدة للنخب المتطرفة الحاكمة بما تملكه من وسائل فريدى للآداء الإبادي :الدوافع الإيدلوجية ،الكفاءة البيروقراطية،القراءة التكنولوجية،التخطيط،البرمجة،التوقيت،التنظيم،التنفيذ..إلخ،ولذا فإن توافر الأبعاد السياسية والتكنولوجية والتنظيمية جعلت الظاهرة الإبادية في القرن العشرين متمايزة كما وكيفا عن مثيلاتها قبل هذا القرن.
هذا وقد شهد القرن العشرون عدة غبادات عديدة نذكر منها علي سبيل المثال لا الحصر:الأرمن في الدولة العثمانية 1894-1922،الهولوكوست النازيالذي راح ضحيتها اليهود والشيوعيون والسلاف والغجر والشواذ والمعاقين بين عامي 1933-1945 نوهي الحالة المرجعية الأم التي صيغ من أجلها المفهوم التقني الاصطلاحي لجريمة (إبادة الجنس)،الإبادة الكمبودية علي أيدي الخمير الحمر مابين عامي 1975-1979،الإبادة الرواندية عام 1994 التي شهدت هلاك التوتسي علي أيدي الهوتو .أما مصير حوالي 200 ألف مسلم وكرواتي وصربي راحوا ضحية الحرب الأهلية في البوسنة بين عامي 1992-1995 ،فلا زال حائرا بين تصنيفي (التطهير الإثني)و(إبادة الجنس)ورغم الطبيعة العقابية لاتفاقية (إبادة الجنس)لعام1948 إلا أنها ظلت ميتة عمليا علي مايربو من نصف قرن حين تأسست محكمتي يوغوسلافيا(السابقة)ورواندا المؤقتتين .ونجح كثير من المسئولين عن ممارسات إبادية منظمة من الإفلات من العقاب.ولا تزال الجهود المبذولة لتقديم قيادة الخمير الحمر ااعدالة بطيئة غير وافية.
ومع أن علم الإبادة(الضحايا)لم يتأصل مفاهيميا ودراسيا حتي الآن علي المستوي الدولي.فهذا العلم غائب تماما عن الذاكرة العربية.وفي تقديري أنه باستقراء المشهد العالمي الراهن،وموقع العرب فيه ،لقد آن الأوان لوضع (الإباديات)تحت المجاهر العلمية والسياسية والإعلامية العربية ،إذ أضحي آلاف العراقيين.وربما السودانيين ،والصوماليين ،والليبيين،والسوريين،علي شفا الخفرة الإبادية إثر الحرب الامريكية ضد مايسمي ب(الإرهاب الدولي).ولكن لماذا نتطلع إلي ضحايا المستقبل ؟فالاجدر أن ننظر تحت أقدامنا لنري بأمهات أعيننا (الفلسينوسيد),أول إبادة عربية تقترفها إسرائيل ضد الفلسطينيين علي أرض فلسطين المحتلة.
والسؤال هنا,مالذي ينقص الحالة الفلسطينية كي نعترف الأمم المتحدة بانها (إبادة جنس)؟هل قتل أعضاء الجماعة الفلسطينية ؟أم إلحاق الأضرار الجسدية والمعنوية البالغة بهم؟أم الإساءة المتعمدة إلي ظروف حياتهم المعيشية ؟أم فرض الإجراءات التي تمنع التكاثر داخل الجماعة الفلسطينية؟ناهيك ان الفلسطينيين يتباينون تماما عن الإسرائيليين إثنيا ودينيا وقوميا وجنسيا.وحتي (التعمد الجنائي)الذي يميز جريمة (إبادة الجنس)عن الجرائم الأخري ضد الإنسانية،فلا تحتاج الحالة الفلسطينية إلي وثاق أو إسنادات ،بل تكفي المتابعة اليومية للنشرات الإخبارية(الرسمية).
ورغم أن الجماعة الدولية تعتبر جريمة(إبادة الجنس)من أخطر الجرائم ضد الإنسانية وتهدد فعليا أمنها وسلامتها ،ورغم تكرار الحالات الإبادية ،فلا توجد إجراءات رادعة لهذه الجريمة أو حتي الوقاية منها وباستطلاع المشهد العالمي يمكن تكوين الصورة الآتية:عدم استقرار انساق الدول القومية في خط متواز مع أزمات مجتمعية واقتصادية حادة،اصطباغ الصراعات الدولية بالطابع الديني،هيمنة أحادية –أمريكية تحديدا –علي الدفة الدولية يواكبها سلبية دولية عدا حالات أصبعية نادرة من الاتحاد الأوروبي،ميوعة مواقف الأمم المتحدة ،والأسوأ صراع الإثنيات الرهيب علي امتداد العالم تقريبا.وبذا فغن القرن الحادي والعشرين مهددفعليا ليس بالصراعات الإثنية فخسب،بل بتكريس الإثنيات الأحادية المتطرفة التي سوف تختزل في (الإبادة الجماعية .ولا ريب بأن النزوع صوب المجابهات الإثنية ،بل وحتي الاستقطاب الإثني،يوسع بإطراد الاحتمالية الإبادية.
ولذا يجب أن تتكاتف جهود الاسرة الدولية كي تتفادي الإنزلاق في أتون كارثة(إبادة الجنس)وهلاك ملايين البشر علي أيدي جيرانهم وبني جلدتهم أمام أرجحية المصالح السياسية علي الاعتبارات الإنسانية .دع عنك أن الوقاية الإبادية يجب أن تتبوأ أولوية عالمية،إذ انها لا تقل ضراوة علي البشرية من الحرب النووية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء 8 سبتمبر 2020 - 19:40 من طرف عطا درغام
» نادر المشد..زارع الألغام في حرب النصر
الجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:41 من طرف عطا درغام
» محمد أبو النور سماحة...صانع كباري النصر
الجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:38 من طرف عطا درغام
» معروف طويلة.... رجل من زمن تصنع فيه الشدة الرجال
الجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:35 من طرف عطا درغام
» يوم خيم الظلام بسواده علي القرية
الجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:26 من طرف عطا درغام
» ديسمبر الأسود في جديدة المنزلة
الجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:22 من طرف عطا درغام
» الكوليرا في جديدة المنزلة عام 1947 وفصل من تاريخ مآسي القرية في عصور الأوبئة
الجمعة 23 أغسطس 2019 - 0:21 من طرف عطا درغام
» يوسف ضبيع ... العمدة الشعبي لجديدة المنزلة
الخميس 20 يونيو 2019 - 21:11 من طرف Admin
» تاريخ الثقافة في جديدة المنزلة
الإثنين 17 يونيو 2019 - 20:32 من طرف Admin
» مفردات رمضان في جديدة المنزلة
الإثنين 17 يونيو 2019 - 20:31 من طرف Admin